◙ الطلاب: توفير بيئة جاذبة بالمدارس هى البداية..والمشكلة فى المرحلة الثانوية ◙ أولياء الأمور: حصص التقوية فى المدارس ليست بديلا..واختفاء «السناتر» لن يمنع الدروس بالمنازل ◙ ..والوزارة ترد : مشروع القانون تحت الدراسة
مرة أخرى يثار الحديث بقوة حول تجريم الدروس الخصوصية مع إعلان وزارة التربية والتعليم عن إعداد مشروع قانون لإمكان تجريمها خاصة مع تراجع دور المدرسة حتى أصبحت عملا تجاريا فى آلاف المراكز التعليمية التى تجذب الطلاب فى مواعيد العمل بالمدرسة نفسها بعد أن كشفت عن أن هذه الجريمة تستنزف نحو 30 مليار جنيه من ميزانية الأسر. وعلى الجانب الآخر أكد عدد من الخبراء أن مشروع التجريم لن ينجح بمفرده فى التصدى للظاهرة وأن الأمر يحتاج إلى حزمة من الإجراءات خاصة أن الإجراءات العقابية فشلت فى التصدى للظاهرة وكان آخرها تطبيق الضبطية القضائية لإغلاق مراكز الدروس الخصوصية، ولم تحقق نجاحا يذكر.. والسؤال.. هل ينجح المشروع بمفرده فى التصدى للظاهرة وما معوقات تطبيق القانون التى تعرقل قدرته على التصدى للظاهرة؟. وتؤكد الطالبة نسرين أحمد أمين بالثانوية العامة أنها لم تحضر طوال العام الدراسى لأن المعلمين لا يشرحون ولا يحضرون غالبا، وإن المدرسين الذين يحضرون لا يعطون تدريبات كافية وتكون الدراسة بنظام الاستماع فقط، وفى الوقت الذى نأخذ فيه دروسا خارج المدرسة فإن الحضور إليها يعد تضييعا للوقت، فنحن في منافسة لا تسمح بذلك، فالمرحلة الثانوية تعنى تحديد المصير، والطلاب الذين يحضرون يكون ذلك بهدف التسلية فقط، لأننا نأخذ دروسا منذ أول أغسطس الماضى وأخذنا تدريبات فى المواد واختبارات متعددة، والمدرسون يقدمون الدروس التى تلقيناها من أشهر، لذلك لا تفيدنا فى شيء وغالبا تكون الحصص إضافية لعدم وجود مدرس المادة، أما إذا كان هناك نظام مثل المرحلة الإعدادية، فكان يمكن أن نحضر ولكن معروف أن الثانوية هى مرحلة الدروس الخصوصية وكنا نأخذ دروسا من الابتدائي. ويضيف الطالب عماد الشافعى بالثانوى أنه من المعروف أن المدرس الذى يعطى دروسا خصوصية نفهم منه دون مجهود ويمكننا أن نحصل على أعلى الدرجات، كما أن وقت الدرس فى المادة يكون مناسبا لفهم الطالب لها مع التدريب العملى والاختبارات المستمرة وهناك تنافس على المدرسين والمراكز، لدرجة أن المدرس يختبر الطلاب ليقبل المتميزين فقط حفاظا على سمعته فى تحقيق أعلى النتائج والدرجات.. فإذا صدر قانون تجريم الدروس الخصوصية فسيكون مشكلة لأننا أصبحنا نعتمد عليها تماما الآن لذا يجب تطبيقه مع بداية العام الدراسى المقبل، لأنه يستحيل على الطلاب العودة إلى المدارس بعد انتهاء نصف العام الدراسي، كما أن المدرسين سيختلقون الحيل للتغلب على هذا القانون بالمخالفات ووضع الطلاب فى ظروف ومواقف صعبة تشتت تفكيرهم. وأشار حمدى سعيد موظف وولى أمر طالب ثانوى إلى أن إعلان الوزارة عن مشروع قانون يجرم الدروس الخصوصية يجب أن يواكبه حل عملى حقيقى لمشكلة المدارس.. فالمعلمون يتلقون الرواتب ولا يعملون بعد أن ثبت أن 80% منهم يعطون دروسا خصوصية، فإذا اعتمدت الوزارة على فصول التقوية فهى اعتراف بأن الدروس بالمدرسة ليست جيدة وهى بذلك تنافس مراكز الدروس الخصوصية التى تحاربها، ويكفى أنها رفعت قيمة حصة التقوية، فإذا كان لابد من الدفع فالدرس الخصوصى أفضل من حيث المواعيد والحرية فى الحركة.. لذلك لا نتوقع نجاح هذا القانون إلا مع الثانوية العامة الجديدة التى يبدأ تطبيقها من العام المقبل، مع ضرورة وجود تمهيد كبير خلال المرحلة الحالية والمقبلة بعقد ندوات مع مجالس الأمناء والآباء والمعلمين لفهم نصوص القانون وكيفية تطبيقه وطرحه للنقاش المجتمعى وتفعيله من خلال المواطن نفسه لينتظم الأبناء فى العملية التعليمية مع ضرورة تطوير المناهج وأسلوب الأسئلة. قيمة المعلم من جانبه لم يرحب الدكتور جمال شيحة رئيس لجنة التعليم بمجلس النواب بالمشروع وعده تقليلا من قيمة معلم الأجيال، فليس معقولا أن الذى يربى أبناءنا يطارد من الشرطة فالوزارة تطالب المدرس بالتطوير فى الأداء والعلم والتعليم، فى حين أن راتب أكثر من 90% من المعلمين لم يصل إلى 3 آلاف جنيه وهو دون حد الكفاف لمعيشتهم، فيجب على الوزارة أولا أن تعطى المدرسين حقوقهم المشروعة من رواتب تناسب احتياجاتهم الشخصية والأسرية قبل أن نطالبهم بترك الدروس الخصوصية وقبل أن تتحدث عن جعلها جريمة يعاقب عليها المدرس بالحبس والغرامة والفصل من عمله. ويرى الدكتور حسنى السيد أستاذ البحوث التربوية أن قانون تجريم الدروس الخصوصية جاء متأخرا جدا وستواجه الوزارة مقاومة شديدة لمدة عام على الأقل تتراجع مع مرور الوقت وزيادة رواتب المعلمين، ويجب ألا ننظر للمعلم على أنه «مجرم حتى تثبت إدانته» لأنه قدوة لأبنائنا، بل يجب أن نرقى به علما وسلوكا واحتراما لأن هدم شخصيته يعنى هدم المثل الإيجابية للطالب، فالآباء والطلاب للأسف وفق عرف مجتمعى حريصون على الدروس الخصوصية بل إنهم يجبرون المدرسين عليها أحيانا خوفا على مستقبل أبنائهم، فبيئة المدرسة غير جاذبة بل أصبحت طاردة والأداء فيها بعيد عن الجودة والمعلم يكون أحيانا غير متخصص أو تربوى ويجب أن تكون هناك ضبطية قضائية فاعلة قادرة على متابعة حركة الدروس الخصوصية وحضور المدرسين طوال اليوم الدراسى والتركيز على المناطق الشهيرة بالمراكز خاصة فى محافظتى القاهرة والإسكندرية وهما أعلى المحافظات فى عدد مراكز الدروس الخصوصية، ونضمن بالقانون ضبط دور المدرسين من غير العاملين بالوزارة التى لا تستطيع عقابهم وكذلك المعلمون ممن حصلوا على إجازة من الوزارة للتفرغ للدروس الخصوصية ويعودون للعمل بعد الإجازة . وأشار إلى ضرورة الاستعانة بالوسائل التعليمية المتطورة عالميا والبث الدورى للشرح على مواقع الانترنت. مشكلات المدارس ويشير الدكتور أبو السعود محمد أحمد عميد تربية بنها السابق إلى أن القضاء على الدروس الخصوصية يجب أن يحمل أيضا مفهوم التعليم العصري غير التقليدي لوجود وسائل للمعرفة والتعلم كثيرة منها كتاب المدرسة والإعداد الجيد للمدرس مما يشجع الكفاءات والتركيز على الأنشطة التعليمية الهادفة لتعليم الطالب.. فالقضية تتخطى الدروس الخصوصية، ولكن الإهمال وغياب الانضباط داخل المدرسة أهم أسباب الأزمة، فليس من المنطقى أن يكون ولى الأمر راغبا فى تبديد أمواله أو جلوس أبنائه فى المنزل طوال العام!! فرغم أن الوزارة تسعى لاستصدار مشروع قانون تجريم الدروس الخصوصية فى الأيام المقبلة وستنفذه بالضبطية القضائية، فيجب أن تركز أيضا على رصد مخالفة الطالب الذى لا يحضر ومضاعفة العقاب إذا تكرر الانقطاع دون عذر وألا يجوز إعادة قيد الطالب المتجاوز نسبة الغياب مع إنذار المعلم الذى يعطى دروسا خصوصية أول مرة ثم يحال للمحاكمة إذا كررها، والقانون هنا سيقضى على استهتار بعض المعلمين ويجب ألا ننسى أن حصة واحدة فى درس أو«سنتر» تساوى راتبه طوال شهر. أساس العملية التعليمية ويري سعد مهلل معلم وخبير لغة عربية بالإسكندرية أن الوزارة لا تهتم بالمدرسين رغم أنهم أساس العملية التعليمية وهم فئة ذات رواتب متدنية والمشكلة سوف تستمر لأننا لم نعالج سبب المرض مثل الكثافة العالية فى الفصول، لذلك فإن القانون المتوقع سيزيد ظاهرة الدروس المنزلية عوضا عن المراكز فالضبطية القضائية ليس من حقها اقتحام المنازل!! الإجراءات القانونية من جانبه أكد المستشار القانونى أيمن دار المحامى بالنقض أن تشريع قانون بتجريم الدروس الخصوصية يحتاج الحسم فى الإجراءات خاصة أن هناك عددا كبيرا من المدرسين يعيش عليها وكونوا ثروات هائلة من ورائها فإنه بوقوع الجريمة وكشفها بالضبطية القضائية يحق تحويل المتهم بها للتحقيق معه فى قسم الشرطة أولا ثم النيابة العامة، ويجب أن تكون العقوبة وجوبية بالحبس بما لا يقل عن عام مع غرامة تساوى المبالغ التى يتحصل عليها المدرس فى عام دراسي، مع إبلاغ الضرائب العامة لحسابه عن المبالغ الهائلة التى حققها طوال الفترة السابقة بقانون «من أين لك هذا؟!» فهو تلقي راتبه من المدرسة دون عمل منصرفا للدروس الخصوصية المجرمة قانونا وبالتالى لن يكون من حقه العودة للتدريس تحت أى مسمى.
..والوزارة ترد : مشروع القانون تحت الدراسة أكد محمد عطية وكيل وزارة التربية والتعليم أن هناك جهدا من الوزارة لمواجهة الدروس الخصوصية، من خلال مشروع قانون تجريم هذه الظاهرة الذى مازال تحت الدراسة، ولذلك لم يتم الانتهاء من صياغته بعد، ويستوجب طرحه للنقاش المجتمعي، للوصول إلى صيغة يتفق عليها معظم الأطراف، ونظرا لإمكانية إضافة بعض النصوص وتعديل غيرها، على أن يتواكب ذلك مع توعية المواطن وأولياء الأمور بأهمية انتظام الطلاب فى الدراسة، لأن الدروس الخصوصية تفتقد الجانب التربوي، والمدرسة دورها صناعة الجيل والمستقبل، لذلك فإن مشروع القانون لابد أن يحجم كثيرا من هذه الجريمة، خاصة عندما تصل إلى حد إجبار الطلاب على الدروس الخصوصية من أجل أعمال السنة، وهناك تحفظات ووجهات نظر أخرى حول الحبس والغرامة، ولكن لا يمنع مشروع القانون من تحويل المدرس للتحقيق، أو نقله إلى عمل إدارى فى حالة مخالفته قرارات الوزارة.