فى إطار الاحتفال بعيد الشرطة المصرية تغمرنا مشاعر بالحب والعرفان لرجال الشرطة وشرطياتها الذين قدموا جميعا وعلى نفس القدر التضحيات فى الحفاظ على أمن الوطن وسلامته، تلك التضحيات التى لاتسعها ولاتوفيها الأوراق أو الكتب أوحتى التسجيلات الميدانية لبطولاتهم قدرهم ، خاصة فى معركة الإرهاب . ولاننسى أن نسجل فى أوراق التاريخ وفى عيد الشرطة 25 يناير من كل عام ذكرى عطرة ، تحية للشرطة النسائية عن دورها الوطنى الداعم والمساند بقوة فى خدمة المجتمع، ومنذ قبول أول دفعة فتيات الشرطيات عام 1984 بأكاديمية الشرطة المصرية، والتى أثبتن «من وقتها حتى الآن» وبجدارة نجاحات وتميزا يضاهى عمل ومهارة الشرطيات فى كل دول العالم المتقدم، وقد ارتقت الشرطية المصرية أعلى الرتب والمناصب القيادية وفى جميع القطاعات داخل جهاز الشرطة العظيم ، ولأهمية الشرطية فى خدمة الوطن خصصت ادارات بكاملها للشرطة النسائية فى مختلف الادارات والمحافظات، يتم الاستعانة بها فى الحملات الميدانية وفى فض المظاهرات، وفى تأمين جميع الأماكن المزدحمة فى الأعياد، وحمايتها من الارهاب والارهابيين ، فتجد المرأة الشرطية فى سائر المواصلات بالمرصاد لكل من يروع المسالمين من الركاب وتحمى السيدات العاملات من المتطرفين والمتحرشين. والشرطة النسائية تتصدى فى كثير من المواقع للعمليات الارهابية وللجريمة بكل حسم، لكنها فى أحيان كثيرة تقوم بمنعها قبل وقوعها، كما أن لها دورها الريادى الانسانى والاجتماعى والنفسى الذى تقدمه بتشجيع من اللواء مجدى عبد الغفار وزير الداخلية، ومن خلال قطاع حقوق الانسان تقوم بالمشاركة فى المناسبات الاجتماعية والانسانية، فتجدها موجودة لتهنئة الإخوة المسيحيين بأعيادهم وتحمى دون خوف أو تردد الكنائس، وتقوم الشرط النسائية بدورها البارز فى زياراتها المنتظمة لمستشفيات الأطفال وفى مستشفى 57357 كما أن لها دورا فعالا فى حماية الأطفال ورعايتهم وتخفيف الآلام عنهم، لتكتمل بذلك اللوحة الرائعة لمشاركتها وعطاءاتها على جميع الأصعدة فى خدمة الوطن وتوفير الأمن والأمان للمواطنين المصريين وضيوفها السائحين من كل دول العالم. وفى عيد الشرطة نضع الورود على مقابر شهيدات الوطن وشهدائه، ولاننسى فى ذلك أول ثلاث شهيدات لعام التصدى للارهاب 2017 وهن: العميد نجوى عبد الحميد الحجار، و النقيب أسماء أحمد إبراهيم، والعريف أمنية رشدى، اللاتى رحلن عن الحياة أثناء أدائهن واجبهن الوطنى فى تأمين الكنيسة المرقسية بالإسكندرية خلال الأعياد، لتسطر دماؤهن صفحات مشرفة فى سجلات الشرطة وتضحيات المرأة المصرية. تحية واجبة د. نسرين البغدادى أستاذ علم الاجتماع والرئيسة السابقة للمجلس القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية تقول: فى أعياد الشرطة نقدم كل التحية لكل شرطى مصرى وشرطية وتحية خاصة الى أرواح الشهداء منهم ، وتحية خاصة لكل شهيدة ضحت بحياتها وتركت ابنا رضيعا أو أبناء فى مختف المراحل التعليمية أيتاما دون رعاية منها الا من رعاية الدولة- من أجل حماية والحفاظ على وطنها. فالشرطة النسائية معروفة بأدوارها المتعددة والتى لاتقتصرعلى مطاردة المجرمين أو الإرهابيين عند وقوع جريمة أو فى حادث ارهابى، بل فى حفظ الأمن، ويمتد ليحمى المرأة ضد جميع أنواع العنف والتحرش الذى كانت تواجهه فى الأماكن العامة ووسائل المواصلات وفى المتنزهات بل وداخل المنازل ، وقد انحسرت ظاهرتا العنف والتحرش ضد المرأة وانخفضت معدلاتهما كلما ازداد الأمن والأمان وتضيف «المرأة هنا تدافع وبضراوة عن المرأة مثلها»، والشرطة النسائية لها دور بارز ومعروف فى مجال تفعيل القانون، وتنفيذ الآحكام وتمكين الأمهات اللاتى صدرت أحكام لصالحهن. أما عن وحدات مناهضة العنف ضد المرأة فلها دور ملموس فى مجال حماية المرأة فى مختلف المناطق والأحياء، فأصبحت كل مصرية تشعر بالأمان وأن المرأة أخيرا أصبحت تعيش فى دولة مؤسسات، وهو تطبيق لما ورد فى المادة 11 من الدستور المصرى والذى نص على أهمية «قيام جميع مؤسسات الدولة باتخاذ التدابير اللازمة لحماية المرأة من كافة أشكال العنف» ومن خلال وجود وحدات مناهضة العنف ضد المرأة بجميع أقسام الشرطة على مستوى الدولة. د.هويدا مصطفى وكيل كلية الإعلام جامعة القاهرة تقول: ونحن فى اطار الاحتفال بعيد الشرطة المصرية نتذكر الكثير من التضحيات التى قدمتها الشرطية المصرية فى جهاز الشرطة -ولا تزال- من حماية الوطن والمواطنين، ولانستطيع تجاهل نوع آخر من النساء قدم التضحيات فى رضا وصمت وصبر، إنهن زوجات وأبناء و أمهات الشهداء من رجال الشرطة ، اللاتى تحملن المحن وآلام الفقدان، ومازال لديهن الاستعداد لتقديم مزيد من الشهداء من أجل بقاء الوطن الغالى، هذه النماذج المشرفة بحق تحتاج لأن تحظى بأهتمام أكبر من مختلف وسائل الإعلام فى الصحف والبرامج حتى تظهر نساء مصر العظيمات بالصورة التى تليق بهن ، ولكن للأسف الشديد لم يعط الاعلام أسر الشهداء حقهم من التكريم فى البرامج «ولا فى الأعمال الدرامية»، والتى لاتتحدث عن أسرة الشهيد إلا بشكل عارض ووقت الحدث وفى المناسبات القومية، «رغم ما يحظون من اهتمام القيادة السياسية». ويضيف الدكتور عماد مخيمر أستاذ علم النفس وعميد كلية الآداب جامعة الزقازيق أن زوجات رجال الشرطة ومعاناتهن بعد غياب الأزواج وتحملهن جميع المسئوليات فى أثناء غيابهم فى خدمة الوطن قائلا: مما لاشك فيه أن أسر ضباط الشرطة تحتاج الى المساندة والدعم، خاصة تلك التى لها أكثر من فرد يعمل فى جهاز الشرطة، فزوجة الشرطى هى البطلة التى تتحمل غيابه لفترات طويلة وفى أماكن بعيدة ونائية، والتى تتحمل مسئو لية الأسرة وتربية الأبناء ورعايتهم رعاية كاملة ، وهى فى ذلك الجندى المجهول فى الحفاظ على الأمن الداخلى للأسرة والمجتمع، وتتحمل حقيقة أن زوجها الشرطى أكثر عرضة للخطر من غيره، وأن على أكتافه يحمل أمانة الحفاظ على أفراد الشعب ولاقول فوق قول رسولنا الكريم «عينان لا تمسهما النارعين بكت من خشية الله.. وعين باتت تحرس فى سبيل الله». شهادات ومواقف نسرين زوجة عقيد شرطة تقول: لا أنسى قبل أيام على قيام ثورة 25 يناير حين فاجأتنى آلام الوضع ولم يتمكن زوجى من الحضور للظروف الخطيرة التى كان يمر بها الوطن، والتى كانت تستدعى وجوده فى مواقع الشغب والفوضى واشعال النيران مايقرب من 24 ساعة، وذهبت وحدى بالتاكسى الى مستشفى الولادة وانجبت طفلتى، وبعد قيام الثورة أصيبت ابنتى الكبرى بارتفاع فى درجة الحرارة ولم يتمكن زوجى مرة أخرى من الحضور والذهاب بها للطبيب وبقى فى موقع أحداث احتراق قسم شبرا ولم يتخل عن خدمة الوطن وذهبت بها وحدى ورعيتها الى أن شفاها الله، وهكذا كغيرى من زوجات رجال الشرطة نتحمل مسؤليات الأسرة بمفردنا فى معظم الأوقات، و كنت أشاهد من النافذة بعض العربات المحملة بالمساجين الهاربين من السجون فأغلق على بابى، بينما يظل هو وزملاؤه من رجال الشرطة يؤدون واجبهم معظم ساعات الليل والنهار ولايعودون الى بيوتهم الا ساعات قليلة ويظلون أياما دون نوم أو طعام. وكان يوم عرس فى وزارة الداخلية يوم تزوج أحد أبنائها من شباب الشرطة المصابين باصابات بالغة وببتر فى إحدى يديه وقدميه «فى احدى العمليات ضد الارهاب» من خطيبته التى دائما ما تمنت نيل شرف الزواج منه ، وتنافست معها فى ذلك بنات الشرقيةمسقط رأسه، وكانت حبيبته هى الفائزة بعرس الوزارة ووسط زغاريد أهل محافظته وبلدته، ورغم كل المخاطر، فما زال حلم كل أسرة مصرية أن يلتحق ابن «أو أكثر» من أبنائها بكلية الشرطة، أو تكون الأبنة هى بكل فخر «شرطية فى الداخلية» وبطلة قومية تتباهى بها أمام الدنيا. و يؤكد د. عماد مخيمر: أن وزارة الداخلية تقوم فى الوقت الحالى بعمل دورات منتظمة ومحاضرات للضباط والعاملين فى جهاز الشرطةعن كيفية التعامل مع المواطنين وحقوق الإنسان، وعن فن التعامل وادارة العمل والثبات الانفعالى، وضبط النفس أثناء الأحداث الجسام والضغوط الطارئة ، بالاضافة الى تعريفهم بكل الجوانب القانونية والقيم الدينية لرجل الشرطة.