كما يحدث الآن علي يد السيسي بإنجاز مشروعات عملاقة تخلق فرصا كثيرة للعمل وتؤسس للتنمية لنصف قرن قادمة أو يزيد فعل الزعيم جمال عبدالناصر عندما أعلن في 23 ديسمبر 1958 انشاء واد مواز لوادي النيل في الصحراء الغربية، لتصل «قوافل التعمير» في 3 أكتوبر 1959 إلي الخارجة حاملة من المهندسين العسكريين أبطالا عظماء ليؤسسوا للتنمية ومعهم من العلماء وطنيون مخلصون أمضوا سنوات في ظل ظروف مناخية قاسية وتحمل صقيع الليل المهلك لشهور حتي أنشأوا قري عديدة نقل إليها بعض فلاحي الصعيد ومشروع فوسفات أبو طرطور العملاق ومناجم حديد الواحات الذي أنقذ مصانع الحديد والصلب في مصر من التوقف، جاب الصحراء عدد من المهندسين العسكريين وعلماء هيئة المساحة الجيولوجية وخبراء ري منهم حسن صبيح وعبدالمجيد الجغيل وطلعت ضرغام ومصطفي هاشم وحسين إدريس ومعهم من هيئة المساحة الجيولوجية شيخ الجيولوجيين في العالم الدكتور بهي عيسوي الجيولوجي الشاب آنذاك ومنير جرجس غبريال وموريس حكيم هيرمينا والمهندس سعد نجاتي ومختار طايل وتوفيق اسحاق وعبدالسلام نجاتي ومحمود النشواني وكثير من المخلصين الذين أسسوا لمجتمعات جديدة وضعوا الأبحاث والدراسات التي بدأت عليها النهضة الحالية في هذة الصحراء. يحكي شهوده ومن المشاركين فيه يقول ابراهيم خليل مدير الثقافة الأسبق في «الوادي الجديد» مغرب يوم 3 أكتوبر وصلت قافلة التعمير الأولي وطليعة المهندسين العسكريين ذهبوا إلي الشيخ نجاتي هنادي عمدة الخارجة فمنحهم كل معلوماته عن أماكن المياه الجوفية والأراضي الجيدة الصالحة للزراعة واستدعي لهم محمد اسماعيل البري «اسطي حفر الآبار» ليسرد عليهم خبراته ثم انطلقوا في نفس الوقت كانت طليعة الجيولوجيين المصريين قد بدأت العمل، يقول شيخ الجيولوجيين في العالم الدكتور محمد البهي عيسوي تم تكليفي وقتها بدراسة الواحات جيولوجيا لبدء تنميتها حسب توجيهات الرئيس عبدالناصر الذي أعلن البدء في التنمية وزراعة الأرض في الصحراء وعملنا لمدة عام مع خيرة المهندسين العسكريين الذين كلفهم الرئيس برئاسة (اللواء فيما بعد) حسن صبيح. وكان نطاق تكليفي هو المنطقة من تنيده شرق الداخلة، وحتي منطقة الليفية غرب «الخارجة» وضمنها حافة هضبة أبو طرطور وفيها اكتشفت الفوسفات بسمك 4 أمتار وجودة عالية وكان هذا اكتشافا مهما وقتها إلي أن انتقلت إلي الواحات البحرية. لدراسة امتداد خام حديد الواحات وكان المعلوم وقتها أنه لا يزيد علي 30 مليون طن وأثبت بالدراسة وجود 230 مليون طن من خام الحديد وهو الذي يمد مصانع حلوان إلي الآن وسيستمر لعشرات السنين، أسفرت دراساتنا عن امكانية تعمير الوادي الجديد وهو الاسم الذي تم اختياره لمحافظة الصحراء الغربية مؤكدا أن الأمل لتحويل مصر إلي دولة قوية كان دافعنا لتحمل الظروف الصعبة ويتفق مع أحد فرسان «التعمير» في الصحراء المهندس سعد نجاتي الذي شارك في انشاء عدد من القري الجديدة مثل «غرب الموهوب» في صحراء قاحلة لتوطين البدو في محيطها وتم استصلاح 7 آلاف فدان وقتها للمشاركة في إنجاز الحلم والمساهمة في التعمير. ويذكر المهندس نجاتي خطورة المنطقة وقتها بما فيها من عقارب وثعابين حتي أنهم رأوا المياه صفراء بعد إطلاقها من أول بئر حفروه، لاعداد العقارب المهولة التي طفت فوق الماء. وهذه المنطقة التي كان الناس يأنفون سكناها واستصلاح أرضها أصبحت الآن محط الأنظار والرغبة للحصول علي أرض فيها خصوصا بعد أن أعاد الرئيس السيسي لفت الأنظار إلي المحافظة كلها بمشروع المليون ونصف مليون فدان وبعد أن كان يسكنها الفراغ والحيات والعقارب أصبحت الآن قرية كبيرة تعدادها 15 ألف نسمة. ويضيف: صمم عبقري العمارة المصرية المهندس حسن فتحي قري التعمير الجديدة بطريقة بيئية مناسبة للمناخ وظروف الصحراء والتي أطلق عليها اسماء المدن العربية في اظهار للوحدة وإعلاء للقومية مثل بغداد ودمشق وعدن وصنعاء، والخرطوم وعبدالسلام عارف وفلسطين وجدة والجزائر والكويت. وتم بناء مسجد ومدرسة وجمعية زراعية في كل قرية وقد صممها المهندس حسن فتحي وفق رؤية مستقبلية تسمح بالتوسع، جعل عرض الشارع 50 مترا، يقول ابراهيم خليل سألته وقتها: ليس في الاسكندرية شارع 50 مترا فقال: بعد عشرين سنة هذا الشارع لن يزيد على 10 أمتار، وهو بالفعل ما أصبح عليه الآن. نتيجة التزايد المستمر في اعداد سكان القرية. وبالتالي فقد أنتجت قوافل تعمير عبدالناصر مجتمعات في مناطق لم تعرف السكني منذ بدء الخليقة الأهم هو المساهمة الفاعلة في الحراك الاجتماعي بعرق الفلاحين من محافظتهم «سوهاج» ومنح كل فلاح منهم 5 أفدنة ودارا صارت دورا متعددة بالتوسع فيما حولها والأفدنة تضاعفت عند كل منهم بجهده إلي عشرة أضعاف تقريبا وأصبح أبناء هؤلاء يتبوأون مراكز مهمة ومنهم ضباط ومهندسون وأطباء وعمداء لكليات ورؤساء أقسام في الجامعات. وأصبحت هذه القري الثلاث عشرة ما بين باريس جنوبا والخارجة شمالا من المجتمعات النموذجية وشهدت توسعا والتحمت بعضها مثل قريتي ناصر والثورة اللتين أصبحتا قرية واحدة وأعادت أبناء الواحات الذين هاجروا بحثا عن فرصة عمل في السويس والقاهرة ووطنت بدو الصحراء وكانت المرحلة الثانية من أعمال قوافل التعمير وهي إنشاء عدة قري بين الداخلة والفرافرة، بدأت ب «غرب الموهوب» لكنها للأسف توقفت بداية من ميزانية عام 1694 نتيجة تكليف شركة «الوادي الجديد العامة للمقاولات والتي انشئت لهذا الغرض بالعمل في اليمن لمساندة المجهود الحربي فيها ثم تقلصت الاعتمادات وجف التمويل في ميزانية 65/1966 في الخطة الخمسية الثانية حيث قضت هزيمة 1967 علي المتبقي منها وسحبوا كل المعدات والآلات من المحافظة ليعيد الرئيس السيسي البناء والتعمير في الصحراء مرة أخري بالمشروعات العملاقة الجديدة وتبدأ المحافظة حاليا في إنجاز قري حديثة مثل جناح الجديدة.