أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى أن مشكلة تراجع تمكين المرأة فى المجتمعات العربية ترجع بالأساس إلى عدم وجود إنصاف من المجتمع للدور الكبير الذى تقوم به. وقال الرئيس خلال مشاركته فى الجلسة التى عقدت أمس بعنوان «دور المرأة فى دوائر صنع القرار» إن المرأة هى الأساس الأول الذى يبنى عليه شخصية المجتمعات فى العالم، باعتبارها الأم والمربية والمعلمة، وهى التى تتشكل على يدها شخصية الأبناء، وقال إن الإرادة السياسية وحدها ليست كافية لتمكين المرأة فى المجتمع، ولكن يجب العمل على تغيير ثقافة المجتمع بالكامل، لأن تلك الثقافة إذا كانت رافضة لتمكين المرأة ستفشل الإرادة السياسية فى تحقيق ذلك. وقال الرئيس خلال مداخلته بالجلسة إنه لا يليق أبدا أن يتصور أحد أن تمكين المرأة وإعطاءها دورها الذى تستحقه فى الدولة تفضل أو تكرم من أحد، «ده كلام لا يليق.. إذا كنا نريد أن نكون مجتمعا أمينا وصادقا مع نفسه». واستطرد الرئيس: «الحقيقة أن المرأة موجودة فى كل مكان وتقوم بعمل رائع سواء فى بيتها أو فى شغلها، ولها تقدير كبير فى نفسي»، وأشار إلى أن ثقافتنا فى المنطقة حاجبة لدور المرأة، وأن تغيير تلك الثقافة يحتاج إلى جهد كبير من خلال وسائل الإعلام والتعليم والمسجد والكنيسة. وأضاف: «دور المرأة عظيم ولو تغافلنا عنه تضيع الأمة، وفى مصر المرأة بتقوم بدور يمكن أكبر من أماكن أخري.. المرأة تعمل فى البيت وفى العمل وبتشيل الهم، والراجل مجرد ما بيجيب قرشين بيتخيل إنه بيعمل كل حاجة..لا». واستعرض الرئيس أمام الجلسة دور المرأة المصرية فى نجاح ثورة 30 يونيو عندما حافظت على أسرتها وأبنائها، وقال: «عندما طلبت نزول الشعب الى الشارع لتفويضى فى مواجهة الإرهاب المحتمل اللى بنحاربه الآن، وده كان فى شهر رمضان، المرأة المصرية جهزت الفطار ونزلت زوجها وأولادها وجيرانها ونزل أكتر من 33 مليون مصري، ونجحت الثورة بفضلها، وهى عارفة كويس إن تمن مواجهة الإرهاب هتدفعه من دم ولادها وزوجها، هو ده التمن الحقيقى اللى المرأة بتدفعه فى مصر.. المرأة نزلت فى 30 يونيو علشان تقول نحن معك وهنتحمل التكلفة ونزلوا فى كل شوارع وميادين مصر. وأعرب الرئيس السيسى عن مدى تقديره للمرأة قائلا: «أنا أحترمها وأقدرها وأتواضع أمامها، وللشباب أقول انحنى أمام كل شابة وامرأة.. المصريين هم من علموا الإنسانية وإذا كنا رجالا حقيقيين فيجب علينا تقدير دور المرأة.. ليس تفضلا ولكنه حقها». وقال الرئيس إنه ينتمى لأسرة تربت داخل بيت واحد وأنه اعتاد التعامل مع بنات الأسرة باحترام حتى أنهن كن يقلن: «ياريت بابا يبقى عمو عبدالفتاح» وسط تفاعل وتصفيق من الحضور بالقاعة وأكد أن معاملته مع المرأة بهذه الصورة كانت وفقا لفهمه للدين وما أمر به الرسول فى كيفية معاملة النساء. وأعرب الرئيس عن استعداده لتبنى أى أفكار من شأنها تنظيم العمل المجتمعى للارتقاء بدور المرأة وتدريب وتأهيل المجتمع على تعظيم هذا الدور فى ثقافته، وذلك من خلال عمل برنامج متكامل سواء فى المناهج الدراسية أو تتبناه وسائل الإعلام لإعادة رسم الصورة الحقيقية للمرأة فى المجتمع حتى تستطيع أن تتبوأ مكانتها التى تستحقها. وأكد الرئيس أن التمكين الحقيقى للمرأة هو احترام المجتمع لها وليس فقط بوجودها فى مناصب داخل الوزارت أو البرلمان.. «التمكين الحقيقى للمرأة هو الاحترام الحقيقى لها». وكانت الجلسة قد شهدت توافقا بين المتحدثات الرئيسيات حول أن فرص تصعيد المرأة إلى دوائر صناعة القرار إقليميا ودوليا وتمثيلها بشكل يتناسب مع مهاراتها وقدراتها قد شهدت تطورا كبيرا بالمقارنة مع العقود الأخيرة، لكنها لم تصل بعد إلى المستويات المتطلبة لتحقيق الأهداف التنموية كما وضعها برنامج الأممالمتحدة للتنمية المستدامة 2030. وأوضحت مايا مرسي، رئيسة المجلس القومى للمرأة أن عام 2017 كان بالفعل متوافقا مع مسماه كعام المرأة المصرية حيث شهد ارتفاع أعداد الوزيرات المشاركات فى التشكيل الحكومى إلى 4، بالإضافة إلى وجود 89 نائبة بالبرلمان المصري، مع اختيار أول محافظ من السيدات. لكن هذه الأرقام وفقا لمرسى أقل بكثير مقارنة بالقدرات الحقيقية للنساء المصريات. وأوضحت أن محدودية إسهام السيدات فى دوائر صناعة القرار يتجاوز النموذج المصرى بحيث يشكل ظاهرة دولية. فعدد الرئيسات فى العالم لا يتجاوز 10 ورئيسات الوزراء 14، بالإضافة لتشكيلهن 24% من عضوية البرلمانات الدولية، ويشكلن 20% من قيادات المجتمع المدني. وإجمالا، وفقا لمرسي، فإن من بين كل عشرة هناك سيدة واحدة فى مواقع اتخاذ القرار. إن كانت هذه أزمة علاقة المرأة بعملية صناعة القرار، فأن حلها يتطلب عدة نقاط وفقا لمرسى التى حددتها أولا بالإرادة السياسية متمثلة فى مؤسسات الدولة التى يجب أن تعمل على كسر ماوصفته ب « الحاجز الزجاجي» الذى بلغ ذروته مثلا فى الحالة المصرية باختيار السفيرة فايزة أبو النجا لتشغل منصب مستشار الرئيس لشئون الأمن القومى والذى كان من قبل وبشكل عام حكرا على الرجال. وضربت مرسى أيضا مثلا باختيار الدكتورة هالة السعيد وزيرة للتخطيط لتكون مسئولة عن التخطيط للوزارات المصرية ككل. وأشارت مرسى إلى قرار الحكومة الصادر أكتوبر الماضى برصد 250 مليون جنيه لإنشاء حضانات رياض أطفال لتوفير الدعم المناسب للمرأة العاملة، مما يقدم مرة ثانية نموذجا توافق إرادة الدولة مع أهدافها التنموية فيما يخص مكانة المرأة. وتتمثل النقطة الثانية فى توفير الخدمات التدريبية والتأهيل اللازم لإعداد الكوادر النسائية، وضربت مرسى مثالا على ذلك بتعاون المجلس القومى للمرأة مع البنك المركزى فى تقديم مبادرات «سيدات تقود المجتمع» والذى يوفر التدريب للمهارات النسائية، بالإضافة إلى مبادرة «مختبر التفكير والابتكار» للتواصل عبر الوسائط التكنولوجية مع النساء وبين النساء ونجح بالفعل فى التواصل مع 18 ألف شابة وتوجيهها. ويضاف إلى ذلك خطط المجلس القومى للمرأة فى إعداد الفتيات لتولى مناصب ولعب دور نشط على صعيد المجالس المحلية. وثالثة النقاط تتعلق على حسب مرسى بالمساندة المتبادلة بين النساء وفى هذا الخصوص منحت مرسى الأولوية لمحاربة الأفكار المغلوطة حول اتباع السيدات فى مواقع القيادة سياسات عدائية ضد نظرائهن، مؤكدة أن شيوع هذه الفكرة يشكل تهديدا لعملية إعداد النساء لجيل ثان من القيادات النسائية. وأشارت مرسى إلى ضرورة تغيير صورة نمطية أخرى تتعلق بتقييم دور ربة المنزل، موضحة أن دور هذه الفئة معقد وبالغ الأهمية يتنوع بين المهام الأسرية وإدارة أعمال من داخل المنزل فى كثير من الأحيان. من جانبها، أعربت ميوا كاتو، مديرة المكتب الإقليمى للمرأة فى الأممالمتحدة بمنطقة آسيا والمحيط الهادي، عن فخرها بتولى مصر القيادة فيما يخص أهم القضايا الملحة على المستوى الإقليمى والدولي، وفى مقدمتها قضية تمكين المرأة. ورأت كاتو أن المجتمع الدولى حقق الكثير فيما يخص العمل وفقا لمبادئ الأممالمتحدة بمكافحة التمييز ضد النساء، ولكن مراجعة مكانة المرأة فى دوائر صناعة القرار تكشف عن أن العالم بعيد عن المرحلة التى يفترض أن يكون بلغها. وطالبت المرأة إجمالا بتجاوز دور « الضحية» والعمل على الوصول بنسبة توليها المناصب القيادية والمؤثرة إلى 30% على الأقل إن لم يكن 50% على مستوى العالم.