بدأت مخاوف الولاياتالمتحدةالأمريكية من التنين الصيني تنتشر داخل مؤسساتها الرسمية بشكل أكثر دقة، ويبدو أن ما تردد داخل أروقة الكونجرس يستهدف تحجيم الصين، في ثلاث نواح مختلفة، سياسيًّا عبر هونج كونج، واقتصاديًّا عبر حظر بيع الشركات الأجنبية، وعسكريًّا عبر التحذير من تنامي قدرات بكين العسكرية. هونج كونج تعد هونج كونج الخاصرة الرخوة للصين، فهي إحدى المنطقتين الإداريتين الخاصتين التابعتين لجمهورية الصين الشعبية، حيث عادت هونج كونج المستعمرة البريطانية السابقة إلى الصين عام 1997 بموجب اتفاق «دولة واحدة ونظامين» الذي تعهد بالإبقاء على الحريات في المركز المالي العالمي والقوانين الخاصة لمدة 50 عامًا على الأقل، لكنه أعطى السيطرة المطلقة لبكين. بالأمس حذرت لجنة بالكونجرس الأمريكي مما أسمته زيادة «مثيرة للقلق» لتدخل الصين في هونج كونج، منوهة إلى مخاوف بشأن استمرار دور المدينة كمركز مالي عالمي، وفي تقريرها السنوي للكونجرس الأربعاء الماضي، سلطت لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية الأمريكيةالصينية المؤلفة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، الضوء على خطف واحتجاز خمسة من باعة الكتب في هونج كونج، بالإضافة إلى ممارسة ضغوط على الإعلام والحريات الأكاديمية. وحثت اللجنة الأمريكية في جزء مفصل من 33 صفحة بشأن المستعمرة البريطانية السابقة، على إجراء تحقيق جديد من جانب وزارة الخارجية الأمريكية حول الحكم الذاتي والحريات في هونج كونج، ولإيجاد أي رابط يجعل للولايات المتحدة ذات صلة بهونج كونج، قال التقرير: «الوضع التقليدي لهونج كونج كمركز مالي عالمي ينطوي على تداعيات اقتصادية مهمة للولايات المتحدة؛ نظرًا لأهمية العلاقات التجارية والاستثمارية الأمريكية مع هونج كونج»، توقيت التقرير الأمريكي يتزامن مع مخاوف في بكين بشأن حركة وليدة في المدينة تنادي بالاستقلال. وحول هذه النقطة قد لا يختلف رد فعل الصين عن تقرير لنفس اللجنة الأمريكية صدر في أكتوبر من عام 2014، حيث أوضح هونغ لي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، أنه ليس من حق الولاياتالمتحدة التدخل في شؤون هونج كونج باعتبارها شأنًا داخليًّا صينيًّا. حظر بيع الشركات الأمريكية أوصت لجنة الكونغرس سابقة الذكر، أنه على المشرعين أن يتخذوا قرارًا لحظر تملك الشركات الصينية المملوكة للدولة الشركات الأمريكية، وأشارت اللجنة إلى أن الحزب الشيوعي الصيني استخدم شركات تدعمها الدولة أداة اقتصادية أساسية لتحقيق أهداف متعلقة بالأمن القومي. وقالت اللجنة: على الكونغرس أن يحظر تملك مثل هذه الكيانات للشركات الأمريكية عن طريق تعديل اختصاص «لجنة الاستثمارات الخارجية الأمريكية»، وهي الجهة الحكومية المسؤولة عن إجراء المراجعات الأمنية لعروض الاستحواذ المقدمة من الشركات الأجنبية. وإذا تم قبول التوصية، فسيتم الحظر التام على شراء الشركات الصينية المملوكة للدولة الشركات الأمريكية. وتتبع «لجنة الاستثمارات الخارجية الأميركية» وزارة الخزانة، وتضم ممثلين لثماني وكالات أخرى، من بينها وزارات الدفاع والخارجية والأمن القومي، ولها حق الاعتراض على عروض الاستحواذ المقدمة من الشركات الأجنبية الخاصة والمملوكة للدولة إذا وجدت أنها ستهدد الأمن القومي الأميركي أو البنية التحتية الحساسة. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية في بكين جينغ شوانغ: التقرير «يكشف مجددًا القولبة والتحامل» من جانب اللجنة، وأضاف: «نطلب من الشركات الصينية التي تستثمر في الخارج التزام القوانين والقواعد المحلية ونأمل بأن تعمل الدول المعنية بمعايير تضمن المساواة». الكونجرس وتنامي قدرات الصين العسكرية اللجنة الأمريكية الخاصة بالعلاقات مع الصين كانت قد حذرت أيضًا الكونغرس من أن تعزيز قدرات بكين العسكرية سيشكل تهديدًا للأمن الأمريكي ودعته إلى تقييم «مخاطر ومكاسب» التي قد تنجم عن تدخلها في المنطقة، وأوصت اللجنة، الكونغرس بمطالبة وزارة الدفاع ب«إجراء تحليل لوضع استراتيجية من شأنها تحييد قدرات جيش التحرير الشعبي الصيني المتزايدة على شن عمليات خارجية» للمساعدة على تحقيق الاستقرار في منطقة آسيا والمحيط الهادئ خلال أزمات أو مواجهة التهديدات المشتركة كانتشار الإرهاب في جنوب شرق آسيا. واعتبر التقرير أن تعزيز الصين قدراتها العسكرية سيدفعها إلى استخدام القوة أكثر للدفاع عن مصالحها، مشيرًا إلى «ميول عدوانية أظهرتها بكين في بحري الصين الشرقي والجنوبي، تزيد المخاوف القائمة من صعود الصين، بين حلفاء الولاياتالمتحدة وشركائها في منطقة آسيا الكبرى». كما أوصت اللجنة البنتاغون بمقارنة قدرات الجيش الأمريكي مع تلك الصينية لمعرفة ما إذا كانت كافية في حال «استخدام القوة» من قِبَل بكين، وفي خطوة تصعيدية مع الصين دعت اللجنة الكونغرس إلى دعم تحركات السفن الأمريكية «بحرية أكثر في عمليات الملاحة في بحر جنوبالصين» بالتنسيق مع حلفاء واشنطن وشركائها، من ناحية أخرى، أشارت اللجنة إلى تزايد المخاطر الناجمة عن تكنولوجيا التجسس الصينية، وحثت الكونغرس على منع شركات حكومية صينية من الإشراف على منظمات وشركات أمريكية «بصورة فعالة». استخباريًّا أضاف التقرير أن فشل الولاياتالمتحدة في «الاستجابة الملائمة» لتهديدات أمنية سببتها المخابرات الصينية يعود إلى «قلة التنسيق بين وكالات الاستخبارات الأمريكية المختلفة». الجدير بالذكر أن اللجنة المقيمة للصين أسسها الكونغرس الأمريكي في عام 2000 لرصد اقتصاد الصين وتطورها العسكري وانعكاسات ذلك على الأمن القومي الأمريكي. التقرير ينبئ بأن العلاقات الصينيةالأمريكية قد تشهد توترات على صعيد العلاقات بين البلدين، خاصة أن التقرير الأمريكي للكونجرس يأتي بعد عشرة أيام من فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، الذي وعد مرارًا باتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه مسألتي التجارة والأمن بين الولاياتالمتحدةوالصين.