أري أن أي كلمات لن تعبر عن مدي علاقتي ب محمد كما يحب أن يناديه مجردا من أي ألقاب, فأنا أعرفه منذ أكثر من25 سنة اقتربنا خلالها فكريا لدرجة التوحد. مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان وتوثقت علاقتي به بشكل خاص في إطار الدفاع عن حقوق الانسان في مصر, وكنت أعرفه في البداية من خلال كتاباته الصحفية في هذا المجال, إلي أن دعاني ذات يوم في ثمانينيات القرن الماضي للمشاركة والكتابة عن قضية حقوق الإنسان في الوطن العربي ضمن ملف شامل كان هو مسئول تحريره في مجلة السياسة الدولية, ومن وقتها اقتربت منه كثيرا إلي أن انضممنا سويا إلي المنظمة المصرية لحقوق الانسان التي تأسست عام1985 وكنا ضمن الاعضاء الأوائل بها, وفي عام1988 انتخبت كأمين عام للمنظمة واقترحت علي مجلس الامناء برئاسة محمد ابراهيم كامل وزير الخارجية الاسبق ضم عدد من الاعضاء الشباب إلي مجلس المنظمة, وبالفعل وافق مجلس الامناء علي هذا الاقتراح وتم ادخال خمسة شباب جاء علي رأسهم محمد السيد سعيد وتولي أمانة التثقيف بالمنظمة وقام بوضع أول نظام عمل بها, ومن خلال الاحتكاك المباشر بيننا في المنظمة المصرية لحقوق الانسان توطدت علاقتنا أكثر ونشأت بيننا وحدة في الفكر خاصة في قضايا حقوق الانسان وتحولت إلي صداقة شخصية استمرت حتي رحيله. في فترة عملنا سويا في المنظمة وخلال عام1989 حدث اعتصام عمال الحديد والصلب وكان محمد السيد سعيد ضمن اللجنة التي تتابع الاضراب وقام بصياغة بيان ندد فيه عن الممارسات الأمنية وفض الاعتصام بالقوة داخل المصنع ووفاة أحد العمال نتيجة لذلك, وعلي خلفية ذلك تم اعتقاله هو وأمير سالم وعدد آخر من أعضاء المنظمة المصرية لحقوق الانسان لمدة شهر تعرض خلالها إلي أقسي أنواع التعذيب, لدرجة أن بعض المعتقلين معه اعتقدوا انه فارق الحياة من شدة التعذيب. واتذكر أنه في ذلك الوقت قيل انه كتب ورقه بحثية في أول ملتقي فكري للمنظمة تحدث فيها عن القسوة الشديدة لضباط الامن في المعتقلات وخاصة عن ظاهرة الضابط الفتوة وكيف تتكون هذه الشخصية بين ضباط الامن وانتقادة لسياسات وزارة الداخلية والنظام في ذلك الوقت, وبعدها بدأت تتكون لدية فكرة تكوين مركز يهتم بشكل خاص بالدراسات الحقوقية وثقافة حقوق الانسان لدي المصريين ومكثنا لمدة عام كامل في نقاش حول ماهية عمل هذا المركز إلي أن قمنا بتكوين مركز القاهرة لحقوق الانسان في عام.1994 ومن خلال اقترابي منه ومعرفتي الفكرية به كان يؤمن دوما بفكرة الاستثمار في البشر وأن هذا سيؤدي إلي عائد كبير في تقدم المجتمع ونموه ونهضته التي تقوم علي اساس مواطن يعرف حقوقه وواجباته بدون أي وصاية عليه. ولن انسي مشاعر محمد عندما همس لي بها بعد أن شعر بالصدمة من الاستهتار الذي تعامل به الرئيس السابق مع افكاره التي طرحها عليه في معرض الكتاب عام2005, خاصة أنه كان يحاول اقناع الرئيس بأن حل مشكلة مصر ليست معجزة, لكن صدمته الكبري فكانت في مثقفي مصر الذين حضروا اللقاء وتحولوا إلي دروع واقية للرئيس, مع أنه تحدث حينها بطريقة مهذبة جدا وبأسلوب علمي, ولكن طريقته سببت ازعاجا لبعض المثقفين لمواصلته مناقشة الرئيس حتي انتهي من طرح ما لدية كاملا, وتعجبوا حينها مما فعله محمد السيد سعيد, ففعل ما لم يجرؤ أحد غيره عليه.