مع تصاعد التوترات الإقليمية على وقع الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على إيران، التي طالت عددا من المنشآت النووية ومواقع تخصيب اليورانيوم، تزداد المخاطر التي تواجه منظومة الأمان النووي في الشرق الأوسط، فى ظل السياسة المتباينة وازدواجية المعايير التي تتخذها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الأمر الذي أثار مخاوف حول التأثيرات المحتملة على دول الجوار، مع احتدام وتيرة الصراع والانتهاك الإسرائيلي المستمر للقانون الدولي، وتبادل التهديدات من جانب الطرفين باستهداف المنشإت النووية. ◄ خبراء: مصر آمنة من أي تسرب إشعاعي محتمل ◄ الهجمات على إيران تصعد مخاطر الأمان النووي جاء الهجوم الإسرائيلي على إيران ليزيد من تعقيد مسار المفاوضات النووية، عقب قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذى اتهم إيران بعدم الامتثال لالتزاماتها، وهو ما رفضته طهران مؤكدة أنها أعدّت حزمة من الإجراءات للرد على أى تصعيد. وانتقدت وزارة الخارجية الإيرانية ما وصفته بازدواجية المعايير، مشيرة فى بيانٍ لها، إلى أن الدول الغربية التى ترفع شعار الحد من الانتشار النووى تقدم دعمًا مباشرًا للبرنامج النووى العسكرى الإسرائيلى، فى الوقت الذى تهاجم البرنامج النووى الإيرانى المعلن. ◄ القوى الكبرى ويرى الدكتور كريم الأدهم خبير الطاقة النووية والمدير السابق لمركز الأمان النووى، أن إدارة الملف النووى عالميًا تُوظَّف لخدمة مصالح قوى كبرى على حساب مبادئ الأمن والسلم الدوليين. ويبرز هذا التحيّز برأيه، فى أداء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التى تطوِّع معاييرها الرقابية بما يخدم الولاياتالمتحدة وإسرائيل. ويلفت الأدهم فى تصريحه ل«آخرساعة» إلى أن إسرائيل لم توقِّع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، بالتالى لا تخضع منشآتها لأى نظام تفتيش تابع للوكالة، رغم ما تشير إليه التقديرات والتسريبات الاستخباراتية من امتلاكها نحو 300 رأس نووى. ورغم ذلك، لم تُقدم الوكالة حتى على مطالبتها بفتح منشآتها للمراقبة، على خلاف ما تقوم به تجاه دول أخرى، رغم أن دورها الأساسى يفترض أن يشمل رصد الخروقات ورفع التقارير إلى مجلس الأمن. وأشار إلى أن المشكلة تكمن فى أن انضمام الدول إلى معاهدة حظر الانتشار النووى طوعى، ولا توجد آلية دولية لإجبار أى دولة على ذلك، وهو ما تستفيد منه إسرائيل لتفادى الرقابة، بينما تُمارَس ضغوط سياسية على دول أخرى، مثل إيران. ويُحذِّر الأدهم من خطورة الهجمات الإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية، مشددًا على أن هذه المنشآت تتمتع بحصانة بموجب القانون الدولى ومعاهدات حظر الانتشار، واستهدافها يُعد انتهاكًا جسيمًا لتلك المواثيق. ◄ اقرأ أيضًا | حرب إسرائيل وإيران.. إقليم في خطر وكيان من خوف ■ نطنز ◄ مخاطر التسريبات ويؤكد الدكتور على عبدالنبى نائب رئيس هيئة المحطات النووية سابقًا، ل«آخرساعة» أن الخطر المترتب على استهداف المنشآت النووية الإيرانية، يمكن تقييمه على أكثر من مستوى، فرغم أنه حتى الآن لم تُرصد مستويات مرتفعة من الإشعاع خارج المنشآت ومواقع تخصيب اليورانيوم التى تم استهدافها، إلا أن التوجه الذى أعلنته إسرائيل باستهداف مواقع أخرى يضعها فى دائرة الخطر، فى ظل الغياب التام للمساءلة القانونية للكيان الإسرائيلى. هذه المخاطر تحكمها عوامل عدّة كما يشير عبدالنبى، أولها نوع الحادث وطبيعة المنشأة المُستهدفة والمواد المشعة التى تحويها، فضلاً عن درجة حصانة المنشآت وقوة الضربات التى يمكن أن تتلقاها وأماكن التفجير وشدتها، إضافة إلى سلوك المواد المشعة الذى يعتمد انتشارها على اتجاهات الرياح وقوتها، التى يمكن أن تنقل التلوث الإشعاعى عبر ما يُسمى بالسحابة النووية إلى دول مجاورة ومناطق أخرى خارج الحدود، حسبما يوضح. ■ نطنز ◄ انتشار التلوث الإشعاعي ويؤكد عبدالنبي أن مصر بعيدة تمامًا عن مخاطر الإشعاع النووى التى يُمكن أن تترتب على أى استهداف للمنشآت الإيرانية، فنحن نبعد عن إيران بمسافة تزيد عن 2000 كيلومتر، ما يجعل من الصعب جدًا أن يصلنا أى تلوث إشعاعى. ويشير إلى أن الخطر الحقيقى الذى يمكن أن يواجه إيران ودول الخليج المجاورة، سيكون إن أقدمت إسرائيل على استهداف مفاعل «بوشهر» الواقع جنوب غربى إيران على ساحل الخليج العربى، رغم أنها تستهدف بالأساس مواقع التخصيب. هذا المفاعلات النووية على خلاف منشآت تخصيب اليورانيوم التى جرى استهدافها، تحوى مواد عالية الإشعاع وهى نواتج الانشطار النووى، التى يُمكن أن تحدث كارثة بيئية هائلة حال تعرض المفاعل إلى هجوم أدى إلى تدميره أو التأثير على أنظمة التبريد الخاصة به، يمكن أن يتسبب ذلك فى انصهار قلب المفاعل أو تسرب المواد المشعة إلى الجو ومياه الخليج العربى والبيئة المحيطة. بينما يقتصر التأثير الإشعاعى لمنشآت تخصيب اليورانيوم على نطاق محدود، حسبما يوضح، مشيرًا إلى أن المواد المستخدمة بهذه المنشآت مثل سادس فلوريد اليورانيوم، لا تنتشر بسهولة فى حالتها الصلبة، ويمكن أن يؤدى تعرضها لانفجار إلى تلوث كيميائى خطير فى البيئة المحيطة، لكنه من الصعب أن ينتقل فى أغلب الأحوال. غير أن أغلب هذه المنشآت الإيرانية محصنة بشكل كبير فى مواقعها تحت الأرض، ما يصعب إحداث تأثير كبير عليها.