◙ رئيس «الخطة والموازنة»: كيف نضع تشريعا لأصول لا نعلمها والحكومة لم تنجز فى الملف منذ عامين! ◙ د. مدحت نافع: عدم اتباع خطة منضبطة فى حصر الأصول هو المشكلة
لجنة وراء لجنة تتبعها لجنة، هذا هو ما حدث في ملف أصول الدولة غير المستغلة، نسمع عن تشكيل لجان ولا نعرف شيئا عن نتائجها، بالرغم من أنه لو تمكنت الدولة من إنجاز هذا الملف وانتهت الى وسائل لإدارة هذه الأصول بما يصب فى خزينة الدولة موارد مالية بالمليارات لا تصلها الآن، ولتمكنت من تدبير التمويل اللازم لإقامة مشروعات قومية وحل مشاكل التعليم والصحة وإتاحة فرص عمل للشباب، هذا بالطبع إلى جانب موارد مالية أخري.
فمنذ أكثر من ثلاث سنوات والحديث عن استغلال أصول الدولة لا يتوقف والمهندس إبراهيم محلب حينما كان رئيسا لمجلس الوزراء وجه فى أكثر من اجتماع بضرورة الاهتمام بأصول الدولة وتعظيم الاستفادة منها، كما وافق على مقترح بإنشاء صندوق مصر السيادى «أملاك» لتطوير أملاك مصر، ومع تولى المهندس شريف إسماعيل الحكومة أصدر قرارا بتشكيل لجنة وزارية لحصر الأصول غير المستغلة، ثمّ جاءت الدكتورة هالة السعيد وزيرة للتخطيط لتكون طوق نجاة لهذه اللجان لتقوم بوقف العمل بمشروع الصندوق السيادى أملاك وتؤكد في تصريحات صحفية لها أنها تعكف حاليا مع مجموعة من المستشارين والخبراء على الانتهاء من نماذج ودراسات للطرق المثلى لإدارة أصول الدولة غير المستغلة وعرضها على رئيس مجلس الوزراء. ما الذى يحدث فى هذا الملف؟ وما المطلوب العمل فيه لكى تُستغل هذه الأصول؟ بل كيف نُحسن استغلالها لتكون بالفعل حسب رأى الخبراء أفضل الحلول لأزماتنا الاقتصادية؟ اقتصاد مواز الدكتور مصطفى بدرة أستاذ التمويل والاستثمار وصف الأصول غير المستغلة بأنها «مهملة وغير محققة للربح» وكان من المفترض أن يكون عائدها إيرادا إضافيا لسد عجز الموازنة، فنحن لدينا أصول مهملة وغير مستغلة عن عمد، وهذه الأصول غير المستغلة تشكل عبئا اقتصاديا كبيرا على الدولة وقد لاحظ صندوق النقد الدولى قيمة الاقتصاد الموازى فى مصر وطالب بأن تكون هناك حلول له .. والأصول غير المستغلة سواء كانت حكومية أو خاصة هى بالتأكيد اقتصاد مواز لايتمثل فقط كما يعتقد الكثيرون فى الباعة الجائلين أو أصحاب المحال والورش غير المرخصة أو التى لا تدفع رسوما وضرائب، وبالتالى لابد من تقنين موضوعي وحقيقى وواقعى لكل المؤسسات والأجهزة والوزارات.وبالتالى فإن حل المشكلة يتمثل فى قوانين وتشريعات وإدارة سليمة وإرادة قوية ودعم القيادة السياسية. فمن الناحية التشريعية لابد من النظر إلى القوانين المتعلقة بهذه الأصول كقانون المحليات والضرائب والضرائب العقارية وغيرها، ثم يأتى بعدها إدارة هذه الأصول بما يحقق النفع العام، وحتى يتحقق ما سبق لابد من وجود الإرادةبحيث يكون عائد هذه الأصول دعما للموازنة العامة للدولة، وأن تدعم القيادة السياسية هذا المشروع لضمان نجاحه فعلى كل جهة لديها أصول غير مستغلة أن تقدم حصرا بمنشآتها والعوائق التى تحول دون استخدامها، فعلى سبيل المثال الإذاعة والتليفزيون لديها أراض وأصول لا حصر لها، ولكن القانون الخاص بها لا يسمح لها ببيع أو استغلال الأصول من خلال التأجير أو تحويل النشاط وما إلى ذلك، ومن هنا فإن تعديل التشريع واجب فى مثل هذه الحالات وهذا دور مجلس النواب. لجنة مشتركة الدكتور حسين عيسى رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب قال: عقدنا اجتماعات عديدة باللجنة فيما يخص أصول الدولة غير المستغلة وعرضنا فى مارس 2016 بعد انتخاب اللجنة مباشرةأن يتم تشكيل لجنة مشتركة من الحكومة ومجلس النواب للنظر فى هذا الموضوع من خلال الدكتور على عبدالعال رئيس المجلس لوضع إستراتيجية لكيفية استغلال هذه الأصول الاستغلال الأمثل، وبعد التشاور مع رئيس مجلس الوزراء أبلغنا أن الحكومة قامت بتشكيل لجنة لحصر هذه الأصول على أن تقدم تقريرا للمجلس بما تنتهي إليه من نتائج، ولكن المؤسف أنه لم تقدم اللجنة التى شكلها رئيس مجلس الوزراء أى شيء فيما يخص هذا الملف المهم والخطير وما نسمعه فى هذا الصدد هو تشكيل لجنة ثم إلغاؤها ثم تشكيل أخري، ثم إسناد هذا الملف إلى وزارة التخطيط فى عهد الوزيرة الحالية الدكتورة هالة السعيد وبدورها أوقفت العمل ب « مشروع الصندوق السيادي -أملاك» وتشكيل لجنة من الخبراء ولم تبلغنا الوزارة بأى شيء حتى الآن. ولا شك كما يضيف د. حسين - أن الملف يحتاج تشريعا ينظم هذه الأصول وكيفية استغلالها وكيفية إدارتها والعائد من ورائها، ولكن السؤال هنا هو: كيف أضع تشريعا لأصول لا أعلمها؟ وهى كما نعرف تمتد فى ربوع مصر كلها وتتنوع ما بين أراض وعقارات وشركات ومصانع وسكة حديد وخلافه ..واللجنة_من جانبها_ لم تقصر ودائما ما تخاطب الحكومة بشأن هذا الملف وتمارس ضغوطا كبيرة من أجل إنهائه. أرقام تعريفية الدكتور مدحت نافع الخبير الاقتصادى وأستاذ التمويل رأى أن البداية السليمة لاستغلال أية أصول هى حصرها وفقاً لقواعد بيانات دقيقة وتصنيفها باستخدام أرقام تعريفية للأصول العينية.. ثم بتشكيل لجان متخصصة لتقييمها ولجان أخرى لمراجعة التقييمات، ثم يتم إتاحة تلك الأصول للاستغلال الأمثل وفقاً للخطة الاستثمارية وخريطة الاستثمار التى أقرها قانون الاستثمار الجديد ونصت عليها لائحته التنفيذية الصادرة مؤخراً.. والأزمة التى واجهت الحكومات المتعاقبة فيما يخص استغلال أصول الدولة سببها عدم اتباع خطة منضبطة وفق الترتيب الذى تقدّم.. وهناك أراض كثيرة محل نزاع ووضع يد وأصول يتم إهدارها بصفة مستمرة وبعض الوزارات تتعامل مع هذا النوع من الهدر بشكل فعال مثل وزارة قطاع الأعمال فى إطار عمليات إعادة الهيكلة وهناك جهود تجرى حالياً من خلال لجنة عليا لتقييم أصول الدولة برعاية واهتمام مباشر من رئاسة الجمهورية ومتابعة وزارة الاستثمار. يرى الخبير الاقتصادى هانى توفيق أن الحل الأمثل يتلخص في إنشاء مجلس أعلى برئاسة رئيس الجمهورية، مثلما حدث مع المجلس الأعلى للمدفوعات والتعامل الأفضل مع هذه الأصول أولا يكون من خلال «قرار جمهورى» يسحب اختصاصات وولاية الوزارات والهيئات من هذه الأصول، ويعطى الحق للجهة التى تقوم بالحصر بالتصرف فيها بناء على هذا القرار، وثانيا أن يتم استغلال هذه الأصول عن طريق مشاركة القطاع الخاص أو من خلال نظام التأجير التمويلى ودخول البنوك المصرية فى تمويل مشروعات خدمية وتسويقية فى هذهالأصول لتكون حلا لأزمات الاقتصاد والبطالة.