وسط خضم الأحداث التى تصطخب على الأراضى الليبية وتسهم فى فوضى السلاح، وفوضى العمليات التى تحفل بها ليبيا، أتوقف كثيرا أمام المساندة البريطانية والفرنسية لما يسمى اتفاق الصخيرات للتسوية دعما لرجلهم الذى أتوا به إلى ليبيا ليرأس حكومة الوفاق أى فائز السراج، وأتوقف أكثر أمام مسعى السراج لوجود عسكرى إيطالى فى مصراتة، ومحاولة تعزيز هذا الوجود التى شهدها أخيرا البرلمان الإيطالى لتقديم الحماية للمستشفى الميدانى الإيطالي، وعلى الرغم من أن من بين القوى التى رفضت ذلك الوجود تحالف القوى الوطنية الذى يترأسه محمود جبريل وهو ما يثور حوله لغط كبير، فإن الجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر سبق إلى رفض التدخلات والتحرشات الإيطالية حين حاولت روما بناء على طلب فائز السراج الدفع بعدد من قطعها البحرية إلى المياه الإقليمية الليبية، وهدد بضرب هذه القطع البحرية الإيطالية.. الموقفان ببساطة هما واحد يدفع نحو شرعية الاحتلال ويتبناه السراج، وواحد يرفض ذلك الاحتلال ويرفعه حفتر.. بالعربى نحن أمام موقف وطنى يمثله الجيش وموقف يخدم مصالح الاحتلال ويمثله السراج، وربما يشرح ذلك ما سبق وأعلنه المشير حفتر عن أن الاتفاق السياسى فى الصخيرات قد انتهى أمره، وأن حل الأزمة الليبية سوف يكون بالانتخابات وانتقال السلطة سلميا أو عبر التفويض.. وأرى أن الوضع الليبى وملابساته أخيرا يفضى قطعا إلى التفويض، وأى محاولات للعك السياسى وتلبيس سلطة المجلس الانتقالى عسفا على الشعب الليبى أمر مناقض للواقع.. الشعب يفهم أن جيشه هو الحل وطبيعة ذلك الشعب القبائلية والعائلية والجهوية والمناطقية تفرض منطق التفويض لأن إقرار أى نظام غير ذلك يشارف بنا المزيد من التمزق والانقسام.. وفضلا عن ذلك فإن مستنقع الانتخابات فى بلد هذه ظروفه، يؤدى إلى تعميق الفرقة، والمزيد من فرض شرعنة الاحتلال الأجنبى وتعدد قواه والدفع بليبيا إلى عتبات التقسيم والخضوع للأجانب، وفقدان فرص السيادة الكاملة على القرار السياسى الليبي.. إرادة الأجانب أوصلت ليبيا إلى غارات حلف الناتو وإسقاط النظام، والإرادة الوطنية هى التى لم تأخذ فرصة حتى الآن لتهندس حلا مستقلا للأزمة. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع