ولمن ترى تهبط من عليائها الموسيقا؟ أيها الراعى اصطفِ الأسفلتَ فى رائعة الظهر لكى تدرى عذاب السالكين إلى مواويل الأبدْ واحذر الأرض الطريةَ إنها تغوى الغويَّ وكل من قد سار فيها لم يعدْ بدأت قصة هذا العازفِ الزمّار لما غربت شمس الأحدْ كان يحكى وحده ويقص قصته الوحيدة للخرافِ ولم يكن يملك إلا قصب الغاب المجوّفِ والحكايةُ كان ينقصها حنينٌ ما لشيءٍ ما تناهى فى البدَدْ فمضى خلف الشجيرات الندية فى أقاصى الحقلِ جرّب نايه فأتت إليه خرافُه أوراقُ أشجار السنونو والترابات استوت كى ترقص المرأة بالخلخال حافية على وقع حنين الناى لما يستبدْ جاءت فجآةً شَعرا حريريا يدوّخ خفق أجنحة العصافير التى حطت حواليها ونهدين بدائيين يستبقان طلتها يرشان على القيظ البَرَدْ من أين جاءت؟ لا أحدْ يدري أأيتها البهيةُ كيف جئتِ وكل هذا الظهر قفرٌ والمدى متدوّرٌ منذ الخميس الفائت المسروقِ من خلل الشبابيك البعيدةِ ما الذى يفعله الراعى وقد خطفته غنوته الجديدةُ فانزوى فى ورق الأشجارِ حتى يُسْتَرَدْ الحقل مفروش بوهج الشمسِ جائعةً تعشّش فى شقوق الروحِ تحتطب الجسدْ وخرافه جوعي ولحن الناى طوّف فى الحكايا كلها حتى نفدْ.