مواجهة قادمة مع التنين الأحمر وفقا للتقويم الصيني، فإننا على مشارف عام الكلب. ورغم أن المنجمين يتوقعون أن يكون فى المجمل عاما جيدا وحافلا بالنشاط والانجازات، فإن الأرجح أن يشهد هذا العام تصعيدا فى التوتر بين واشنطن وبكين. ولا علاقة لتلك التوقعات بحركة الكواكب والأجرام السماوية، ولكن بالتصعيد الواضح فى تحذيرات الخبراء الإستراتيجيين من أن التهديدات الصينية بلغت حد الخطورة، ولابد من مواجهتها بكل حزم. وهذا ما يعكسه تقرير مكون من إحدى عشرة صفحة صدر قبل أيام عن وزارة الدفاع الأمريكية فى إطار إستراتيجية الدفاع الإستراتيجى لعام 2018، وحدد كلا من الصين وروسيا كبؤر للتنافس وكأولوية قصوى للمؤسسة العسكرية الأمريكية. يستند التقرير إلى وثيقة سرية تم إرسالها إلى الكونجرس العام الماضي، وحذرت من السعى الدؤوب لهاتين القوتين لزعزعة أو إزاحة النظام الحر الذى يمثل دعائم الأمن والازدهار العالميين منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وللصراع الأمريكي- الصينى عدة مؤشرات وجبهات، أهمها العلاقات التجارية، ومن الواضح اتجاه واشنطن لحسم المشكلات التجارية بين البلدين عن طريق القرارات الحاسمة ودون الدخول فى مفاوضات من خلال منظمة التجارة العالمية، وتشمل تلك القرارات حزمة من التعريفات الجمركية والحصص الإستراتيجية التى تقلل من الحجم المهول للصادرات الصينية إلى الأسواق الأمريكية من كل شيء. وعلى صعيد أنشطة الجاسوسية بين البلدين، تم قبل أيام القبض على “جيرى تشان شنج لي”، المتهم الأول فى معركة جاسوسية مهمة، قبيل إقلاعه فى رحلة عبر المحيط الهادى من مطار كينيدى الدولي، والمذكور عميل سابق لوكالة المخابرات الأمريكية “سى آى إيه” متهم بأنه عميل مزدوج تعاون مع المخابرات الصينية. فى هذا الإطار أيضا جاءت تحذيرات أجهزة المخابرات الأمريكية العام الماضى لكل من ابنة الرئيس ترامب، إيفانكا وزوجها جاريد كوشنر، من علاقات الصداقة الحميمة التى تجمعهما ب”ويندى دنج”، مطلقة روبرت ميردوخ رجل الأعمال، وهى صينية الأصل، ولها أنشطة تثير ريبة الأجهزة الأمنية، وحذرت هذه الدوائر أيضا الزوجين كوشنر من علاقتهما بالسفير الصينى لدى الولاياتالمتحدة. وعلى الصعيد المالي، تم بالفعل وقف محاولات استثمارات مشتركة بين الجانبين. أعلنت مؤسستا “آنت فايناشيال” و”مونى جرام” للتحويلات المالية اضطرارهما للتخلى عن صفقات كانتا بصدد إبرامها بعد فشلهما فى الحصول على موافقة لجنة الاستثمار الخارجى التابعة للكونجرس. كما فشل مشروع تعاون بين شركة إلكترونيات صينية وأخرى شركة أمريكية بسبب خطاب أرسله أعضاء لجنتى المخابرات بمجلسى الشيوخ والنواب للجنة الاتصالات الفيدرالية يحذر من أنشطة التجسس الصينية بصفة عامة، وتلك التى تمارسها الشركة الصينية على وجه الخصوص. وتلك مجرد مؤشرات بأننا قد نكون على أعتاب صراع مرتقب بين واشنطن وبكين.