الصحافة الورقية فى كندا مهددة بخطر التوقف، وهوما دفع مجموعة من الشخصيات العامة الى مطالبة الحكومة الفيدرالية بالتدخل «لضمان» مستقبلها، خاصة أن هذه الأزمة تعد الأولى التى تتعرض لها الصحافة الكندية منذ نشأتها فى القرن الثامن عشر، أى منذ اكثر من 300 عام. وكان كثير من الصحف فى كندا قد أغلق ابوابه، وتم تسريح اكثر من ثلث العاملين مثل مؤسسة صن ميديا التى أغلقت 11 صحيفة من إصداراتها وسرحت 360 من العاملين، وبررت ذلك بأنها ستوفر بهذا الإجراء 550 مليون دولار سنوياً، مما يجنبها خطر إغلاق المؤسسة بالكامل. كما أوقفت مجموعة ستار ميديا النسخ التى تصدرها فى ثلاث مدن كندية من جريدة «مترو»، وهى صحيفة تصدر نسخة محلية منها فى كل المدن الكندية تقريبا. صحيح ان النسخة الإلكترونية سوف تستمر، ولكن بتوظيف صحفى واحد فقط فى كل مدينة. هذه بعض نماذج من الصحف الكندية التى تتعرض لضغوط اقتصادية تفوق احتمالها، وذلك نتيجة تراجع عدد القراء، الذين اصبحوا يفضلون النسخ الإلكترونية ما أدى بدوره الى تراجع الإعلانات فى الصحف الورقية. لكن حتى المواقع الإلكترونية الإخبارية تعانى ايضا صعوبات مالية والسبب هو «توحش» مواقع التواصل الاجتماعى الشهيرة مثل فيسبوك وتويتر، والتى تعرض المواد الإخبارية دون أن تدفع فيها مليما واحدا، فى حين أن صناعة الأخبار تتكلف ملايين الدولارات. كما تتحكم تلك المواقع بصورة كبيرة فى سوق الإعلانات فى العالم. وهذا ما دفع باسكال أونج رئيس اتحاد الاتصالات الى مطالبة الحكومة الكندية باعتماد استراتيجيات دعائية بإمكانها منافسة عمالقة الإنترنت. هذه المخاطر الشديدة على صناعة الأخبار هى ما دفعت شخصيات عامة للتوقيع على بيان يطالب الحكومة بالتدخل. فعدم التحرك يهدد الديمقراطية فى الصميم، إذ لا توجد ديمقراطية دون صحافة حرة، واذا لم تتدخل الحكومة، فهذا معناه أن مفتاح الديمقراطية سيكون فى يد الشركات الأمريكية العملاقة (تويتر وفيسبوك وجوجل). فالصحافة كما جاء فى البيان المهم هى صوت الضمير الذى لا يمكن الاستغناء عنه لمراقبة اداء جميع مؤسسات الدولة (حكومة، احزاب، قضاء وغيرها)، وذلك بنشر الأخبار التى تهم الناس. ورغم المطالبات الكثيرة للحكومات الكندية المتعاقبة بدعم الصحافة المطبوعة حتى لا تنقرض، فهناك تخوفات من المساس باستقلالية الصحافة، حيث يمكن فى هذه الحالة أن تسيطر الحكومة على الصحافة وتوجهها. لكن مؤيدى تدخل الحكومة يؤكدون أن هذا لا يحدث مع «هيئة الإذاعة الكندية» التى تمتلك إذاعات ومحطات تليفزيونية ويأتى تمويلها بالكامل من اموال الدولة، ومع ذلك لم يسيطر عليها أى من الحكومات المتعاقبة. لكن كيف يتم الدعم الحكومي؟ هناك اقتراح بأن يواصل اتحاد الاتصالات تقديم إعفاء ضريبى على رواتب العاملين فى هذا القطاع، مما يوفر حوالى 30% من تكلفة الأجور، على ألا يستمر هذا الدعم إلى الأبد بل حتى وصول الصحافة الى القدرة على الاعتماد على نفسها اقتصاديا، والمدة المتوقعة لذلك تصل الى خمس سنوات.