مطالب كثيرة تكررت أخيرا بإجراء محاكمات عسكرية عاجلة لمرتكبى جرائم الإرهاب ..وأحدثها محاولة الهجوم على كنيسة مارمينا فى حلوان.. لكن دستوريا هل يمكن ذلك؟ وهل القضاء العسكرى يتحمل هذا الكم من المحاكمات؟ وهل لديه الاستعدادات الكافية ليحاكم هؤلاء المتهمين بسرعة؟.. تساؤلات تطرحها السطور التالية على الخبراء والمستشارين المتخصصين.. فى البداية، توجهنا بتساؤلنا إلى المستشار عبدالعزيز أبو عيانة رئيس محكمة جنايات الاسكندرية ورئيس نادى قضاة الاسكندرية..هل محاكمة الإرهابيين أمام القضاء العسكرى بدلا من المدنى لايخالف الدستور؟ فأجاب بأنه يمكن تطبيقه فى حالات الطوارئ والحرب فيمكن تحويل كثير من القضايا للقضاء العسكرى ونحن الآن بالفعل فى حالة حرب مع الإرهاب، ولذلك فهو لايتعارض مع الدستور..إلا أن هناك تعذرا فى تقديم هؤلاء القتلة الارهابيين للقضاء العسكرى فى الوقت الراهن لندرة أعداد القضاة والمستشارين العسكريين، كما أن عدد دوائر الجنايات العسكرية قليل بل أنها تكاد تعد على الأصابع مما يحملهم أعباء كبيرة، ولابد من إعداد وتأهيل قضاة عسكريين وزيادة أعدادهم على الأقل 5 أضعاف العدد الحالى، ويمكن حل هذه المشكلة بقبول دفعات جديدة من خريجى كليات الحقوق اللائقين للنيابات العسكرية لإعداد جيل من القضاة يتحمل هذه المسئولية الضخمة، فلابد من زيادة دوائر القضاء العسكرى لمواجهة هذه الظروف، وأن يستعين القضاء العسكرى ببعض القضاة المدنيين ليتم تحويلهم لقضاة عسكريين، وهذه فكرة سريعة لتطبيق قانون يسمح بمحاكمة القتلة الإرهابيين سريعا..فلا نتوقع أن يكون هناك اعتراض مثلا، إذا تم انتداب مائة قاض مدنى للقضاء العسكرى. دراسة وافية أولا ويضيف : لابد من دراسة وافية صحيحة حتى لا يكون هناك عبء على القضاء الجنائى العسكري، والأهم من هذا كله أن يجرى تعديل لقانون الاجراءات الجنائية، والدستور ينص على أن تنظر قضايا الجنايات على درجتين : الاستئناف والنقض، ولتسهيل عملية التقاضى والانتهاء من القضية بسرعة لابد أن تنظر محكمة النقض الموضوع من أول جلسة أو درجة ليكون الحكم نهائيا وباتا مما يوفر أكثر من عامين من التقاضي.. ويؤكد أنه بدلا من تكدس قضاة النقض بالقاهرة يمكن توزيعهم على الأقاليم مثل القضاء الادارى العالي، الذى انتشر بالجمهورية، ويتم ذلك بزيادة أعداد قضاة النقض والمحاكم الخاصة بهم، ففى الوقت الحالى وسابقا بعد الحكم فى الجنايات تذهب القضية للنقض، وبعد نظرها تتم اعادة القضية للجنايات بنسبة تتعدى 70% من القضايا، ثم يجرى تقديمها بعد ذلك للنقض وهذه الدورة تستغرق سنوات طويلة من التقاضى وتضيع العدالة مع بطء التقاضى وتأخير الحكم وتنفيذه وأكبر مثال على ذلك قضية محاكمة حبارة فى الجنايات فرغم اعترافاته إلا أن قضيته ظلت متداولة بالمحاكم 4 سنوات. نموذج ناجح ومحاربة الإرهاب بالقانون، كما يضيف المستشار عبدالعزيز أبو عيانة، تكون مفيدة وقوية عندما تصدر الأحكام بسرعة، وعلينا أن نتخذ من نظام محكمة الجنايات الاقتصادية نموذجا يحتذى به ..فالقضية فى القضاء الجنائى الاقتصادي، لا تستغرق أكثر من عدة شهور بدلا من عدة سنوات وهى تجربة ناجحة، حيث يتم البت فى الطعن عليها فى النقض بعد الحكم، ويجرى نظرها موضوعيا فى محكمة النقض فى أول جلسة، ولذلك نجحت التجربة المصرية القضائية فى المحكمة الاقتصادية ،فلماذا لا تطبق فى الجنايات؟. قانون الإرهاب يكفي وينبه الدكتور نور فرحات أستاذ القانون الدستورى بجامعة الزقازيق، الى أن قانون الارهاب ينص على انشاء دوائر خاصة أمام محاكم الجنايات، وأعطى القضاء والنيابة سلطة واسعة إجرائية وموضوعية للتعامل مع الكيانات الارهابية، وهناك نص فى قانون الأحكام العسكرية على أنه يحق لرئيس الجمهورية - متى أعلنت حالة الطوارئ - أن يحيل أى جريمة للقضاء العسكري، وهذا منصوص عليه قانونا، وهناك حكم شهير فى محكمة القضاء الادارى فسر كلمة أى جريمة بالجريمة قبل وقوعها وأيضا إذا وقعت تحولت لقضية واتهام..وفى ظل وجود قانون للإرهاب ليس هناك ما يدعو لإحالة الارهابيين للقضاء العسكري، حيث يوجد قانون 94 لعام 2015 وقانون الكيانات الإرهابية 8 لعام 2015، وهو يصنف الإرهابى والعمل الإرهابى والجماعات الارهابية التى تستخدم العنف والتهديد لتحقيق أهداف مخالفة للأمن والنظام العام. لا يوجد مشروع بالمجلس حول مدى حقيقة تقديم قانون للمناقشة والتصويت بمجلس النواب يتيح للقضاء العسكرى محاكمة الارهابيين أمام الجنايات العسكرية؟ يقول المستشار بهاء الدين أبوشقة رئيس اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب وبشكل قاطع إنه لايوجد قانون للمناقشة فى مجلس النواب مطلقا، ولايمكن إصدار قانون لمحاكمة الارهابيين أمام محكمة الجنايات العسكرية، وجميعها عبارة عن أقاويل واقتراحات ومطالب من بعض الناس، وليس المجلس لأننا ملتزمون بالنص الدستورى بأن المدنيين لايحاكمون أمام القضاء العسكري، فالمادة 204 نصت على أن القضاء العسكرى جهة قضائية مستقلة، تختص بنظر القضايا الخاصة بالقوات المسلحة وأفرادها وضباطها، ولايجوز محاكمة مدنى أمام القضاء العسكرى إلا فى حالات الاعتداء على المناطق العسكرية أو «معداتها» أو وثائقها وأسرارها العسكرية والمصانع الحربية، ومن هنا نحن نلتزم بالدستور ولا يجوز إصدار قانون يخالفه. استئناف الجنايات ويضيف رئيس اللجنة التشريعيةأنه بالنسبة لقانون استئناف الجنايات على درجتين، فإننا نعمل عليه فى المجلس ويتضمن ضمانات دستورية، وسيجرى تطبيقه بداية من العام القضائى الجديد، وسيجرى تفعيل النص الدستورى بأن تكون الجنايات على درجتين ويتضمن استئناف الجنايات وهو نقلة حضارية وضمانة من ضمانات محاكمة المتهم فى الجنايات، بحيث يعطى درجة أعلى من العدالة القضائية، ففى حالة الاستئناف نكون أمام محكمة جديدة وتوفير كل الضمانات للمتهم ودفاعه للوصول لمحاكمة منصفة، وقد سبقه تعديل بحيث يكون الطعن مرة واحدة للفصل فى المحاكمة كل ذلك لإنجاز القضايا وتحقيق العدالة فى المجتمع وردع المجرمين. كشف الجريمة مهم بينما يقول الدكتور فتحى قناوي، مستشار قسم كشف الجريمة بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية إن الجرائم الكبيرة والبشعة، مثل جريمة قتل المصلين بمسجد الروضة، تحتاج بحثا متكاملا لأنها جريمة إرهابية مخططة من حيث التوقيت والعربات وعدد الخسائر الرهيب، فتتبع خيوط الجريمة له خطوات علمية تقوم بها أجهزة البحث والتحرى وجهات التحقيق للكشف عن ملابسات الجريمة ومرتكبيها والمدبرين لها والمحرضين عليها ومموليها ويجب ألا نغفل أن هناك مخططات كبيرة لزعزعة الدولة المصرية، وربما كان ذلك رد فعل بعد النشاط السياسى المصرى خارجيا على المستوى الاقليمى والدولى واسترداد مصر لمكانتها.