أجابت دار الإفتاء: البورصة ما هى إلا سوق للأوراق المالية والمعاملات التجارية، والتعامل فيها بشراء أسهم الشركات التى تتعامل فيما أحله الله تعالى أو بيعها جائزٌ شرعًا، بشرط أن يكون الشراء أو البيع بقصد المشاركة فى التجارة أو الصناعة، أما إذا كان بقصد المضاربة على هذه الأسهم لإفساد الواقع المالى لهذه الأسهم والتدليس على جمهور المتعاملين فلا يجوز شرعًا، لأن فيه نوعا من المقامرة، وإخلالًا بالأسعار الواقعية لهذه المؤسسات المالية والتجارية. وتخرج الزكاة عن الأسهم إذا حال عليها الحَوْل وبلغت قيمتها السوقية النِّصاب وقت بداية الحَوْل القمرى وكانت فى نهاية الحَوْل تساوى نِصابًا أو أكثر، وذلك إذا كانت الشركات تجارية، أما إن كانت صناعية أو إنتاجية أو خِدمِيَّة فلا زكاة فيها. • ما أثر الزواج على الحقوق المالية للزوجين وشرعية استقلال الذمة المالية للزوج عن الذمة المالية للزوجة طبقًا للشريعة الإسلامية؟ أجابت دار الإفتاء: إن للزوج ذمةً مالية مستقلة عن زوجته، وللزوجة كذلك ذمة مالية مستقلة عن زوجها، لقول النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «كلُّ أَحَدٍ أَحَقُّ بماله مِن والدِه ووَلَدِه والناسِ أَجمَعِينَ». فهذا الحديث يقرر أصل إطلاق تَصَرُّف الإنسان فى ماله. ولا يترتب على الزواج فى الشريعة الإسلامية اندماج مالية أحد الزوجين مع الآخر، سواء الأموال السائلة أو العقارات أو الأسهم وغير ذلك من صور المال المختلفة، ولا يحق للزوج أو للزوجة بموجب عقد الزواج فى الإسلام أن يتحكم فى تصرفات زوجته أو زوجها المالية، ولا يعطى الشرع حقًّا لأحدهما على الآخر فى التصرفات المالية فوق ما يجب على الزوج لزوجته من مهر، لقوله تعالي: «وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً» [النساء: 4] أى فريضة واجبة، وكذلك ما يجب عليه من النفقة لها ولأولاده منها، وفوق ما يجب عليه لها فى حال الطلاق من نفقة العدة، ونفقة الحضانة إن كانت حاضنة، وكذلك المتعة فى بعض أحوال الطلاق، وفوق ما يجب عليها له فى حال الخلع إن طلبت هى الطلاق من غير أن يكون قد أضرَّ بها فى شيء. فذمَّة الزوج المالية منفصلة عن ذِمَّة الزوجة تمامًا، ولا تأثير لعقد الزواج على ذمَّتَى الزوجَين المالية بالاندماج الكلى أو الجزئي. ويجوز للزوجة إعطاء الزوج من زكاة مالها إن كان الزوج مستحقًّا الزكاة، ويدخل فى أصناف الزكاة الثمانية المستحقين للزكاة، كما يجوز للزوجة المساهمة فى نفقات منزل الزوجية من باب الفضل لا من باب الفرض. • هل تجوز قراءة الفاتحة عند عقد الزواج أم لا؟ أجابت دار الإفتاء: نعم يجوز قراءة الفاتحة عند عقد الزواج، بل ويستحب ذلك تبركًا وتيمنًا بها، لاتفاق علماء المسلمين سلفًا وخلفًا على استحباب قراءتها فى إنجاح المقاصد وقضاء الحوائج وتيسير الأمور وإجابة الدعاء وغير ذلك من الأمور الدنيوية والأخروية، وعلى ذلك جرى عمل المسلمين عبر العصور، ودلت النصوص الشرعية على أن فيها من الخصوصية ما ليس فى غيرها؛ فالله تعالى يقول: «وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِى وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ» [الحجر: 87]، والنبى صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «أُمُّ الْقُرْآنِ عِوَضٌ مِنْ غَيْرِهَا، وَلَيْسَ غَيْرُهَا مِنْهَا عِوَضٌ»، وفى حديث آخر يقول: «يَا جَابِرُ، أُخْبِرُكَ بِخَيْرِ سُورَةٍ نَزَلَتْ فِى الْقُرْآنِ؟» قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «فَاتِحَةُ الْكِتَابِ»، قال راوى الحديث: وأحسبه قال: «فِيَها شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ». ما حكم المصافحة بعد السلام بين المأمومين؟ أجابت دار الإفتاء: المصافحة مشروعة بأصلها فى الشرع الشريف، وإيقاعها عقب الصلاة لا يخرجها من هذه المشروعيِّة، فهى مباحة ومندوب إليها عند جمهور العلماء؛ وقد ثبت عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم مصافحة الصحابة الكرام له وأخذهم بيديه الشريفتين بعد الصلاة فى بعض الوقائع؛ منها ما رواه البخارى عن أَبى جُحَيفةَ رضى الله عنه قال: «خَرَجَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم بالهاجِرةِ إلى البَطحاءِ، فتَوَضَّأَ، ثُم صلَّى الظُّهرَ رَكعَتَينِ والعَصرَ رَكعَتَينِ وبينَ يَدَيهِ عَنَزةٌ، وقامَ النَّاسُ فجَعَلُوا يَأخُذُونَ يَدَيه فيَمسَحُونَ بها وُجُوهَهم». قَالَ أبو جُحَيفةَ: «فأَخَذتُ بيَدِه فوَضَعتُها على وَجهِى فإذا هى أَبرَدُ مِن الثَّلجِ وأَطيَبُ رائِحةً مِن المِسكِ».