◄ العلماء : وقف البناء بالمناطق المنخفضة ومصدات الأمواج من احتياطات المواجهة ◄ مطلوب خريطة طبوغرافية لتحديد المناطق المعرضة للغرق الحكم النهائى لابد أن يكون للدراسات العلمية فى أى قضية مثار أقاويل وشائعات ، وهذا ما يجب العمل به تجاه ما يتردد عن «توقعات غرق عروس البحر المتوسط بنهاية القرن الحالى بسبب التغيرات المناخية»، فالعلماء يجزمون بأن الدراسات تؤكد بالفعل أن هناك ارتفاعا سيحدث فى مستوى سطح البحر، ولكن لن يحدث كما يشاع غرق للإسكندرية ولن تمحى من الخريطة. «تحقيقات الأهرام» لجأت إلى أهل العلم من خبراء البيئة وأساتذة علوم الأرض لتوضيح الحقائق حول مايتردد على بعض مواقع التواصل الاجتماعى من إطلاق الصرخات لإنقاذالإسكندرية قبل فوات الأوان و قبل غرقها بسبب التهديد البيئى الذى تتعرض له عشرات المدن الساحلية فى العالم نتيجة التغيرات المناخية. الدكتور أيمن عبد المنعم الجمل، نائب مدير معهد بحوث الشواطئ بالإسكندرية يطرح الحقائق العلمية قائلا: إنه لابد أن نوضح أن التغيرات المناخية تحدث على مستوى العالم وليس فى مصر فقط، ومن نتائجها ارتفاع درجة الحرارة نتيجة الغازات « مثل ثانى أكسيد الكربون» الناتجة عن الثورة الصناعية والنشاط الإنساني، وهذا الأمر يؤدى إلى ظهور طبقة تحبس أشعة الشمس لمدة أطول فى الكرة الأرضية مما يسهم فى ارتفاع درجة الحرارة. ومن التغيرات أيضا زيادة ارتفاع سطح المياه نتيجة ذوبان بعض جبال الثلوج الموجودة فى شمال الكرة الأرضية أو جنوبها مما يترتب عليه زيادة كمية المياه الموجودة على سطح الأرض ككل وارتفاع درجة الحرارة بسبب تمدد المياه وزيادة حجمها وثبت علميا أن ارتفاع مستوى سطح البحر عالميا يقدر بقيمة 1٫8 ملليمتر سنويا، كما أن ارتفاع درجة الحرارة يؤدى إلى تغير نوعية المياه الساحلية، وهنا يتطلب الأمر حساب مدى ارتفاع سطح البحر، وهو يحتاج إلى دراستين الأولى أجهزة قياس المد والجزر والثانية قياس مدى هبوط الأرض فى المدن الساحلية..وفى معهد بحوث الشواطئ لدينا أجهزة متقدمة لقياس ارتفاع سطح الماء دوريا، وقد لاحظنا أنه خلال (30) سنة ارتفع سطح البحر بمعدل (6) سم، وهو ما يثبت خطأ القول الشائع بأن «معدل ارتفاع مستوى سطح البحر يتضاعف سنويا مما يعجل بغرق الدلتا»، فالحقيقة العلمية تؤكد أن زيادة ارتفاع مستوى سطح البحر لاتتضاعف، بل تزداد بمعدلات طفيفة سنويا، فدراسة معهد بحوث الشواطئ أثبتت أنه فى عام 2025 سيكون معدل الزيادة 4سم وفى عام 2050 تصبح 8سم وفى عام 2075 ستكون 12سم أما فى عام 2100 فستكون 16 سم وهذه الأرقام تؤكد عدم تعرض الإسكندرية للغرق. التغير المناخى حقيقة ويستطرد قائلا: إننا لاننكر حدوث تغير فى المناخ ونقوم بدراسته من ثلاثة أوجه، الأول....تحديد الأماكن الهشة التى تتأثر بالتغير المناخى وقد وجدنا أن منطقة المندره شرق الإسكندرية إحدى المناطق المنخفضة وسهلة التأثر، والوجه الثانى يتعلق بالتكيف مع الظاهرة بمراجعة المبانى المرتفعة التى تقع على ساحل البحر مباشرة مع عمل مصدات للأمواج بمختلف أشكالها ورفع كفاءة الطرق الساحلية، والوجه الثالث يتمثل فى كيفية تقليل الأسباب التى أدت إلى التغير المناخى مثل غاز ثانى أكسيد الكربون وينبه إلى أن هناك احتياطات يجب اتخاذها حيال ارتفاع سطح البحر من أجل حماية الإسكندرية تتمثل فى أمرين: الأول عند تصميم المبانى والمنشآت الحديثة لابد من الابتعاد عن البحرواختيار مواقع مرتفعة عن سطحه أما الأمر الآخر فيتعلق بالمنشآت والمبانى القائمة بالفعل، وهذه المشكلة تتطلب ضرورة وضع حواجز أمام البحر لحماية المنطقة الساحلية وما عليها، وهناك مشروع بمعهد بحوث الشواطئ بالتعاون مع المنشأة البيئية العالمية يتعلق بالتكيف مع التغيرات المناخية من خلال عمل عدة نماذج للتكيف على أرض الواقع بالقرب من ساحل البرلس ودراسة إدخال أنواع حديثة من الحمايات لمجابهة التغير المناخي الإسكندرية ستظل قائمة ويؤكد الدكتور محمد الراعي، أستاذ الدراسات البيئية والاستشعار عن بعد بجامعة الإسكندرية أن النماذج الرياضية والبيئية تؤكد أن الإسكندرية ضمن (25) مدينة ساحلية بالعالم مهددة بالغرق ولكنها قائمة إلى حوالى عام 2100 وما بعده، وأن غرق الدلتا سيكون مقصورا على مناطق محددة غرب وشرق الدلتا مثل منطقة جنوب أبو قير وحول بحيرة البرلس وكذلك بورسعيد. وعما يشاع من التهديد البيئى بغرق الإسكندرية يقول إنه فى عام 1992 أجريت دراسات متعلقة بارتفاع سطح البحر وتأثيره عليها ، وأكدت أن هناك مناطق معرضة للخطورة مثل المنتزه والمندرة وجنوب أبى قير، ويمكن حمايتها بوضع مصدات تحت الماء تعمل على كسر قوة الأمواج، وعمل حماية من الموجات الحادة التى تنتج عن ارتفاع درجة الحرارة وبالتالى ارتفاع سطح البحر، وارتفاع ترددات الأمواج والتى تؤدى إلى تهديد بغرق بعض المناطق بالإسكندرية. ويوضح أن مواجهة هذا الأمر تكون بحماية المناطق المنخفضة برفعها ووضع المصدات ومنع البناء عليها تجنبا لحدوث أي كوارث بيئية، كما يجب تقليل استهلاك الطاقة والمياه، لأنهما من أسباب ارتفاع درجة الحرارة، وبالتالى ارتفاع سطح البحر، كما يجب تعلية مستوى سطح البحر فى بعض المناطق بإنشاء «جزر» وزراعتها بالأشجار، حتى تكون «مصدات طبيعية» فى حالة تعرض الإسكندرية لموجات شديدة، فلا تصل مياه البحر لليابس وفى حالة وصولها تكون قد فقدت قدرتها على اجتياح المناطق السكنية خاصة المنخفضة السيناريوهات البيئية العالمية ومن الولاياتالمتحدةالأمريكية يؤكد العالم المصرى الدكتور هشام العسكرى أستاذ نظم علوم الأرض والاستشعار عن بعد بجامعة تشابمان الأمريكية أن السيناريوهات البيئية العالمية تتوقع زيادة فى درجات الحرارة بمقدار يتراوح بين 1و 6 درجات بحلول عام 2100 وطالب بضرورة عمل خريطة طبوغرافية تحدد لنا بدقة متناهية المناطق المعرضة للغرق حتى نهاية هذا القرن لتساعدنا على وضع الحلول العلمية المطلوبة لمواجهة التهديد البيئى الذى تتعرض له المدن الساحلية ومنها الإسكندرية.