وزارة العدل أصدرت قرارا أخيرا بمنح حق وصفة الضبطية القضائية لأعضاء الشئون القانونية بوزارة التربية والتعليم والمديريات، لمحاربة مافيا مراكز الدروس الخصوصية والمدارس الخاصة والدولية التى تعمل دون ترخيص،حيث يمنح القرار الحق للأعضاء باتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المخالفين. فيما أكد الدكتور الهلالى الشربينى وزير التربية والتعليم أن عدد أعضاء الشئون القانونية الذين يتمتعون بصفة الضبطية القضائية لغلق مراكز الدروس الخصوصية والمنشآت المخالفة، وصل إلى 58 عضوا بالديوان والمديريات، مشيرا إلى أن إجمالى الأعضاء بالديوان المختصين بالضبطية وصل إلى 31 فردا و27 بالمديريات، بواقع عضو بكل محافظة، ويتولى مدير الشئون القانونية بالمديرية التعليمية صفة الضبطية القضائية. وحددت الضبطية القضائية مشاركة وزارة الداخلية، من خلال قوة من أفراد الأمن لترافق الأعضاء فى أثناء القيام بمهام عملهم، إضافة إلى رئيس الحى وأعضاء بالشئون القانونية بالوزارة ، وتبدأ مهمتهم بإرسال إنذارين للجهة المخالفة، وفى حال عدم الاستجابة يبدأ اتخاذ إجراءات الغلق الإدارى من قبل أعضاء اللجنة.، حيث رصدت الإدارة المركزية للأمن بالوزارة نحو 1630 مركزًا بالمحافظات، وتم غلق عدد منها فى محافظاتالشرقية والجيزة والإسكندرية والقاهرة، وعدد من المحافظات الأخري.. ويرى الدكتور على الجمل أستاذ المناهج التربوية بجامعة عين شمس أن الضبطية القضائية لن تفيد كثيرا لأنه من المعروف أن جميع المراكز التعليمية التى أغلقت فتحت فى نفس اليوم ولم تتعطل حتى يومنا هذا ، وذلك بالتحايل والرشاوى أو فتح أبواب خلفية فهى تمثيلية تقودها الوزارة دون أن تخوض فى حل أسباب المشكلة التى امتدت إلى طبيعة وفكر المجتمع ، وفى نفس الوقت فإن طبيعة الثانوية العامة تجبر الطالب قبل المدرس على الدروس الخصوصية فالامتحانات ماهى إلا حفظ سواء للأدبى أو العلمى وهو بذلك لا يرقى للتعليم أو أهدافه ، فى الوقت الذى لا توجد فيه كليات تتناسب مع الأعداد الغفيرة بحيث تستوعب كل المتفوقين وتنتهى كارثة ضياع الكلية على نصف درجة كما أن التعليم الجامعى الخاص لايستوعب إلا عددا قليلا بالنسبة للمتفوقين، كما أن مصروفاته عالية ومجهدة لأبناء شعب فقير لا يجد50% من سكانه وسائل العيش الحقيقية ، وبعد أن ترهقه الدروس الخصوصية التى تعدت 22 مليار جنيه، فى حين أن مصروفات الوزارة الحقيقية الموجهة للطالب لا تتعدى 15 مليارا من ميزانيتها التى تبلغ 76٫7 مليار جنيه. صدام مجتمعى وقال: إنه لو افترضنا أن الوزارة جادة فى تنفيذ الضبطية القضائية ، فإنها لابد أن تصطدم بأولياء الأمور قبل المدرسين وستصير هناك مشاحنات وصدام مجتمعى رهيب ضد الوزير والوزارة، لأن الوقت لا يسمح لمثل هذه التجارب ،فهناك أكثر من نصف مليون أسرة خائفة على أولادها الذين انتظموا مع المدرسين فى المراكز التعليمية ، كما أن هناك قوة عاتية من المدرسين عندها استعداد واضح لإفشال كل جهود الوزارة والتصدى لها وتحريك المجتمع ضدها ، ولا ننسى فى الوقت القريب عندما كانت هناك مظاهرات على مستوى الجمهورية ضد العشر درجات وبدأ الطلاب فى الحضور اجباريا ووجد المدرسون أنهم فى عاصفة للحضور صباحا بالمدرسة ، وضياع مئات الآلاف من الجنيهات على المدرس، فكان الحل هو المظاهرات وإسقاط الوزير ، ولعل الوزير الحالى استوعب هذا الدرس ، فلا يمكن أن يغامر بالصدام مع المواطنين والطلاب والمدرسين ،، فالمشكلة هنا ليست بإغلاق مراكز الدروس الخصوصية، أو مهاجمة المدرس فى منزله وهذا لا يجوز قانونا، فهناك مدرسون يستأجرون قاعات حكومية أو قاعة سينما ولا يجوز إغلاق أى منها ، وهو عمل خاص مثل الطبيب الذى يعمل فى عيادة وهو موظف بالمستشفى فى نفس الوقت وأشار الدكتور الجمل إلى أن الحلول موجودة إذا أرادت الوزارة حل المشكلة فعلا وتبدأ بالتعامل مع الآباء ولو من خلال مجالس الآباء ، فالإقناع يأتى من المجتمع ، ومن خلال مجلس النواب الذى يجب أن يبنى المشكلة من كل جانب بطريقة جيدة وأن يختار خيرة الخبراء من الجامعات والمراكز البحثية المتخصصة ودون مجاملات. تفعيل القرار الوزارى ويضيف الدكتور حسنى السيد أستاذ البحوث التربوية أن الوزارة لا تحتاج الضبطية القضائية ، والمشكلة لديها هى تفعيل القرارات الحاسمة السابقة لديها ،فهناك على سبيل المثال قرار رسمى يمنع الدروس الخصوصية صدر منذ نحو 17 عاما ، والوزارة لا تهتم بتطبيقه ، وهو يقضى بتوقيع العقوبات التأديبية للمعلم الذى يمارس الدروس الخصوصية، فى الوقت الذى أعلنت فيه الوزارة أن الضبطية القضائية تقتصر على الغلق الإدارى للمراكز فقط ، وكم هناك من حيل قانونية لفتحها فورا ، فالوزارة تتظاهر بمحاولات إغلاق مراكز الدروس الخصوصية، وعودة الطلاب إلى مدارسهم بعد أن خلت تماما من الطلاب، خاصة مرحلة الثانوية العامة، إلا أن قيادتها تجاهلوا القرار الوزارى الصادر فى عام 1998 بحظر الدروس الخصوصية. لدرجة أن الوزارة وقياداتها خلال الفترة السابقة كانوا لا يهتمون باتخاذ الإجراءات قانونية ضد مراكز الدروس الخصوصية برغم وجود سند قانونى يمنحهم الصلاحية فى ذلك رغم وجود القرار الوزارى ، وأن عدم الإجراءات القانونية كان السبب فى انتشار مراكز الدروس الخصوصية وأصبحت تجارة شديدة الربحية وأخرجت التعليم عن مساره ليس للمعلمين فقط بل تعدت لتصبح مشروعات مفتوحة. طوال العام لأشخاص لا علاقة لهم بالتعليم سوى تحقيق الربح المادى أمام أجهزة الوزارة التى ثبت أنها عاجزة لا تقدر على التصرف الحكيم والحاسم . وقال أستاذ بحوث التربية إن منع القرار الوزارى بتجريم الدروس الخصوصية من جانب المدرسين والمديرين والموجهين فى جميع المدارس سواء الحكومية أو الخاصة والعاملين بالمديريات والإدارات التعليمية عرض أو قبول أو القيام بإعطاء درس خاص لأى طالب أو لمجموعة منهم فى أى مادة دراسية، فيما عدا مجموعات التقوية التى تنظمها المدارس حسب القواعد، كما نص القرار على مساءلة مديرى المديريات والإدارات والمدارس المسئولية كاملة عن تنفيذ القرار واتخاذ الإجراءات اللازمة، وتمثل قرار العقوبة فى المساءلة التأديبية التى توقع على المخالفين من معلمين أو قيادات تعليمية، ومع ذلك فإن مراكز الدروس الخصوصية تنتشر بشدة بعلم ومساعدة المسئولين والوزراء العاجزين الذين تولوا خلال الفترة السابقة دون اتخاذ أى إجراء لمواجهتها ، لدرجة أنه برغم الحملات التى بدأتها الوزارة مع بداية العام الدراسى لمحاربة مراكز الدروس إلا أنه حتى الآن لم يتم إغلاق أى مركز، كما أن المراكز التى أغلقت تم فتحها من جديد ، لذلك فإن الضبطية القضائية لن تفيد فى مواجهة مراكز الدروس الخصوصية. الحل ليس بالمطاردة وأضاف الدكتور محمد سكران أستاذ أصول التربية أن الصدام الحالى الذى تتبعه الوزارة ضد مراكز الدروس الخصوصية لن يكون حلا حقيقيا ، فليس معقولا أن تتخلى المدرسة عن دورها لأعوام عديدة ثم نجد الحل فى المطاردة دون إقناع، خاصة أن أكثر من 50% من المراكز التى تطاردها الوزارة لها ملفات ضريبية وتتبع عمليا وزارة التضامن ضمن جمعيات لها نشاط تعليمى مثل مراكز الكمبيوتر أو التدريب أو حتى تحفيظ القرآن الكريم ، ومنها ما يخضع لنشاط تعليمى مصرح به من جهات حكومية ، أما المراكز الأخرى فالذين يديرونها لا يتبعون الوزارة أصلا ، وفى هذه الحالة يعتبر نشاطهم خاصا ، فهم يدفعون الضرائب وملتزمون ، أما المراكز التى لا تتبع أى جهة فيصعب تتبعها بوسائل كثيرة كاستئجار مواقع رسمية مثل مراكز الشباب والتى تمثل بالنسبة لها دخلا أساسيا ، وهذه (السناتر ) مثلها مثل المستشفيات الخاصة، وليس معقولا أن يكون الطالب فى سنة مصيرية مثل الثانوية العامة ويستجيب لما تدعو له الوزارة بالحضور دون أن يستفيد، إذ إن الأهالى يذهبون بأبنائهم لهذه المراكز بالاختيار والحجز مبكرا لماراثون التفوق ، حتى إن كبار موظفى الدولة وعلى رأسهم مسئولو التعليم أنفسهم يحرصون على أن يحصل أبناؤهم على الدروس الخصوصية ، ومع أن ولى الأمر مطحون فى المعيشة، لكنه لعدم وجود فائدة بالمدرسة يضحى بكل شىء من أجل إلحاق ابنه بمركز تعليمى أو مدرس خصوصى ، ويرفض قرار الوزارة بشدة لأنه يؤثر على مستقبل ابنه ، كما أن إغلاق السنتر وهو فى قمة عمله سيفتح المجال لفكرة العمل تحت السلم إذ من السهل التلاعب والانتقال لأماكن ممنوع الدخول فيها ولو بجراجات أو نواد تحتاج موارد ولديها عجز ، لذلك فالحل المؤقت هو منع عمل جميع المراكز التعليمية فى فترة الدراسة حتى خروج المدارس.