عندما يتحدث العالم عن قضية التجارة غير الشرعية في التكنولوجيا والمواد النووية والتي من اجلها استضاف الرئيس الأمريكي باراك اوباما قمة الأمن النووي في واشنطن الأسبوع الماضي. فإن المثل الرئيسي وربما الوحيد الذي يذكر في هذه الحالة هو العالم النووي الباكستاني الشهير البروفيسور عبد القدير خان الذي سبق اتهامه بادارة شبكة سرية عالمية في التجارة النووية, ولكن الحقيقة ان خان لم يكن وحده في هذا المجال بل كان هناك العديد من الشبكات ومعظم من فيها كانوا من كبار المسئولين الأمريكيين السابقين وتجار يهود معروفين. وعندما صدر تقرير واينماديسون الاستخباري الأمريكي عن الشبكات التي تعمل بالتهريب في السوق السوداء الدولية الخاصة بالاتجار سرا في المواد النووية الخام والصناعية تضمن معلومات عن العديد من الشبكات العاملة في هذا المجال ومنها: العالم الباكستاني عبد القدير خان حيث قال التقرير إنه يعمل في تهريب المواد النووية المحظورة. ميخائيل خودوركو فسكي: الرئيس السابق لشركة يوكوس النفطية الروسية العملاقة. ولويس سكوتر ليبي وهو يهودي أمريكي, عمل مستشارا في البيت الأبيض سابقا. مارك ريتش: أحد حلفاء الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون والوثيق الصلة برئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق أرييل شارون والمخابرات الإسرائيلية. وأشير كارني: يهودي مجري, يحمل الجنسية الإسرائيلية, ويقيم في مدينة كيب تاون بجنوب افريقيا. وزيكي بيلمين: وهو يهودي تركي. وكارل روف: يهودي أمريكي من زعماء جماعة المحافظين الجدد, وكان من أبرز مستشاري الرئيس بوش في البيت الأبيض الأمريكي. ولم تتوقف مساهمات البروفيسور عبد القدير خان عند النشاط العلمي ولكنها امتدت للنشاط الانساني ومساعدة الفقراء ونشر التعليم في بلاده لدرجة جعلته صاحب أكبر شعبية في كل الأراضي الباكستانية, وربما كان هذا الرصيد الانساني والشعبي هو ما منع أجهزة المخابرات الغربية بعامة والأمريكية والاسرائيلية بشكل خاص من محاولة تصفيته جسديا كما حدث مع علماء آخرين من الدول النامية والفقيرة ساعدوا بلدانهم علميا, بل إن الأمر وصل لمرحلة تصفية علماء من دول متقدمة لأنهم مدوا ايديهم لمساعدة دول العالم الثالت ومنهم العالم الكندي جيرالد بول الذي حاول مساعدة نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين علي تصنيع المدفع العملاق(supergun) وهو المدفع الذي كان من شأنه ان يكون بديلا عن الصواريخ, ويصل مداه لمئات الكيلومترات علي الأقل, وكان العراقيون يقومون بنصبه في غرب البلاد لتصبح اسرائيل في مرماه. كما أن الواقع يؤكد براءة عبد القدير خان من تهمة الاتجار في التكنولوجيا والمواد النووية المحظورة لأن الرجل كان ميسور الحال لأنه عمل سنوات في الغرب وأسهم في بعض المفاعلات النووية الاوروبية وبالتالي فإن الاحتمال الأكبر هو أن يكون اتجاره في التكنولوجيا النووية قد جري بهدف توفير التمويل اللازم للبرنامج النووي الباكستاني, حيث إن الاقتصاد الباكستاني لم يكن قادرا علي توفير المخصصات اللازمة للبرنامج النووي للبلاد وبالتالي فإن خان كان يقوم بمهمة قومية وبعلم سلطات بلاده. ولو نظرنا للدول التي اتهمت الولاياتالمتحدة البروفيسور عبد القدير خان بتزويدها بالتكنولوجيا النووية فسنكتشف انها جميعا دول صديقة لباكستان الرسمية والشعبية ومنها كوريا الشمالية التي كانت تزود اسلام اباد بتكنولوجيا الصواريخ الباليستية, ومنها ليبيا التي كان الجميع يعلم انها تساعد باكستان ماليا.