الحقيقة الملتوية، والمعلومة المنتقاة المجتزأة، والتهوين والتهويل، وتضخيم الصغير، وتصغير الكبير، «لعب» أتقنها الإعلام الأجنبى فى تغطيته للشأن المصرى على مدى السنوات الثلاث الماضية. ومن أبرز الأمثلة على هذا «اللهو» الإعلامى قيام شبكة «سي.إن.إن» الإخبارية الأمريكية التى اتهمها الرئيس دونالد ترامب ب «الفبركة» بإجراء مقابلة وصفتها بأنها «انفراد» و«مقابلة حصرية»، زعمت إجراءها مع علاء عبدالفتاح عن طريق أسرته من داخل سجنه، رغم تعارض هذا النشر – إن صح – مع القوانين المصرية، وبما يعكس حرص مكتب الشبكة فى القاهرة على تحدى كافة الأعراف المعنية، وتجاوز الخطوط والاعتبارات، بهدف الإساءة لصورة الدولة المصرية، عبر الترويج لوجهة نظر شخص مدان بانتهاك قوانينها. وبثت «سى إن إن» تفاصيل هذه المقابلة عبر موقعها الرسمى على الإنترنت بتاريخ 8 نوفمبر 2017، وكان عنوانها من زمان آخر تماما، وهو «علاء عبد الفتاح من محبسه : ثورة يناير هزمت، والسلطة مشغولة بعزلي، ونظل ملهمين»!! وخلال المقابلة، اتهم علاء عبدالفتاح القضاء المصرى بأنه «مسيس»، ووصف ثورة 30 يونيو بأنها كانت «ثورة مضادة» قادتها الأجهزة الأمنية، زاعما تراجع شعبية الرئيس عبدالفتاح السيسي. وكانت «النكتة» الحقيقية فى حديثه المليء بالأكاذيب والتجاوزات والأحكام الغريبة، اتهامه سلطات السجن بالتضييق على اتصالاته، ومنعه من الاطلاع على وسائل الإعلام، رغم أن «سي.إن.إن «نفسها تعترف بأنها أجرت المقابلة عن طريق إبلاغه بالأسئلة عن طريق أسرته أثناء زيارتها له! وسارت هيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي» على النهج نفسه، وكأن الشبكتين تسيران وفقا لخطة عمل واحدة وتحركهما جهة واحدة، فبثت خبرا بتاريخ 8 نوفمبر 2017 بعنوان «علاء عبد الفتاح .. محكمة مصرية تؤيد الحكم بالسجن عليه»، حول الحكم القضائى الصادر ضد الناشط والمدون المذكور، والذى وصفته بأنه «المؤيد للديمقراطية»! ونقلت «بى بى سى «عن أسرته قوله إن علاء، البالغ من العمر 35 عاما، نال الحكم بعد إدانته بانتهاك قانون التظاهر الصادر عام 2013 وتعريضه المصلحة العامة للخطر، دون أن يتحدث أحد عن تفاصيل الاتهامات الموجهة إليه! كما نقلت «بي.بي.سى» عن منظمة «هيومان رايتس ووتش» التى تزعم الدفاع عن حقوق الإنسان قولها إنه منذ الإطاحة بالمعزول مرسي، ألقت السلطات المصرية القبض أو وجهت الاتهام لما لا يقل عن 60 ألف شخص، فضلا عن اختفاء المئات قسريا لعدة أشهر، والحكم بالإعدام على مئات آخرين، ومحاكمة 15 ألفا أمام المحاكم العسكرية، دون أن تفكر الشبكة البريطانية ولا المنظمة الحقوقية فى معرفة نوعية الاتهامات والجرائم التى ارتكبها هؤلاء، ورد السلطات الرسمية فى مصر على هذه الأرقام الخيالية من المعتقلين والمتهمين، وكأن الدولة المصرية ليس معترفا بها لدى هاتين الجهتين اللتين تستقيان مصادرهما ومعلوماتهما من طرف واحد فقط، لا يتحلى بالنزاهة ولا بالمصداقية بكل تأكيد! أما وكالة «أسوشيتدبرس» للأنباء، فقد نقلت خبر الحكم على الناشط والمدون علاء عبد الفتاح بطريقة مجتزأة للغاية، إذا قالت إن تهمته هى مجرد «المشاركة فى مظاهرة سلمية»! ولم يفت الوكالة أن تشير إلى أن الحكم تزامن مع انعقاد منتدى الشباب بشرم الشيخ، مع التأكيد على أن المنتدى يتعرض لكثير من الانتقادات، ولكن دون أن تفكر الوكالة فى تقديم أى خبر أو تقرير يرصد ما دار فى المؤتمر من مناقشات أو تصريحات أو أحداث، باعتبار أن محررى الوكالة لا يرون فى مصر سوى أنها مجموعة من أيقونات ثورية ومدونين ونشطاء وسجناء ومختفين قسريا، ولا توجد فيها قضايا سوى قضاياهم، وما عداهم لا يندرج ضمن بند التغطية الصحفية الموضوعية للأحداث فى بلد ما.