لم يكن الطالب عبد الخالق مصطفى يدرك أن أشعاره التي ألقاها في فناء المدرسة ستكون كلماته الأخيرة ..لم يكن يعلم أنه يعلن مسبقاً عن موعد رحيله حين علا صوته مؤمناً مردداً( مهما علونا للتراب معادنا..والروح حتماً للمهيمن راجعه) لقد لقي عبد الخالق ربه شهيداً في مسجد الروضة بسيناء يوم الجمعة 24 نوفمبر 2017 . إن ما حدث في مسجد الروضة لم يخلف وراءه ما يزيد عن ثلاث مائه شهيد فقط بل خلف وراءه العديد من الأسئلة و السيناريوهات لعل أهمها لماذا اختاروا قرية الروضة مسرحا لجريمتهم الشنعاء؟
من الناحية الجغرافية ، تقع قرية الروضة على الطريق الدولي الواصل بين القنطرة-العريش، غرب مدينة العريش شمال سيناء بحوالي 30 كيلومتراً، وتتبع إدارياً مدينة بئر العبد، ويقدر عدد سكانها وفقاً لآخر إحصاء قامت به مصر 2400 نسمة.
يعمل أغلب سكان القرية بالزراعة واستخراج الملح، وينتمي سكان القرية الأصليين إلى فرع الجريرات من قبيلة السواركة، إحدى القبائل الكبرى في سيناء. وهى ملجأ للعديد من الأسر النازحة والمهاجرة من مناطق الشيخ زويد ورفح، بسبب تصاعد المواجهات بين الجيش وعناصر "تنظيم ولاية سيناء" المبايع ل"داعش".
ويوجد ب"الروضة"، مسجدان أحدهما هو مسجد الروضة الذي شهد الحادث ، ويعد أحد أشهر المساجد التي يرتادها أهل التصوف السني في سيناء، وخاصة أتباع الطريقة الجريرية الأحمدية الشهيرة، التي تنسب إلى الإمام الشيخ سيدي عيد أبو جرير، وهو يعتبر الأب الروحي للصوفية في سيناء.
يرى البعض أن صوفية أهل القرية كانت السبب في تنفيذ هذه الفاجعة فطبقاً لبيان نشرته مجلة تابعة للتنظيم الإرهابي منسوبا لمن أسمته "أمير الحسبة في سيناء"، في ديسمبر أول 2016، فإن "ديوان الحسبة، له دور في محاربة مظاهر الشرك والبدع مثل السحر والكهانة والتصوف... لقد انتشر الشرك بالله في الطرق الصوفية بشكل كبير".
وجاء في البيان أن "الطريقة الجريرية أشد الطرق كفراً وأكثرها علاقة بالروافض.. أتباع الطريقة الجريرية يقدسون الأضرحة، ويقرءون كلاماً يحتوى على ألفاظ شركية، مثل الاستغاثة بالنبي وطلب الشفاعة، كما أن مشايخ الصوفية على علاقة بأجهزة الدولة الكافرة .
بينما يرى أهل القرية أن السبب في تلك الفاجعة وهو أنهم جميعاً رفضوا تواجد داعش في قريتهم أو بالقرب منها، وانها نفذت من اجل الانتقام من النازحين الذين تركوا قراهم في الشيخ زويد وأقاموا في القرية، معتبرين أن نزوحهم كان سبباً في تطهير الشيخ زويد من الإرهابيين، حيث كانوا يختفون وسط الأهالي وعقب نزوحهم اضطروا للهرب من قرى ومناطق المدينة خشية ضربات الجيش.
هذا الحادث يوضح أن هناك حالة من اليأس قد بدأت تصيب تنظيم داعش بسبب الفشل المتكرر في منطقة رفح مؤخرًا، كما أن عناصر “داعش” تحتاج إلى دعم السكان المحليين من اجل البقاء، وهو ما لم تتمكن من تأمينه، بسبب رفض أهلى سيناء التعاون معهم.
علينا الانتباه إلى دعوتين تترددان في الفترة الاخيره ، الأولى: تسليح أبناء سيناء لحماية أنفسهم والاشتراك في معركة الدولة ضد الإرهاب ، لكن هذه الدعوة قد تعني الإقلال من دور ومكانة الدولة والتشكيك في قدراتها، وقد تدفعنا نحو مواجهات قبلية قد لا نتمكن من السيطرة عليها.
أما الثانية فهي تهجير أهالي سيناء حتى يتمكن الجيش من مواجهة الإرهابيين من دون الاحتكاك بالمواطنين المسالمين، وهي دعوة لها وجاهتها الأمنية لأنها ستمكن قوات الأمن من التعامل مع الإرهابيين في مناطق خالية من السكان فيسهل التعامل معهم دون خوف من إلحاق الضرر بالمدنيين ولكن علينا الانتباه إلى مخاطر هذه الدعوة ، لأنه قد يترتب عليها أعباءً اقتصادية واجتماعية هائلة.
نعلنها عالية مدويه إننا نقف صفا واحداً خلف الجيش المصري فى معركة فرضت عليه من قوي الإرهاب, هذه القوي التي عميت بصيرتها قبل أبصارها، ولن ننسى أبدا شهداءنا وأسرهم رغم إدراكنا أن كافه عبارات المواساة لا تنفع أمام بشاعة تلك الحادثة.
اللهم أجرنا في مصيبتنا وأخلفنا خيراً منها.. اللهم ارحمهم .... اللهم أجعل في قبرهم نورا وأبدلهم بدلا من قرية "الروضة" روضة من رياض الجنة..... اللهم آمين