لايهمنى ما إذا كان الاتفاق الذى توصل إليه المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطنى الليبى وفائز السراج رئيس المجلس الرئاسى فى أبو ظبى الأسبوع الماضي، هو خلق لاتفاق جديد، أم أنه تطوير للاتفاقات السابقة فى الصخيرات أو الاتفاق المصرى الجزائرى التونسى (دول الجوار) أو استئناف لجهود جمع الأطراف المختلفة للأزمة التى تواصلت فى القاهرة برعاية الفريق محمود حجازى رئيس الأركان المصري. ولكن ما يعنينى هو أن اتفاق أبو ظبى قطع الطريق عمليا على عمليات التدخل الأجنبي، وتحرك على طريق إنقاذ ليبيا من التقسيم بين ميليشيات وعصابات انتشرت فى البلد بالمئات وأذكت كل النوازع القبائلية والجهوية والعقيدية لتمزق الوطن الليبى وتفتح الباب أمام «صوملة» ليبيا أو تمزيقها. الاتفاق بين حفتر والسراج يتغلب على معضلتى تشكيل جيش موحد وحكومة مستقلة عن حكومة الوفاق وينهى حالة عدم ضبط المجلس الرئاسى ويفتح الطريق أمام انتخابات جديدة فى ظرف ستة شهور ويقضى نهائيا على حالة توزيع الولاءات بين ميليشيات عصابية مثل الإخوان والليبية المقاتلة وأنصار الشريعة والقاعدة والمرابطون التى عاثت فى ليبيا فسادا وحاولت السيطرة على ثرواتها وسرقة مقدراتها البترولية، ومع القضاء على تلك الميليشيات فإن تدخل دول صاحبة مصلحة فى الشأن الليبى انتهى إلى غير رجعة وعلى رأسها إيطاليا وفرنسا وتركيا وقطر. اتفاق حفتر والسراج سواء كان بنية تولى السراج رئاسة الحكومة الائتلافية الجديدة أو بقصد تولى حفتر منصب القائد الأعلى للجيش لا يعنى تقاسم السلطة بين الرجلين، ولكنه يعنى بالدرجة الأولى إلغاء المادة الثامنة من اتفاق الصخيرات التى تنص على خضوع الجيش لقيادة مدنية. الاتفاق يعنى وضع أساس مؤسساتى متفق عليه ويمكن لجميع الأطراف البناء فوقه ويعنى فى المقام الأول أن الأساس الذى وضعته مصر لإعادة بناء الجيش الليبى أثمر فى النهاية وضعا يكفل لهذا الجيش لعب دور محورى فى ليبيا التى لا تحكم إلا بوضع كهذا يلعب فيه الجيش دورا أساسيا. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع