تابعت فضائح التحرش بنجمات السينما العالمية واتهامهن بعض صناع السينما فى هوليوود من منتجين ومخرجين بممارسات غير أخلاقية ضدهن لإبقائهن نجمات فى أفلامهم، وكذلك فضائح السياسيين ومنها: استقالة وزيرين كنديين إثر اتهامات بفعل سلوك مخل بالآداب تجاه امرأتين، وعلق رئيس مجلس الوزراء «جاستن ترودو» بقوله: «التحرش أيا كان نوعه غير مقبول، ومن حق الكنديين العيش والعمل فى مناخ خال من التحرش»، وكذلك استقالة الملياردير الأمريكى قطب الفنادق الأمريكية «ستيف وين» من منصب المدير المالى فى اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري، لتحرشه بإحدى المعالجات بالتدليك، ونتذكر حادثة تحرش «بيل كلينتون» الشهيرة، وهو الأمر اللافت للانتباه نظرا لطبيعة تلك المجتمعات المنفتحة قانونيا وثقافيا على شروط وقواعد تلك العلاقات الخاصة بلا تحرش أو إكراه. «التحرش» هو مُضايقة تتضمن مجموعة من الانتهاكات البسيطة وصولا إلى الفعل المشين، ويعتبر عملا غير أخلاقى يدل على إصابة فاعله بمرض نفسي، وهو أحد أشكال الإيذاء الجسدى والاستئساد على الغير، ويعرّف المركز المصرى لحقوق المرأة التحرش بأنه «كل سلوك غير لائق له طبيعة جنسية يضايق المرأة أو يعطيها إحساسا بعدم الأمان، وأنه يحمل أى صيغة من الكلمات غير المرحب بها، أو الأفعال ذات الطابع الجنسى والتى تنتهك جسد أو خصوصية أو مشاعر شخص ما، وتجعله يشعر بعدم الارتياح، أو التهديد، أو عدم الأمان، أو الخوف، أو عدم الاحترام، أو الترويع، أو الإهانة، أو الإساءة، أو الترهيب، أو الانتهاك أو أنه مجرد جسد». و«القاهرة» مثل «هوليوود»، فهى أول وأهم واجهة سينمائية وغنائية وفنية عربيا وإقليميا، وقد جمعت السينما المصرية كثيرا من الفنانين من مختلف الجنسات والأديان بثقافاتهم المختلفة إلى الآن، فنجد «عبد السلام النابلسي» وأصله فلسطيني، و«صباح» و«أسمهان» و«فريد الأطرش» من لبنان، و«ليلى مراد» يهودية تزوجت من «أنور وجدي» وأعلنت إسلامها عام 1946م ورفضت التهديدات لتهاجر إلى فلسطين، وفضّلت البقاء فى مصر حتى وفاتها عام 1995م، وغيرهم، وبحثت عن حوادث تحرش فى تاريخ السينما المصرية وكذلك لدى السياسيين فلم أجد، وكان الأمر كله يتعلق بالزواج والطلاق المتكررين، وكان بعضه فى السر ثم تم الكشف عنه، وظل البعض الآخر سرا إلى الآن وعلينا الآن «إغلاق الباب» فى ظل موجة الأفلام والأغانى الخادشة للحياء التى تنتشر الآن وصدرت فى حقها أحكام سريعة رادعة، وذلك بمجموعة من الإجراءات من جانب النقابات المهنية وأكاديمية الفنون والرقابة على المصنفات الفنية وأصحاب الخبرات السينمائية الطويلة الذين يدرون بخبايا الأمور، ومنها التدقيق فى موهبة من يريد الالتحاق بأى عمل فني، والتصريح الفنى لطبيعة العمل الفنى والتثقيف القانونى والمهني، والإبلاغ عن أى إساءة تحدث خلال تنفيذ العمل، وتوجيه الملتحقين ممن ليسوا خريجى أكاديمة الفنون والمنصات الفنية المتخصصة عن طريق دورات تدريبية بالأكاديمية وإلحاقهم بالورش الفنية، لتكون القوى الناعمة على مستوى فنى يليق بالعمل المصري، فى ظل تنافس إقليمى حاد. إن «القاهرة» تغيرت وصارت لديها ثقافة إنسانية واجتماعية مغايرة، وتضج شوارعها بمشكلات البطالة والزواج والتفكك الأسرى والكثير من الأمراض الاجتماعية التى لو وجدت لدى الإنسان الغربى لكان فعله أكثر بشاعة من التحرش المذموم دينيا وأخلاقيا من جانب جميع أبناء المجتمع المصري، وبذلك تعتبر القاهرة «الفنية والاجتماعية» مظلومة فى تصنيف مؤسسة «تومسون رويترز» للمدن بأنها ثالث أخطر المدن الكبرى للنساء من حيث العنف الجنسى أى بالنسبة إلى قدرتهن على العيش من دون التعرض لخطر الاغتصاب أو الاعتداء الجنسى أو التحرش، بينما تساوت «ساو باولو» و«نيو دلهي» فى المركز الأول. خالد السيد وهدان