تقص علينا الآيات البينات من سورة الحجر كيف أمر الله إبليس أن يسجد لآدم، فرفض باستعلاء وتكبًّر أن يسجد لبشر، وقال «قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون» [الآية 33]، فأخرجه الله من الجنة و«قال فاخرج منها فإنك رجيم» [الآية 34]، فما كان من إبليس إلا أن سأل الله أن يؤخر بقاءه فى الدنيا إلى اليوم الذى يموت فيه كل الخلق، فاستجاب الله لمطلبه استدراجا له وإمهالا، فما كان من إبليس إلا أن قال لله عز وجل، «قال رب بما أغويتنى لأزينن لهم فى الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين» [الآيتان 39 و40]، وهكذا تولى إبليس مهمته فى إغواء ذرية آدم لارتكاب المعاصى فى الأرض، وسعى لضلالتهم وإبعادهم عن الطريق السوي، ومع ذلك فقد أعلن إبليس ضعفه وعدم قدرته على تضليل وإغواء عباد الله الذين هداهم الله، وأخلصوا لعبادته وحده دون سائر الخلق، ولم يقل إبليس إنه سيقتل عباد الله ويذبحهم، ولم يقل لأيتمن أطفالهم ولأرملن نساءهم، ولم يقل عن ذرية آدم الذى أبى إبليس أن يسجد له أنهم عنده سواء، وسأضلنهم وأغوينهم جميعا، ولكنه فرق فى غوايته وتضليله بين من يعبد الله ويقيم الصلاة لذكره، ومن لا يعبده ويشرك به. هذه قصة إبليس الذى لعنه الله وطرده من الجنة تكريما لآدم «أبوالبشر»، ومع ذلك لا يستحل إبليس لنفسه قتل أحد من بنى آدم، ويأبى أن يضل كل من أخلص العبادة لله وحده، فما بالك بإبليس العصر من الخوارج والإرهابيين، الذى استباح حرمة قتل النفس التى حرم الله قتلها إلا بالحق، كما جاء فى كتابه الكريم «من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس، أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا.....» [المائدة 32]، فإبليس العصر أحل لنفسه إزهاق أرواح الركع السجود بالمساجد ودور العبادة وهم يستقبلون قبلتهم، ويسعى جاهدا لمنع ذكر اسم الله فى بيوته، ولم يرحم شيخا ولا طفلا، ولم يأبه لأم تفقد زوجها وتودع فلذة كبدها، وسخر خسته وغدره ونذالته وإرهابه لسفك دماء المؤمنين المسالمين، مقابل أموال يدفعها له الكارهون لمصر والراعون للإرهاب، ومقابل مأوى وملاذ آمن يبتعد فيه عن أعين رجال القوات المسلحة والشرطة البواسل. وعلى الرغم من فداحة الخسائر البشرية فى عملية اقتحام مسجد الروضة بمدينة بئر العبد فى شمال سيناء وإطلاق النار على المصلين فى صلاة الجمعة.. فإننا نرضى بقضاء الله، ونحتسبهم شهداء عنده، ونكرر القول إن تلك العمليات الإرهابية لن تنال من وحدة وتماسك المصريين فى مواجهة الإرهاب الأسود أينما كان وفى أى صورة من صوره البغيضة. لواء مهندس فؤاد على الطير