صدر إعلان آرثر جيمس بلفور وزير الخارجية البريطانية يوم 2 نوفمبر عام 1917 الذي تصدرت عبارة «أن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلي إقامة وطن قومي في فلسطين للشعب اليهودي، وسوف تبذل أقصي جهدها لتسهيل بلوغ هذه الغاية دون ضرر بالحقوق المدنية والدينية للطوائف غير اليهودية في فلسطين» التي كانت جزءا من الدولة العثمانية شرعا وقانونا، ومن ثم أعطي من لم يكن مالكا وعدا لمن لا يستحق. أما المعطي إليه وهو ليونيل وولتر دي روتشيلد فكان يهوديا انجليزيا لاعلاقة له بفلسطين حتي يستحق هذه المنحة، بيد أن أهم نقطة في هذا السياق أن وعد بلفور ينقض المبدأ الذي قرره الرئيس الأمريكي توماس وودرو ويلسون «1913 - 1921» والقاضي بأن للشعوب المنفصلة عن الدولة العثمانية حق تقرير المصير. وكان هذا الوعد مقدمة لمشروع تقسيم فلسطين إلي دولة عربية وأخري يهودية الصادر يوم 29 نوفمبر عام 1947 بواسطة الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي خص الدولة اليهودية بنحو 55% من أراضي فلسطين في حين أن اليهود لم يكونوا يملكون من هذه المساحة أكثر من 6% من هذه الأراضي أي أن 49% من أرض فلسطين تحول بجرة قلم في نيويورك من عرب فلسطين إلي اليهود، بل منح قرار الأممالمتحدة منطقة أكبر مما خصصتها اللجنة الملكية عام 1937 لليهود وهي التي كانت أول من اقترح فكرة التقسيم، بالاضافة إلي أن هذا القرار راعي بقدر الامكان عدم وجود أقلية يهودية في المنطقة العربية، بينما ترك عددا هائلا من العرب في المنطقة اليهودية بلغ نحو 50% من سكانها معولا علي أن الهجرة المستمرة ستحول كفتى الميزان فيما بعد، ومراعاة لهذا المبدأ تركت الكثير من المستعمرات المتطرفة كجيوب بارزة في المنطقة العربية. وبعد حرب أكتوبر 1973 ومع بدء محادثات كامب ديفيد تحت رعاية الرئيس الأمريكي جيمي كارتر في الفترة من 5 إلي 17 سبتمبر 1978 انحصرت وجهة النظر المصرية في مشروعها الشامل المقدم إلي الولاياتالمتحدة وإسرائيل في عدة نقاط مهمة يمكن بلورتها فيما يلي : أولا - إن البحث عن السلام في الشرق الأوسط يجب أن يستند إلي أن القاعدة المتفق عليها للتسوية السلمية للنزاع بين إسرائيل وجيرانها هي قرار مجلس الأمن رقما 242، و338 بكل أجزائهما. ثانيا: ان السلام يتطلب احترام السيادة والوحدة الإقليمية والاستقلال السياسي لكل دول المنطقة وحقها في العيش في سلام داخل حدود آمنة ومعترف بها دون تهديدات أو أعمال عنف ثالثا : انحصر موقف مصر بشأن القدس فيما يلي: - تعتبر القدس العربية جزءا لا يتجزأ من الضفة الغربية، ويجب احترام وإعلاء الحقوق العربية الشرعية في المدينة. - أن القرارات الصادرة من مجلس الأمن خاصة القرارين 242، و267 يجب أن تطبق بشأن القدس. - يمكن إقامة مجلس بلدي مشترك من العرب والإسرائيليين للإشراف علي إدارة المدينة ومن ثم فلا داعي لتقسيمها. بحلول الأربعاء 6 ديسمبر 2017 اصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراره بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلي القدس، مما يعني إطلاق رصاصة الرحمة علي حل الدولتين واعترافا بالقدس عاصمة لإسرائيل بعد مائة عام و34 يوماً من وعد بلفور عام 1917، وهو أمر يستوجب حشد طاقات العالم بأسره ووضع استراتيجية قومية موحدة لإعادة الأمور إلي نصابها الصحيح. اللواء د. إبراهيم شكيب