مفيدة شيحة ترصد تفاصيل حملة مقاطعة الأسماك في بورسعيد (فيديو)    المعهد القومي للملكية الفكرية بجامعة حلوان ينظم برنامج "محكم"    "مصر الخير" تعلن إدخال 1000 شاحنة مواد غذائية وإغاثية لقطاع غزة    جارية الآن.. مباراة مباراة العين والهلال بث مباشر دون تقطيع في دوري أبطال آسيا 2024    قضايا الدولة تشارك في فعاليات مؤتمر الذكاء الاصطناعي "ويبو"    قناة السويس تعلن تعديل الرسوم للسفن الأجنبية والمصرية والوحدات الصغيرة (تفاصيل)    المقاولون العرب يواصل الاستعداد لسموحة تحت قيادة معتمد جمال    "مهووس ببرشلونة"... لاعب مانشستر سيتي يسعى للرحيل في الصيف    فلسطين حاضرة في مهرجان الهجن بالعريش، ووزير الرياضة يشكر أطفال غزة الحاضرين (صور)    عاجل.. أستون فيلا يُعلن تجديد عقد إيمري حتى 2027    القس عزت شاكر رئيسًا لسنودس النيل الإنجيلي    التحقيقات تكشف عدم وجود شبهة جنائية في مصرع طفل سقط من علو ببولاق الدكرور    براءة عدلي القيعي من سب وقذف ممدوح عيد    تعليم البحيرة: تخصيص 125 مقراً لطلاب الثانوية العامة والشهادة الإعدادية للمراجعة النهائية    "مع السلامة يا توماس".. الحزن يخيم على الوسط الفني بعد رحيل تامر عبدالحميد    " كان حقيقي مش ديكور" مي عمر تكشف كواليس مشهد القبر في "نعمة الأفوكاتو"    المغربية لبنى أزابال رئيسا للجنة تحكيم الفيلم القصير في مهرجان كان    دياب : انتظروا " العقرب" في فيلم السرب يوم 1 مايو بجميع دور العرض    تعاون مع مؤسسة مجدى يعقوب لإجراء جراحات القلب لمرضى «الرعاية الصحية»    للحوامل.. نصائح ضرورية لتجنب المخاطر الصحية في ظل الموجة الحارة    عمال سوريا: 25 شركة خرجت من سوق العمل بسبب الإرهاب والدمار    حذر من تكرار مصيره.. من هو الإسرائيلي رون آراد الذي تحدث عنه أبو عبيدة؟    لمخالفتهم السعر الجديد..تموين القاهرة تحرر 25 محضر مخابز وتحريز 5 أطنان دقيق    يسرا توجه رسالة إلى الجمهور السعودي بعد العرض الأول ل فيلم "شقو" في الرياض    كشف ملابسات سير النقل الثقيل في حارات الملاكي بطريق السويس الصحراوي    التوقيت الصيفي 2024.. مواقيت الصلاة بعد تغيير الساعة    إبداعات فنية وحرفية في ورش ملتقى أهل مصر بمطروح    مش بنتي.. أم بريطانية تكتشف استبدال رضيعتها في المستشفى بالصدفة    مؤشر الأسهم السعودية يغلق منخفضا    حماة الوطن: التحالف الوطني نموذج فريد في تقديم الدعم الإنساني للأشقاء بفلسطين    أبو عبيدة: الاحتلال الإسرائيلي عالق في غزة    مجرد إعجاب وليس حبا.. رانيا يوسف توضح حقيقة دخولها فى حب جديد    وزير الدفاع الروسي: القوات الأوكرانية خسرت نصف مليون عسكري منذ بداية الحرب    النسب غير كافية.. مفاجأة في شهادة مدير إدارة فرع المنوفية برشوة الري    قبل الامتحانات.. أطعمة تزيد التركيز وتقوي الذاكرة للأطفال    محافظ بوسعيد يستقبل مستشار رئيس الجمهورية لمشروعات محور قناة السويس والموانئ البحرية    محافظة الجيزة تزيل سوقا عشوائيا مقام بنهر الطريق بكفر طهرمس    100 قرية استفادت من مشروع الوصلات المنزلية بالدقهلية    محافظ المنيا: تنظيم قافلة طبية مجانية في مركز أبو قرقاص غدا    هل يحق للزوج التجسس على زوجته لو شك في سلوكها؟.. أمينة الفتوى تجيب    رئيس الوزراء يحدد موعد إجازة شم النسيم    محافظ كفر الشيخ ونائبه يتفقدان مشروعات الرصف فى الشوارع | صور    سيدات سلة الأهلي يواجه مصر للتأمين في الدوري    دار الإفتاء: شم النسيم عادة مصرية قديمة والاحتفال به مباح شرعًا    نستورد 25 مليون علبة.. شعبة الأدوية تكشف تفاصيل أزمة نقص لبن الأطفال    السفير طلال المطيرى: مصر تمتلك منظومة حقوقية ملهمة وذات تجارب رائدة    الغزاوي: الأهلي استفاد كثيرا من شركة الكرة    «النواب» يبدأ الاستماع لبيان وزير المالية حول الموازنة العامة الجديدة    خلال الاستعدادات لعرض عسكري.. مقتل 10 أشخاص جراء اصطدام مروحيتين ماليزيتين| فيديو    مجلس النواب يحيل 23 تقريرًا برلمانيًّا للحكومة -تعرف عليها    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    قطاع الدراسات العليا بجامعة القناة يعلن مواعيد امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني    الرئيس السيسى يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكارى للجندى المجهول    توفيق السيد: غياب تقنية الفيديو أنقذ الأهلي أمام مازيمبي.. وأرفض إيقاف "عاشور"    حجم الاقتراض الحكومي في بريطانيا يتجاوز التوقعات خلال العام المالي الماضي    مستدلاً بالخمر ولحم الخنزير.. علي جمعة: هذا ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    علي جمعة: منتقدو محتوى برنامج نور الدين بيتقهروا أول ما نواجههم بالنقول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإنسان سينتصر

فى عام 1966 صدر كتاب للمفكر الفرنسى ميشيل فوكو Michel Foucewlt بعنوان: الكلمات والأشياء، أشار فيه إلى قرب نهاية الإنسان المعاصر أو كما ذكر «موت الإنسان» ولا يعنى يوم القيامة أو يوم الحشر، بل يريد أن يقول مؤكداً إن العلوم الحديثة والمكتشفات المتدفقة وغياب القيم الأخلاقية والروحية أمر سيدمر كيان الإنسان النفسى والعاطفى والأخلاقى ليصبح كائناً تحركه الغرائز ويصبح عبداً للمادة وبخاصة لأن الإنسان أعطى لنفسه الحق فى إقامة أخلاقيات خاصة به ساعياً لإيجاد تبرير عقلانى لكل ما يعفيه من واجبات وكل ما يختاره من حقوق، ومن ثم أوجد ظروفاً حياتية لا إنسانية وتلك هى نهاية العصور القديمة والمتوسطة والحديثة وبداية عصر الإنسان شبه الآلي، محوره أنانيته وحاجاته المادية.
فالخوف على الإنسان والقلق حول مستقبل الإنسانية ليس جديداً فأرسطو أبو الفلسفة قال بنظرية إن الله خلق الكون والعالم والإنسان وشرع لذلك كله القوانين الأزلية الثابتة ثم أدار ظهره لها، لم يكن يؤمن بعناية وبرحمة الله، وعلى الإنسان أن ينظم عالمه كما يشاء وأن يدبر أحواله وفق حاجته، وسرى هذا الفكر فى الغرب والشرق ونادى به مفكرون وفلاسفة، حتى وصلنا إلى القرون الحديثة واقتحم الإنسان أسرار الطبيعة وبدا له أنه سيطر على قوانينها حتى وصل هذا الفكر إلى جسارة القول: لم تعد البشرية فى حاجة إلى الله ولا حاجة إلى الأديان، يكفينا العقل والعلم لنبنى مستقبلنا، وطوى القرن التاسع عشر أوراقه ومضى بعد أن صبغ الفكر بصبغة الإلحاد والمادية والدعوة إلى إسقاط فكرة الإيمان والدين والآخرة، ولحق به القرن العشرون بعد أن سيطرت فكرة موت الإنسان من جراء العبث بقوانين الطبيعة، أنه انتحار للإنسانية، ولا تظن أن شرقنا كان بعيداً عن هذه الأمواج الصاخبة، فقد واجه رياح الإلحاد والمادية لتعصف به ولكن باستحياء فلم يكن المجتمع الشرقى على استعداد لتقبل ذلك وهو الغارق فى شئون الدين وهموم الآخرة ويوم الحساب، هكذا دعا هيجل وماركس وفرويد ونيتشه إلى دفن فكرة الإيمان
ومرت الإنسانية بتجارب ثلاث أكدت فشل هذه الفلسفات التى جاءت ثمرتها المرة فى تجربة الإلحاد العلني، والشيوعية، والنازية، وراح ضحية حروبها ملايين الأبرياء ثم فوجعنا فى الشرق بظاهرة «داعش» اتفقت معها فى الفكر وأسلوب الحرب والعنف والتدمير واختلفت معها أنها ألبست هذا الفكر المتطرف ثوباً دينياً ليتناسب مع العقلية الشرقية وظل هدف هذه الظواهر البشعة واحداً هو خلق إنسان وفق هواهم وسحق الإنسان الآخر المخالف وإقامة نظم أخلاقية جديدة تفرض على الإنسان فرضاً، وتصدى لهذه الرياح العاتية مفكرون مؤمنون، يرفضون أن ينزع الإنسان من حضن خالقه وعنايته ورحمته وأن ينزع الله من وجدان الإنسان ونسيج كيانه، وانبرى هؤلاء الواثقون من إيمانهم وربهم فى الشرق والغرب للرد على فكر تسرب إلى عقول الناس ليزيدهم تعاسة وشقاء ومما استند عليه العلماء المؤمنون أمرين جوهريين:
الأمر الأول: قائم فى تكوين الإنسان كما خلقه الله وسواه وزرع فى خلاياه حياة روحية باطنية تسرى فى دمه لا تموت ولا تمحى بل تثور ضد كل المبيدات اللا أخلاقية وغازات الفساد والعادم الذى يستنشقه كل يوم ، فقد ثبت من دراسة الإنسان أن فيه نبضاً روحياً، دينياً لا يموت حتى بعد موته، وثبت أن الله ليس «موضوعا» خارج التكوين الإنسان بل هو أقرب إليه مما يظن، بل هو ساكن فى أعماقه، ومن هنا سيهزم الإلحاد دوماً.
الأمر الثاني: هو صمود الطبيعة الخارجية من حولنا، الطبيعة الخضراء، والبحار والطيور والحيوان، إنها طبيعة خلاقة تتمرد على انتهاكات البشر، تتدفق حيوية وحياة وتطوراً، ولن تفنى كما يظن البعض بأسلحة وحروب وكل العلوم والمخترعات إنما خرجت من رحم هذه الطبيعة، وهذه القوانين يمسك بزمامها الخالق القدوس ويرعاها فالله هو المسئول الأول عن الكون، كما يمسك بزمام ضمير الإنسان الذى يتوهج حتى فى أحلك الظلمات، وأخطر ما يسقط نظرية «موت الإنسان» هو أن من يبعد الله عنه إنما يسقط الجمال والبهاء والنور والسلام.
فما الذى يحتاج إليه العالم اليوم وغداً ؟
يحتاج العالم إلى أمرين مهمين، الأمر الأول أن يكف المؤمنون بالأديان عما نسميه «الإيمان التجريبي» أو بعبارة يسيرة الإيمان الذى يمسك العصا من منتصفها، إنه إيمان لا يرغب فى إسكات صوت ضميره وإغضاب الخالق تبارك وتعالى هذا من جهة.
ومن جهة أخرى لا يريد أن تفوته فرصة المتعة، حراماً أو حلالاً، أو أن يكسب مالاً حراماً أو حلالا.
وكأنه يخلق لذاته «تدينا خاصا» قال عنه أحد المفكرين «تدين العلمانية» إن الإيمان بالله طاقة روحية لا حدود لها، لكنها طاقة إيجابية تبنى لا تهدم، تسامح لا تنتقم، تعرف حقوق الإنسان الآخر، العالم فى حاجة إلى هؤلاء المؤمنين الذين اختبروا قوة الله ورحمته فى الحياة.
والأمر الثاني: العالم فى أشد الحاجة إلى «الإنسان القدوة» فالإنسان مسئول عن الإنسان، وما يفعله الكبار من عبث يؤثر فى الأجيال الصاعدة ومهمة التربية والتعليم هى الرسالة العظمى التى قام بها الخالق ذاته مع أنبيائه ورسله، العالم فى حاجة إلى «القدوة» فى البيت، المدرسة، فى الجامعة، فى كل مكان ونشاط ومهمة، تلك رسالة المؤمنين الصادقين، الذين يبنون المستقبل فى صمت وإخلاص، لذا نقول إن الإنسان سينتصر لا محاله وسيبقى الإيمان والقيم الروحية طالما يوجد مؤمنون حقيقيون وهم والحمد لله كثر.
لمزيد من مقالات د. الأنبا يوحنا قلته


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.