كانت كلية الطب قديما تجمع الخريجين الجدد لتسليمهم شهادات التخرج، وفى كل اجتماع يردد الخريجون قسم «عهد الأطباء» قبل تسليم شهادة التخرج لهم، وهذا القسم أنقله لكم من كتيب «يوم الخريجين» الصادر يوم الخميس 20 يونيو سنة 1968 والذى مازلت أحتفظ به، وهو كالآتي: (أقسم بالله العظيم أن أكون أمينا حريصا على الشرف والبر والصلاح فى مزاولة صناعة الطب، وأن أسعف الفقراء مجانا ولا أطلب أجرة تزيد على أجرة عملي... إلخ).وما زلت أذكر أستاذى بكلية طب الإسكندرية: (الدكتور أحمد فؤاد العريني) رئيس قسم الجلدية، فبعد تخرجى أخذت له والدتى سنة 1969 فى عيادته بمحطة الرمل بالإسكندرية ليعالجها، ودفعت الكشف جنيهين للتومرجي، ودخلت له مع والدتى ووجدنى أشرح له ما تعانيه والدتى باللغة الإنجليزية وبأسلوب علمي، فسألنى (إنت بتشتغل إيه؟)، فقلت له أنا خريج كلية طب الإسكندرية وأحد تلاميذك)... فنادى على التومرجى وأمره أن يرد لى قيمة الكشف وهو يقول لى (عيب... ما تعملش كده تاني)، وكذلك أستاذى فى الأمراض الباطنية الدكتور محمد لطفى عبد اللطيف عندما أخذت له خالى المريض بالتهاب كبدى فيروسى سنة 1964 رفض أخذ أى مبلغ من المال منا، وأدخله فى مستشفى الأزاريطة الجامعى فى غرفة قريبة من مكتبه بكلية الطب التى كانت بجوار ذلك المستشفى لرعايته بنفسه لعدة شهور دون أخذ أى أتعاب منا. كان ذلك قديما، وقل للزمان ارجع يا زمان، فلم يعد هناك حاليا أحد من الأطباء سواء كانوا أساتذة فى كليات الطب أو أقل من ذلك يتغاضى عن طلب مئات أو آلاف الجنيهات بدون أى تخفيض مقابل قيامه بعمله لمريض ينتمى هو أو أحد أفراد أسرته لمهنة الطب، فعندما توجهت لأحد كبار الأطباء لإجراء عملية استئصال سرطان لقريبة لى مشتركة فى مشروع العلاج بنقابة الأطباء، طلب منى ثمانية آلاف جنيه إضافية أسلمها له شخصيا قبل إجراء العملية بعيدا عن حسابات المستشفى المخفض الذى سيجرى فيه العملية حسب تسعيرة مشروع العلاج بنقابة الأطباء والذى يحدد المبلغ الذى سيأخذونه منا.. وأخيرا توجهت بزوجتى المريضة لعيادة أحد أساتذة كلية الطب للكشف عليها، فطالبنى السكرتير فى عيادته بثلاثمائة جنيه أجرة الكشف، فقلت له (ولكنى أنا وأسرتى مشتركون فى مشروع العلاج التابع لنقابة الأطباء حيث الكشف على المشتركين فى المشروع هو 80 جنيها فقط)، فقال السكرتير (الدكتور انسحب من جميع مشاريع العلاج التابع لجميع النقابات)، وبالتالى فليس هناك أى تخفيض فى قيمة الكشف. وإنى أتساءل: (أين نقابة الأطباء ووزارة الصحة والمسئولون عن الشعب؟، وهل يدفع هؤلاء الأطباء ضرائب على دخلهم الذى يصل إلى ملايين الجنيهات سنويا؟)..إننى أقترح على البرلمان إصدار قوانين تشمل الآتي: 1 تحديد الحد الأقصى لقيمة الكشف الطبى لجميع الأطباء سواء كان المريض يتبع إحدى النقابات أو لا يتبع أى نقابة. 2 تحديد قيمة مصاريف العمليات الجراحية فى المستشفيات الخاصة والعامة. 3 أن يأخذ كل مريض إيصالا بما دفعه لكل طبيب أو لكل مستشفى إجباريا، ومن يرفض أو يتلاعب بعدم إعطاء هذا الإيصال للمريض يتم توقيع غرامة عليه وإغلاق العيادة أو المستشفى لفترة تحددها النقابة. 4 أن يقوم كل طبيب ومستشفى عام أو خاص بتسليم صورة من هذا الإيصال لمصلحة الضرائب، ومن يتلاعب يتم عقابه، والرأى النهائى للمسئولين من ذوى القلوب الرحيمة. د. محمد شميس الريس بالمعاش