فجعت قلوب المصريين جميعا على أثر التفجيرات التي استهدفت مسجد الروضة بقرية بئر العبد بسيناء، وهو حدث أودى بحياة العشرات من المصلين الشهداء. الحادث يؤكد خسة وانحطاط تلك العناصر الإرهابية التي لا ترعى لبيوت الله حرمة، ولا للراكعين الساجدين في أقدس الأوقات وأشرف الأماكن عصمة، الجميع مستهدف مسلما مسيحيا, كنيسة مسجدا لا فرق، وكما أننا لا نفرق في الحرمة بين الكنيسة والمسجد كما علمنا ديننا الحنيف فهم لا يفرقون أيضا بين الكنيسة والمسجد في الاستهداف والتفجير كما علمهم إرهابهم الخبيث، وكما لا نفرق نحن بين حرمة دم المسلم ودم المسيحي، هم لا يفرقون أيضا بين مسلم ومسيحي في استباحة الدماء وانتهاك الحرمات، الحدث كان مؤلما ومفجعا لكنه لم يزد هذا الشعب إلا قوة وعزيمة على محاربة الإرهاب مهما يكن شكله وحجمه ومهما تطل معركته . ولأن الحادث جديد من حيث نوعيته وهي استهداف المساجد والمصلين فلابد رغم الألم والحزن أن نقف ونحلل ما هو المقصود من هذا الاستهداف الآثم، وما هي الرسائل الموجهة للمصريين عبر هذه الأشلاء والدماء الطاهرة. الرسالة الأولى الواضحة أن الكل مستهدف وليس الاستهداف الإرهابي مقصورا على أفراد الجيش والشرطة وحدهم باعتبارهمأهدافا للإرهابيين، بل إن المدنيين مستهدفون في طرقاتهم في عقر بيوتهم في مساجدهم، من شيوخهم وشبابهم ونسائهم وأطفالهم، الجميع مستباح الدماء وهدف للتفجير والرصاص، وهذا ليس إلا بدافع الانتقام من الشعب الذي التف حول جيشه وصمد في معركته، ووقف داعما له في أحلك الظروف، وأشد المواقف، وهذا أخطر شيء يخشاه الإرهاب.الأمر الثاني الذي ينبغي التوقف عنده اختيار المسجد المستهدف كونه مسجدا للصوفية يجتمعون فيه لذكر الله تعالى وممارسة شعائرهم الدينية، وإقامة الصلوات كسائر المسلمين لكن الصوفية ينالها النصيب الأكبر من فتاوى التكفير والاستباحة في فكر وتراث هذه الجماعات الضالة فهم ينظرون إلى ممارسات التصوف التي عليها جماهير الأمة الإسلامية على أنها ممارسات شركية، وبالتالي فمساجدهم مساجد ضرار وأماكن لممارسة الشرك لا لعبادة الله عز وجل، ومن ثم فالرابط أو التلازم الدائم بين التكفير والقتل موجود دائما، والمطلوب من الصوفية أن يتخلوا عن وسطيتهم وعن منهجهم السمح وتأييدهم للوطن أو أن يدفعوا ثمن موقفهم من دمائهم وأشلائهم، وهذه الجماعات مطمئنة تماما إلى أن هناك من أفراد اللجان الالكترونية من سيقوم بواجب التعفية ومسح آثار الجريمة وتشتيت الرأي العام بإثارة الشكوك حولها كما فعلوا من قبل في حوادث كرم القواديس ورفح وغيرهما، حيث أصبحت حركة التناغم وتوزيع الأدوار في الحرب على مصر تجري على وتيرة واحدة لا تحتاج إلى تواصل ولا اتفاق. الأمر الثالث الذي ينبغي التوقف عنده اختيار توقيت التنفيذ فهذه الجماعات الآن تحارب على جبهتين الجبهة الشرقية والجبهة الغربية وخسائرهم التي تكبدوها على أيدي قواتنا المسلحة الباسلة فادحة في الجانبين في الأرواح والمعدات وأصبح إلحاق هزيمة بالجيش المصري أمرا من المستحيل حدوثه، فليست هناك وسيلة للإرهاب لتحقيق حدث يوهم بالانتصار إلا الانتقام من الركع السجود العزل الذين توجهوا إلى ربهم في بيت من بيوته لا هدف لهم إلا الذكر والعبادة. ومن جهة التوقيت فإن الضربة القاسية التي قامت بها المخابرات المصرية لتركيا بإسقاط شبكة تجسس تركية، وضبط عدد كبير من أدوات الاتصالات والتجسس الخفية، قد أحدث ضربة موجعة لجهات تمويل الإرهاب الإخواني هناك ومن ثم كان لابد من الرد السريع مهما، يكن حقيرا وغبيا ومنحطا حيث كان لابد من التغطية على الحدث ولفت الأنظار عنه بأية طريقة خسيسة، إننا الآن أمام حركة تحول نوعي توحي بمدى الأزمة والانهزامية والإفلاس التي يعانيها هؤلاء المجرمون. ومن ثم فإن الواجب على شعب مصر هو اليقظة التامة وعدم الإصغاء للشائعات وفهم طبيعة المخطط الجهنمي الشيطاني لإسقاط مصر، وتفكيك الجيش، نظرا لما تقوم به مصر من دور إقليمي بارز في تهدئة الأوضاع، ولم الشمل العربي، ومكافحة الإرهاب في كل مكان، وتجنيب العالم العربي ويلات مخطط الفوضى الخلاقة، وإعادة هيكلة وتقسيم وتفتيت الشرق الأوسط على نحو يؤدي إلى مزيد من إضعافه، وهو ما لم ولن يحدث فنحن على ثقة تامة في قدرة الجيش المصري على الثأر لشهداء الوطن في كل مكان كما حدث في الواحات. لمزيد من مقالات د. ابراهيم نجم;