الاستقرار السياسي هو السبيل الوحيد للخروج من الازمة الاقتصادية الحالية. كما يجب ان يكون هناك توافق علي رؤية اقتصادية موحدة وبرنامج واحد يحقق الاتساق بين اجهزة الدولة المختلفة للوصول الي النمو والازدهار الاقتصادي المنشود . هكذا بدأت الدكتورة مني الجرف رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية حوارها مع الاهرام باعتبارها احدث مسئولة عن جهاز ظل يبحث عن رئيس لمدة6 اشهر, والجهاز يمثل حصن الأمان للنشاط الاقتصادي بشكل عام, لتحقيق منظومة منافسة متكاملة تحقق العدالة بين الشركات والأفراد, وتقول انها قبلت التكليف برئاسة الجهاز لايمانها بأهمية دور الجهاز وبفكرة المنافسة في السوق وأهمية وجود حماية للمنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية لضبط الأسواق.. مع الأخذ في الاعتبار ان المنافسة عنصر رئيسي اذا اردنا النهوض بالاقتصاد القومي وتحقيق الرخاء الاقتصادي. هل تؤثر الرؤية الاقتصادية للدولة علي دور الجهاز خلال الفترة المقبلة؟ كل مرحلة تفرض توجهات اقتصادية معينة لمواجهة الظروف المختلفة, واعتقد ان التوجه للحكومة الجديدة سوف يدعم حرية المنافسة وتشجيع المنافسة الحرة في الأسواق لان برنامج النهضة, وفقا لما اعرف, يدعم حرية المنافسة ويدعم دور الأجهزة الرقابية في الدولة, وتشير الي ان حرية المنافسة في السوق توفر بيئة عمل سليمة لعمل الشركات والأفراد, فهي تحمي الشركات الصغيرة من الممارسات الضارة التي قد تقوم بها الشركات الكبيرة وتوفر الامكانية للمستثمرين لدخول السوق كما تجعل معيار الكفاءة الاقتصادية هو المعيار الاساسي لبقاء الشركات في السوق. اما بالنسبة للمستهلك فالمنافسة العادلة بين الشركات تجعل هناك جودة أعلي وأسعارا أقل وتنوعا للسلع والخدمات المتوافرة في السوق وبالتالي يرتفع مستوي المعيشة للفرد. ما هي رؤيتكم لتفعيل دور الجهاز وضبط الأسواق؟ سوف يعمل الجهاز خلال المرحلة القادمة من خلال خمسة محاور أساسية اولها الدفع بعدد من التعديلات التشريعية لتفعيل دور الجهاز وإنفاذ القانون والتأكيد علي أهمية وجود سياسة عامة للمنافسة تلتزم بها الدولة بالتنسيق مع كافة الجهات الحكومية ذات الصلة ووضع اطار مؤسسي يمكن من خلاله اقامة منظومة متكاملة لحماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية في مصر, ثانيا: ترتيب أولويات العمل في الدراسات وفقا لتأثيرها المباشر علي رفاهية المستهلك والاقتصاد المصري. ثالثا: رفع الكفاءة المؤسسية والبشرية للجهاز لتحسين مستوي الأداء. رابعا: تنفيذ حملة للتوعية بقانون حماية المنافسة ونشر ثقافة المنافسة في المجتمع المصري علي مختلف المحافظات. وأخيرا: التنسيق بين الجهاز والأجهزة الرقابية الأخري لتحقيق أهداف الجهاز والتعاون علي المستوي الدولي للدعم الفني ونقل الخبرات. ذكرت ان الفترة المقبلة ستشهد التعاون مع الأجهزة الرقابية. كيف ذلك؟ اذا اردنا ان نحقق اهدافنا في السوق يجب ان تكون سياساتنا تكاملية مع الاجهزة الرقابية الاخري كجهاز مكافحة الدعم والإغراق وجهاز حماية المستهلك وجهاز تنظيم الاتصالات والجهات الاخري ذات الصلة لان في الممارسة العملية هناك تداخل كبير بين عمل تلك الاجهزة الرقابية وبالتالي تبادل المعلومات والتنسيق المستمر فيما بينهم يجعلهم قادرين علي تحقيق اهدافهم بشكل اكثر فعالية. هل تعديلات القانون الأخيرة المقترحة كافية لمنع الممارسات الاحتكارية؟ التعديلات تم طرحها في مناقشات مجلس الشعب وتمثل بشكل كبير المقترحات التي يراها الجهاز ولكن هناك تعديلات نرغب في إضافتها ليكون للجهاز استقلالية في تحويل القضايا مباشرة الي النيابة العامة أو التصالح دون الرجوع الي اي جهة وتغليظ العقوبات لردع المخالفين للقانون. بالنسبة لتشكيل مجلس إدارة الجهاز هناك حساسية لدي الكثير من وجود ممثلين للحكومة وللقطاع الخاص في مجلس الإدارة مما يكون له أثر سلبي علي قرارات الجهاز؟ هناك اقتراحات تمت مناقشتها بالنسبة لتشكيل المجلس, فمن حيث العدد هناك مقترح لتقليصه حيث ان العدد الحالي15 شخصا, وايضا هناك اقتراحات بتقليل ممثلي الحكومة وزيادة عدد الخبراء والمتخصصين لرفع الكفاءة والفعالية.. وهذا الأمر سوف يطرح للمناقشة في الفترة القادمة, وبالنسبة لممثلي القطاع الخاص اري انه امر مهم ولكن يجب ان يكون الوزن النسبي للخبراء في مجال المنافسة اكبر من ممثلي القطاع الخاص والحكومة. ما هي اهم الملفات التي يتم دراستها حاليا وما هي اولويات الجهاز خلال المرحلة المقبلة؟ توليت رئاسة الجهاز في مرحلة صعبة حيث ظل بدون ادارة لمدة6 اشهر تقريبا ومن ثم كان هناك تراكم لبعض القضايا, لذلك سوف اعمل علي الانتهاء من كل القضايا المعطلة, وسأعطي أولوية للقطاعات التي تمس المواطن بشكل مباشر وتؤثر علي حياته المعيشية. هل يتم استشارة الجهاز قبل إصدار أي قانون اقتصادي.. حتي لا يخالف حماية المنافسة؟ هذا مهم جدا بالنسبة للتشريعات الاقتصادية لان المنافسة تتداخل في مختلف المسائل الاقتصادية وبالتالي الرجوع الي جهاز المنافسة مهم لتحقيق الاتساق بين القوانين وعدم حدوث تضارب, وهذا ضمن مقترحات الجهاز خلال الفترة المقبلة ضمن تعديلات القانون. كثير من المواطنين يرون أن جهاز المنافسة ليس له دور في الحد من ارتفاع أسعار السلع في الأسواق؟ جهاز المنافسة ليس له دور مباشر في الحد من ارتفاع الأسعار ولا يستطيع التحكم فيها وفقا لأحكام القانون, ويقتصر دوره علي تحقيق بيئة ومنظومة منافسة متكاملة تقوم علي التنافس العادل بين الشركات والأفراد وذلك يؤدي علي المدي الطويل بجانب عمل جهات وأجهزة حكومية أخري الي تحقيق رفاهية المستهلك عن طريق وصول المنتجات والخدمات بتنوع وبجودة عالية وسعر مناسب. وفي كل دول العالم ليس من مهام أجهزة المنافسة القيام بهذا الدور ويقتصر دوره علي التأكد من أن الشركات المنتجة لهذه الأسعار لم تقم بممارسات احتكارية وأنها لم تخالف قواعد المنافسة. ما الفرق بين جهاز حماية المنافسة وجهاز حماية المستهلك؟ هناك فرق جوهري بين الجهازين, فجهاز المنافسة يختص بالممارسات الاحتكارية التي قد تقوم بها الشركات والأفراد العاملون في السوق ويعمل علي توفير بيئة منافسة عادلة اما جهاز المستهلك فهو يتعامل مباشرة مع المشاكل التي يواجهها المستهلك كشرائه سلعا معيبة وغير ذلك من المشاكل. وأوضح ان الهدف النهائي للجهازين هو مصلحة المستهلك والمواطن العادي. وهناك بعض الدول تجمع بين الجهازين في جهاز واحد ولكن كل نموذج له ظروفه المختلفة واعتقد ان مصر تحتاج الي فترة زمنية لبناء الخبرات في هذين المجالين حتي تتمكن من تقييم تجربتها الحالية وبعد ذلك اما الاستمرار في الوضع الحالي او الاتجاه الي نموذج اخر. ما هي العقبات التي تواجه تحقيق منظومة منافسة حقيقية في مصر؟ هناك عدد من العقبات منها كما سبق وذكرت صلاحيات الجهاز والحاجة الي مزيد من الاستقلالية في اتخاذ القرار, كما ان الجهاز لا يتمتع بصلاحيات مراقبة الاندماجات والاستحواذات. ولكن الجهاز يرتبط بالبيئة التي يعمل بها ولا يمكن المقارنة بينة وبين الاجهزة في الدول الاخري. ففي مصر الجزء الاكبر من الاقتصاد المصري قطاع غير رسمي مما يجعل امكانية الحصول علي البيانات والمعلومات مسألة شديدة الصعوبة. هل لديك رؤية خاصة لمعالجة مشكلة القطاع غير الرسمي؟ القطاع غير الرسمي مشكلة حقيقية, ومعالجة هذا القطاع لم تتم وفقا لرؤية عامة وخطة طويلة المدي وبالتالي كانت تختلف طريقة المعالجة من فترة الي اخري مما زاد الموقف صعوبة. ولكن هناك خبرات لدول عديدة استطاعت ان تحويل هذا القطاع من عبء علي الدولة الي شيء ايجابي جدا ذي نفع كبير علي الاقتصاد القومي. هل للمجتمع المدني دور في مساعدة جهاز حماية المنافسة في تحقيق اهدافه؟ تم الاجتماع مع الجمعية المصرية لحماية المنافسة وممثلين للمجتمع المدني, ونرحب بشكل كبير بالتعاون معهم للمساعدة في التوعية ونشر ثقافة المنافسة في مجتمع الاعمال. كما قام الجهاز من قبل بالتعاون مع جمعية مواطنون ضد الغلاء. فالجهاز يري انه لا يستطيع العمل بمفرده وبالتالي يجب ان يعمل مع المجتمع المدني كشركاء لتحقيق الاهداف التي وضع قانون حماية المنافسة من اجلها.