تمر الأيام وتتغير الأزمان والعقول تظل كما هى لا تتغير بالأوقات ولا الأحداث الجارية، فأهالى الصعيد حتى الآن يتحكم الثار بمستقبلهم وليس هم من يتحكمون فى المستقبل، فمازالت عادة الثأر تسيطر على عقول الأجداد وتتوارثها الأجيال، حتى باتت تجرى على أرض أسيوط كجريان نهر النيل، فما أن تختفى هذه الظاهرة حتى تطل برأسها مرة أخرى ليعم الهم على ربوع البلاد والعائلات ويدفن من يدفن ويسجن من يسجن وتغلق الكثير من الأبواب ويحل الخراب على الديار العامرة. وبات الثأر من معتقدات الشباب الذين يرون العزة والكرامة فى الأخذ بالثأر حتى لو من أقرب الأقربين ولو حتى من نفس العائلة، كما حدث فى هذه الجريمة التى دفع خلالها أبناء العائلة الواحدة الثمن غاليا ومازالت بحور الدماء تجرى فما أن أخذ أفراد الطرف الأول بثأرهم حتى تجددت الخصومة من جديد وفتحت أبواب الدم مرة أخرى عقبها بدقائق معدودة ولكن فى هذه المرة دفع الثمن شخص لاذنب له سوى انه نجل عمومة الطرفين ولكنه أقرب لبيت الجانى الأخير. وكانت الجريمة قد بدأت أحداثها منذ 6 أشهر حينما تلقى اللواء جمال شكر مدير أمن أسيوط إخطارا من مستشفى منفلوط المركزى بوصول جثة لشاب فى العقد الثالث من العمر يدعى «م.ا.د» صاحب محل، وذلك اثر إصابته بكدمات وجروح متفرقة بالجسم والرأس ولفظ انفاسه الأخيرة عقب وصوله الىالمستشفي. وعلى الفور انتقل فريق من ضباط المباحث باشراف اللواء أسعد الذكير مدير المباحث الجنائية والعميد مجدى سالم رئيس المباحث والمقدم خالد شريت رئيس مباحث منفلوط، وتبين أن المجنى عليه ينتمى لأسرة «دكه»، وأن الجانى ينتمى لأسرة «العور»، وكلاهما ينتميان لعائلة «السويدية». وفى يوم الحادث ذهب الجانى إلى محل اصلاح الدراجات النارية الخاص بالمجنى عليه لإصلاح الدراجة الخاصة به وعقب إصلاحها اختلف الطرفان على قيمة الإصلاح المحددة بمائة جنيه وهو ما اعترض عليه الجانى لينتهى الأمر بمشاجرة عنيفة استخدم خلالها الجانى «العصا والشوم» وانهال ضربا على المجنى عليه حتى سقط مغشيا عليه غارقا فى دمائه ليفارق عقبها الحياة. ونجح فريق البحث بإشراف اللواء اشرف توفيق مساعد مدير الادارة العامة للمباحث الجنائية بقطاع الامن العام فى ضبط الجانى حينها وظلت الأمور مشتعلة بين أبناء العائلة الواحدة وامتدت هذه المشاحنات لأكثر من 6 أشهر حتى جاء اليوم الموعود منذ يومين وعقد شقيق الضحية العزم على الثأر لشقيقه فأعد العدة وقرر أن يذيق خصومه من نفس الكأس التى تذوقها شقيقه من آلام مبرحة حتى فارق الحياة نتيجه لقتله بالعصا، وبالفعل لم يستخدم السلاح النارى واستخدم العصا، ونصب كمينا وانتظر شقيق الجانى المدعو «محمود م»، وما ان ظهر أمامه حتى فاجأه بضربات سريعة ومتتالية على الرأس حتى أفقده الوعى وسقط أرضا غارقا فى الدماء وفارق عقبها الحياة، وبعد أن انتشر الخبر بمقتل المجنى عليه ووصل النبأ إلى والده الذى لم يذهب لجثمان ابنه ولكنه أخرج سلاحه النارى وتوجه نحو أى شخص من أفراد عائلة الجانى ليثأر لابنه، ولكنه لم يجد أحدا فتوجه لمنزل نجل عم الجانى الذى يدعى «ص. ا.ع» ويعمل بائعا وليس له أى ذنب بالأمر فأخفى سلاحهالنارى بين طيات ملابسه وطرق الباب فاستيقظ من نومه ونظر من شرفه منزله ليجد والد المجنى عليه وأخبره بأن ينزل له ليأخذ الخبز وما أن فتح الباب حتى فاجأه بوابل من الأعيرة النارية اخترقت جسده ليسقط أرضا غارقا فى دمائه مفارقا الحياة دون أن يعلم بأى ذنب قتل ويفر عقبها الجانى ليفتح صفحة جديدة من صفحات الثار التى لا تنتهى بالصعيد.