متفائل أنا بالحكومة الجديدة التي لها بعض سمات طال انتظار الوطن لها وبعيدا عن مسألة وصفهابالأخونة فهي حكومة شباب تثبت أن هذا الوطن يملك عددا هائلا من الكفاءات في مختلف المجالات والتي هي ثروة مصر الحقيقية, ولكنها أهدرت وأهملت سنوات طويلة, مرة بدعوي أهل الثقة ومرة بدعوي الاستقرار وفقدت مصر فرصا تاريخية للتطوير بأيدي أبنائها وأقصيت العقول والمفكرين وأصحاب الرأي والرؤي وتخلت حكومة ما قبل يناير عن مسئولياتها الأساسية وتركتها لهيمنة رجال الأعمال وسيطرتهم علي الحكم وأمور البلاد والعباد فازداد الغني غني والفقير فقرا. لقد تخلت الحكومة عن وظائفها وفي نفس الوقت أصبح الموظفون داخل دائرة الفقر وترك النظام هذا الوضع يتفاعل فلا الموظف يحصل علي الدخل الكريم ولا المواطن يستطيع إنهاء شئونه مع الحكومة إلا بدفع مبالغ غير مشروعة لقد ظهر الفساد وسيطرونحن الآن إزاء حكومة جديدة في سلسلة خطوات ديمقراطية تدخل بها البلاد مرحلة جديدة في تاريخها ومن ثم علينا اكتشاف ماهية الحكومة ومسئولياتها والدور الذي يجب أن تقوم به, فقد أفرزت سنوات ما قبل ثورة يناير غليان الاعتصام والاحتجاجات بصور مختلفة تصاعدت بعد الثورة والتي يربطها خطا واحد هو تدني الأجور واستهتار الدولة بالحكم الصادر بالحد الأدني للأجور وتزايد الفجوة بين الفقراء والأغنياء وفقدان العدالة الاجتماعية وإنخفاض مستوي التعليم والخدمات الصحية والتدهور المفاجيء للخدمات ربما عن قصد لمنحها تسليم مفتاح للقطاع الخاص, لا سيما وأن البعض كان قد تصور أن طبيعة التحول إلي الاقتصاد الحر يعني تخلي الحكومة عن بعض مسئولياتها بعدما كانت تضطلع بمساحة مسئوليات واسعة تجاه المجتمع وإقامة العدل. هذا هو الدرس المستخلص من حكومة ماقبل يناير, وحذار أن تقع الحكومة الجديدة الآن في غيابات ودهاليز الحكومة القديمة وثقافتها وان تستسلم لها, فالشعب يريد تشغيل الحكومة لصالحة وان تكون الحكومة والشعب يدا واحدة للقضاء علي الفساد والاحتكار والتراخي, وأن تكون في خدمة المواطن وأن ترتفع بمستوي أداء الأجهزة الحكومية وإجراء تعديلات جوهرية علي النظام الإداري السائد وإصلاح هيكل الأجور وتبسيط الإجراءات وتحقيق الشفافية والمساءلة الرادعة لمواجهة التسيب والانحراف والفساد. تشغيل الحكومة أو بعبارة أخري دفع المؤسسات الحكومية والأجهزة للعمل هو القضية الأولي والأولي بالرعاية من الحكومة إذ بعد هذا التراكم من توقف العمل والنشاط يكون من الصعب عودة الالتزام إلي العاملين, الأمر المحير والمعقد حقيقة ليس هو التشكيل الوزاري ولكنه علي وجه التحديد كيف نجعل العاملين يعملون بجد وكفاءة؟ أمامنا نماذج فقد المسئول كل قدراته وقوته لإقناع العاملين تحت سيطرته بالعمل, ويصدق هذا علي بعض الجهات الحكومية بل وبعض مصانع القطاع الخاص ومن ثم فالمشكلة الرئيسية هي عدم فاعلية الأجهزة الحكومية. كانت بداية الجمهورية المدنية الجديدة هي البرنامج الرئاسي السريع الذي يمس الحياة اليومية للناس, وهو كما قيل توفيرالعيش وتوفير الأمن وحل أزمة المرورو إزالة تراكمات القمامة. ونحن إزاء هذا البرنامج أمامنا إحدي نتيجتين إما أن ينجح وهنا يقال يا دار ما دخلك شر, وإما يفشل لا قدر الله وهنا يجب أن نكون واقعيين فالفشل مرده إلي أهمية وعي الناس وتعاونهم وفهمهم للأمرين معا, فإذا قامت الأجهزة الحكومية برفع القمامة وهي قادرة علي ذلك ولديها المعدات فيجب عدم إلقاء المخلفات مرة أخري في الشوارع وأن تستمرالأجهزة في عمليات النظافة وألا تنام بعد ذلك وأن يبث الوعي في هذا الشأن علي نحو تجارب دول أخري بمافيها من عمليات تقسيم للقمامة عند المنبع أي عند الناس اوتدوير القمامة كما يحدث في العديد من الدول وفي تصورنا أن مثل هذه الأفكار تؤدي إلي النظافة المستديمة ولا تحتاج فيما بعد إلي تدخل رئاسي والمعني هنا أن الناس يجب أن يكونوا علي وعي بسلوكياتهم ولكن بشرط أن الأجهزة تؤدي عملها دون انتظار لتعليمات ومن المؤكد أن مصر بها إمكانيات بدليل أن القاهرة لمعت وتلألأت بمناسبة زيارة أوباما لها وبرزت عضلات أجهزة النظافة والتجميل والتشجير وإضاءة الشوارع, وبعدها عادت ريمة لعادتها القديمة وكأن الأجهزة المناط بها هذه الأعمال تستخسر النظافة في هذا الشعب وهي لا تعمل حسابا إلا للمسئولين وفي المناسبات فقط. إذن علي ضوء ما جري علي أرض الوطن منذ يناير2011 وحتي الآن مع الأخذ في الإعتبار الضعف الفادح في الأداء الحكومي يبرز التساؤل ما هو دورالحكومة الجديدة بإختصارالإصلاح الاقتصادي والاجتماعي وإعادة الهيكلة ومحاربة الفساد وتحديدا فإن أبرز مهامها التخطيط والمتابعة والإشراف والرقابة علي جميع الخدمات الصحية والتعليمية واستحداث المؤسسات الضامنة لجودة واعتماد الخدمات والمرافق الصحية والتعليمية. تعديل القوانين الاقتصادية القائمة, واستحداث قوانين جديدة بما يحقق النموالاقتصادي. وكذلك وضع سياسات اقتصادية, مالية ونقدية وتجارية,مرنة ومستقرة وواضحة المعالم. تفعيل وتطوير القوانين والتشريعات بما يضمن الانضباط والمحاسبة والشفافية والمنافسة. دعم برامج البحث والتطوير والتحديث في المؤسسات الاقتصادية. تلافي المشاكل الناجمة عن عملية الخصخصة.علاوة علي تحري الرشد في الانفاق العام, بما يحقق الاستخدام الأفضل للموارد العامة. حماية البيئة بما يحقق تحسنا واضحا في نوعية الحياة لأفراد المجتمع. الحد من الاحتكار والاتجاهات الاحتكارية وتعزيز المنافسة. ضمان حسن استخدام الموارد الاقتصادية للمجتمع كالأراضي والغاز والبترول والكهرباء ضمان العدالة وتقليل التفاوت في توزيع الدخل. توفير البنية التحتية اللازمة لتنفيذ برامج التنمية المستدامة. توفير السلع والخدمات العامة ذات الاهتمام الاجتماعي. هذه هي بعض أبعاد مسئوليات الحكومة الجديدة.. فهل تعاد صياغة العمل التنفيذي ليتواكب مع متطلبات هذا التغيير؟ ومواجهة ضعف الأداء الحكومي الذي انعكس علي حياة المواطن. المزيد من مقالات عصام رفعت