بعد رحلة كفاح حافلة بالعطاء، وعقب صراع طويل ومعاناة مع المرض، رحل الأستاذ إبراهيم نافع، رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير الأهرام ونقيب الصحفيين الأسبق، فجر أمس، حيث وافته المنية عن عمر يناهز الرابعة والثمانين عاما، فى دولة الإمارات العربية المتحدة. و«الأهرام» إذ تنعى إلى شعب مصر والعالم فقيدها الكبير، فإنها تذكر بكل الفخر والتقدير إنجازاته التاريخية باعتباره ثالث مؤسسيها بعد «آل تقلا» والأستاذ محمد حسنين هيكل. وكان الفقيد يأمل فى أن يقضى أيامه الأخيرة على أرض الوطن، وكانت الإجراءات تجرى على قدم وساق لتنفيذ هذه الرغبة، لكن المنية كانت أسرع. عاش الأستاذ إبراهيم نافع حياة مهنية وسياسية ثرية، فى فترة من أصعب الفترات التى مرت فى تاريخ مصر الحديث، شهدت تقلبات سياسية واجتماعية واقتصادية، شارك فيها محررا ومحللا ومسئولا عن "الأهرام" كبرى المؤسسات الصحفية فى مصر والعالم العربى. تخرج نافع فى كلية الحقوق جامعة عين شمس عام 1956، والتحق بالعمل بوكالة "رويترز"، ثم انتقل منها إلى الإذاعة المصرية، كما عمل محررا اقتصاديا بجريدة "الجمهورية" قبل أن يكلفه الأستاذ هيكل برئاسة القسم الاقتصادى بالأهرام فى أوائل الستينيات من القرن الماضى. وانتقل نافع إلى العمل فى الخارج بالبنك الدولى، ليكتسب خبرات جديدة أهلته لأن يضيف إلى "الأهرام" عملا متميزا بعد عودته من واشنطن، فكان من أوائل الخبراء الذين طالبوا بتحرير سعر الصرف بعد أن ظهرت أزمة الدولار لأول مرة عقب هزيمة 1967 وإغلاق قناة السويس أهم مصادر العملة الأجنبية فى ذلك الوقت، ونظم سلسلة من الندوات الاقتصادية الموسعة نشرتها الأهرام على حلقات. وارتقى إبراهيم نافع مهنيا، فأصبح مساعدا لرئيس التحرير، واختاره الرئيس الأسبق أنور السادات رئيسا للتحرير عام 1979. وجمع نافع منصبى رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عام 1984 فى أول ولاية للرئيس الأسبق حسنى مبارك. وأجرى نافع عددا هائلا من الأحاديث الصحفية مع الكثير من رؤساء وملوك وأمراء العالم. وانتخبه الصحفيون نقيبا لهم أكثر من دورة، حيث وقعت فى إحداها أزمة القانون 93 لسنة 95، الذى صدر فى ظروف غامضة مهددا حرية الصحافة، فانتصر نافع للصحافة ونقابته، بالرغم من علاقاته القوية بالرئيس مبارك وقتها، وتم تعديل القانون. وقد أحدث نافع تطورا مهنيا وإنشائيا كبيرا فى "الأهرام"، تحولت معه المؤسسة إلى عملاق اقتصادى يمتلك 29 شركة استثمارية وجامعة خاصة، وثلاث مطابع عملاقة، وأكثر من 15 إصدارا صحفيا يوميا وأسبوعيا وشهريا وفصليا، تغطى كل نشاط سياسى واقتصادى وثقافى وفنى ورياضى وفكرى وعلاقات إقليمية ودولية. وصرح الكاتب عبد المحسن سلامة، رئيس مجلس إدارة الأهرام ونقيب الصحفيين، بأنه ستقام جنازة للفقيد أمام المبنى الرئيسى ل«الأهرام» الساعة الحادية عشرة من صباح غد الأربعاء، ثم ينقل الجثمان إلى مسجد عمر مكرم لإقامة صلاة الجنازة عليه، قبل أن يوارى الثرى بمقابر الأسرة فى مدينة أكتوبر، وسيقام العزاء بالمسجد نفسه مساء بعد غد الخميس.