لا يخفى على أحد أن الأموال الورقية لا تحتفظ بقيمتها مع الوقت بعكس الذهب والذي كان العملة المتداولة بالماضي ؛ فأنت عندما تضع بالبنك على سبيل المثال مائة ألف جنيه وتقرر أن تستردها من البنك مائة ألف جنيها بعد عشر سنوات كما يفعل بعض المودعين خوفا ممن يظنونه ربا ؛ ففي هذه الحالة انت في الحقيقة لم تسترد قيمة رأس مالك الذي أودعته من عشر سنوات لأن المائة ألف جنيها بعد هذا العقد من الزمن ؛ قيمتها السوقية وقدرتها الشرائية تناقصت بنفس نسبة زيادة معدل التضخم وزيادة الأسعار. البنك جهة استثمارية ، يقوم المحاسبون به بدراسات جدوى للتأكد من نجاح المشروعات المقدمة من قبل رجال الأعمال ومن ثم اقراضهم بالأموال المودعة بالبنك وبعد ذلك تقوم البنوك بوجه عام بحساب المتوسط العام المتوقع للأرباح للبنك ومن ثم تحديد أدنى متوسط عام للفائدة للمودعين ، تضمن للبنك تحقيق أرباحا وتمكنه من دفع رواتب المحاسبين والعاملين بالبنك. ويقول الله تعالى : كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ولذا دعونا نتفكر في قول الله تعالى : الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ معنى الإرباء " في علم اللغة هو : الزيادة على الشيء، يقال: " أرْبى فلان على فلان "، إذا زاد عليه ،" يربي إرباءً"، والزيادة هي" الربا "،" وربا الشيء "، إذا زاد على ما كان عليه فعظم ،" فهو يَرْبو رَبْوًا و قيل للمربي : " مُرْبٍ"، لتضعيفه المال ، الذي كان له على غريمه أو لزيادته عليه فيه لسبب الأجل الذي يؤخره إليه فيزيده إلى أجله الذي كان له قبلَ حَلّ دينه عليه ومن يفعل ذلك هو من وعده الله بأنه " لا يقوم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المسّ"، وقيل أن ذلك يحدث حين يبعث من قبره والله أعلم. ويتضح المعنى أكثر في قول الله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ وقد كان أكلهم ذلك في جاهليتهم كالتالي : أنّ الرجل منهم كان يكون له على الرجل مال إلى أجل ، فإذا حلّ الأجل طلبه من صاحبه ، فيقول له الذي عليه المال أخِّر عنى ديْنك وأزيدك على مالك ، فيفعلان ذلك وذلك هو " الربا أضعافًا مضاعفة "، فنهاهم الله عز وجل في إسلامهم لله عنه والله أعلم. والخلاصة أنه عندما نجد تناقص القيمة الحقيقية السوقية بالبنوك لأموالنا الورقية التي لا تحافظ على قيمتها بعكس الذهب وعندما لا يختلف أحد على أن البنوك جهات استثمارية وعندما يكون كذلك معدل الفائدة الذي نحصل عليه أقل من معدل التضخم وزيادة الأسعار ؛ فلا أرى أي ربا أو زيادة في رؤوس أموالنا بإيداع أموالنا بالبنوك لأن قيمة أموالنا في الحقيقة لا تزيد بل تتناقص مع مرور الوقت بالبنوك والله أعلم. [email protected] لمزيد من مقالات نهى الشرنوبي;