كلما ضعف الجسد تراجعت درجة المقاومة واختلت موازين المناعة وهو ما يسمى نقص المناعة..وفى الأزمات والمحن تظهر دائما قوة المجتمعات وقدرتها على المواجهة..وقد اعتاد المصريون دائما أن الأزمات توحدهم وأن المحن تقويهم وقد حدث ذلك فى فترات كثيرة وإن كان هذا يتطلب قدراً كبيرا من التحدى والقدرات..وقد جاءت مذبحة مسجد الروضة فى سيناء لكشف جوانب كثيرة من القصور فى طريقة التفكير واتخاذ المواقف وبدلا من أن تكون الدعوة لجمع الصف وتوحيد الكلمة فى مواجهة حشود الإرهاب بدأت فرق الانقسامات فى توزيع الإدانات وعلى من تقع المسئولية فيما حدث وكأننا نتعرض لهزيمة فى إحدى مباريات كرة القدم كان الخلاف واضحا بين الفضائيات المصرية وجميعها الآن ملك للدولة ولكن الكل كان يتحدث على هواه ويشعل الفتن على طريقته ما بين اتهام الأزهر فى مسئولية ما حدث أو إلقاء التهم هنا وهناك..كنت أتصور أن ينتقل كل هذا الإعلام إلى عواصم العالم ينقل صور ما حدث وكيف حدث ويقدم نماذج إنسانية عن أطفال صغار قتلتهم يد الإرهاب كنت أتخيل أن نقدم للعالم قصة طفل ماتت كل أسرته أو طفل آخر ارتمى على جثمان والده الملطخ بالدماء أو حشود الإرهاب وهى تطارد الناجين من المذبحة فى عربات الإسعاف كان ينبغى أن يكون هذا حديثنا مع عالم لا يصدق اننا نخوض حربا حقيقية ضد أعداء الحياة..لقد فتحت الفضائيات المصرية النيران على بعضها هناك من يدين الأزهر ويطالب بقرار حاسم بتكفير داعش وهناك من يرى أن الأزهر يتحمل الجريمة كلها وانقسم المصريون على الشاشات والأخطر من ذلك ما يجرى حول الانتخابات الرياضية..إن المأساة التى تعيشها مصر مع مذبحة مسجد الروضة ينبغى أن تكون حديث العالم وأن تأخذ مكانها فى ذاكرة العالم أما ما يجرى من المهاترات والعنتريات بين الفضائيات فهذا عبث لا يتناسب مع حجم المأساة ودماء الضحايا ومئات الشهداء..ماذا جرى للمصريين فى أوقات كثيرة وحدتنا المأسى والآن ندخل فى مهاترات وإدانات وتصفية حسابات وتحولت الشاشات إلى أبواق تدعو لتوزيع الأدوار والمسئوليات بين فئات الشعب رغم أن دماء الشهداء لم تجف بعد.. [email protected] لمزيد من مقالات فاروق جويدة