أينعم أن صالح عقيلة رئيس برلمان طبرق يعتبر حاليا القائد الأعلي للقوات المسلحة الليبية، وأينعم أن اتفاق الصخيرات كان يحتوي نصوصا معينة تفيد ألا يكون قائد الجيش عسكريا، ولكن كل هذه أفكار مؤقتة آن وضع حد لها، فإذا كانت ليبيا تريد أن تكون دولة مركزية عصرية لا تتنازع فيها الانتماءات اعتبارات جهوية مناطقية، أو قبائلية عائلية، أو تنظيمية ميليشياتية، ولا تتعارض فيها أفكار الدولة الدينية مع الدولة المدنية، فإن الجيش لابد أن يقودها ويسيطر تماما علي سلطتها التنفيذية.. وإعلان مجموعة الضباط الليبيين التي اجتمعت في القاهرة أخيرا أن القائد الأعلي للجيش الليبي ينبغي أن يكون رئيس الدولة، أنهي, عمليا, تلك الجدلية التي حاولت الفصل بين المنصبين أو طرح فكرة تنصيب قيادة من خارج الجيش لتسيير أمور الدفاع أو ما عُرف بأزمة المادة الثامنة من اتفاقية الصخيرات.. فضلا عن أنه أمر يتسق مع الواقع والمنطق والمعطيات الميدانية الحالية في ليبيا.. (المشروعية) هي التي تؤهل الجيش للحصول علي (الشرعية)، يعني الرضاء العام الشعبي، هو الذي يدفع الجيش للحصول علي مقاليد السلطة التنفيذية عبر الانتخاب، فلا معني لأن يتولي أمر الجيش شخصيات من نوع فائز السراج إذا تولي, افتراضا, الرئاسة، لأنه بوضوح لا يتمتع بمشروعية إلا عند من أتوا به والذين يسمح لهم باختراق السيادة الليبية وقتما شاءوا مثلما فعل حين سمح لقطع بحرية إيطالية بدخول المياه الإقليمية الليبية.. الجيش هو الذي تصدي لذلك الاختراق، وهو الذي ينتظم الآن آلاف الجنود الذين كانوا تفرقوا بعد سقوط النظام خلال الربيع العربي المزعوم الزائف.. الجيش هو الذي يوحد، ويحمي السيادة علي الموارد الطبيعية، وحدود الدولة، ويتحرك بفعل دوافع وطنية وليس بأوامر خارجية، ومن هنا فإن الجيش ينبغي ألا يرضى, فقط, بضم منصبي القائد الأعلي للقوات المسلحة ورئيس الدولة، وإنما الضرورة الواقعية تفرض أن يكون رئيس الدولة من القوات المسلحة تحت أي ترتيب إجرائي أو انتخابي، وكفي لجاجا وسفسطة وانحناء للرغبات والإملاءات الأجنبية.