سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الخبير الاقتصادى شريف دلاور ل «الأهرام»: أتخوف من تعثر الإصلاح الاقتصادى دون اصلاح الجهاز الأدارى..يجب على البرلمان مساءلة محافظ البنك المركزى كما يساءل الحكومة
من فوائد برنامج الإصلاح أن المواطن أدرك قيمة الترشيد الموظف المصرى من أقدر الموظفين فى العالم ولكنه مكبل بتشريعات وقوانين بالية
فى ختام كلمته، ضمن المؤتمر الوطنى للشباب بالإسكندرية، قال المهندس شريف دلاور: «إن ما يتم هو أساس للمستقبل، من بنية أساسية وتوسع عمرانى وإصلاح إدارى، بنا وبكم هو نضال للأمل، هو نضال للتقدم، هو نضال للمستقبل» والحقيقة، أنه على مدى سنوات عديدة، يناضل وينادى الخبير الاقتصادى بضرورة إصلاح الجهاز الإدارى للدولة كونه الضمانة للإصلاح الاقتصادى والاجتماعى، وبدونه، فإن أى إصلاح مهدد بالفشل. وفى حواره مع الأهرام، رأى دلاور أن إشكالية الجهاز الإدارى للدولة، أنه مكبل بتشريعات وقوانين وخوف من المحاسبة، ودخول لا تفى بالغرض، وبالتالى فلا ينبغى أن يكون التطوير والتحديث على حساب هذه الفئة، بل يجب أن تتحقق من خلال إعادة هيكلة تحافظ على حقوقهم، وتضمن لهم آفاق مستقبل رحب، ولا ينبغى الحديث عن تخفيض عدد العاملين بالجهاز الإدارى. وتخوف من تعثر الإصلاح الاقتصادى مرة أخرى ما لم يكن هناك إصلاح حقيقى للجهاز الإدارى للدولة، وبناء القاعدة الإنتاجية مرتبط بمكونات محلية وليس بمكونات أجنبية.. وإلى الحوار: دائما تنادى بما يسمى إعادة اختراع الحكومة برغم أن رؤية 2030 تضمنت هذه الرؤية، فما وجهة نظرك؟ نعم تضمنتها، ولكن ليست بالقدر الكافى وأنا قمت بتسميتها الحكومة الرشيقة، حيث إن الإدارة الحكومية للدولة تجزأت بدرجة كبيرة بين عدد من الوزارات مما جعل من الصعب اتخاذ مواقف متجانسة فى مواجهة المشاكل والمتغيرات المتلاحقة، بالتالى ينبغى أن يكون دور السلطة المركزية للوزارات مقتصرا على أمور التخطيط والتقييم والمساندة والرقابة والإشراف، والإصلاح الإدارى لا يتحقق مع حكومة بهيكلها الحالى، حيث يقوم الوزير بالأعمال التنفيذية، ولكن مع حكومة محدودة فى عدد وزاراتها يكون فيها الوزير السياسى ذا مهمة استراتيجية من الدرجة الأولى، فلماذا لا يكون لدينا مقترح للحكومة يتكون من 16 وزارة وعدد 4 وزراء دولة، فيكون هناك نائب رئيس وزراء لشئون البرلمان، ووزير دولة للتنسيق الحكومى، فنحن لا نخترع العجلة ، بل نستشرف ما يجرى فى العالم كله. يذهب البعض إلى أن مشكلة الموظف هى التدريب، فقد ذكر وزير التخطيط السابق أشرف العربى أن ميزانية تدريب الموظف فى مصر 15 جنيها فى السنة، واهتمت الوزيرة الحالية بقضية التدريب؟ التدريب ليس مهما، فالموظف المصرى من أقدر الموظفين فى العالم، وأكثرهم كفاءة، ولكن المشكلة التى تواجهه، هى قلة الدخل، وأن راتبه لا يكفى، وبالتالى يختلق حججا لعدم الأداء، فمع هذا الدخل الضئيل مهما قمت بتدريبه وفى ظل وجود تشريعات وقوانين تكبله وراتب ضئيل، لن يؤدى لك عملا، فالمثل يقول «إذا أردت أن تقتل البعوض عليك بتنقية المستنقعات وليس قتل البعوض» فإشكالية الجهاز الإدارى للدولة، أنه مكبل بتشريعات وقوانين وخوف من المحاسبة، ودخول لا تفى بالغرض. ألم يف قانون الخدمة المدنية الجديد بما تتحدث عنه؟ قانون الخدمة المدنية الجديد هو قانون مكمل وليس أساسا، والإصلاح ليس جزئيا بل كليا، فتطبيق اللامركزية ليس هدفا فى حد ذاته، بل الهدف هو رفع مستوى الموظف، وتقليل عجز الموازنة ووجود قيادات جديدة من خلال الترشيح والتعاقد بناء على مواصفات معينة، والكثير يعتقد أن اللامركزية هى مجرد صلاحيات، فلا يوجد فى العالم ما يسمى مركزية كاملة أو لا مركزية كاملة لأنها فوضى، وإعادة هيكلة الجهاز الإدارى للدولة أصبحت ضرورة ملحة، ويجب أن تشمل: هيكل وشكل الحكومة أى عدد ونوعية الوزارات والأجهزة والهيئات التابعة لها، كذلك سلطات وصلاحيات الإدارة المحلية، والتوازن الصحى بين المركزية واللامركزية، والقواعد التى تحكم الموازنة العامة وموازنات المحليات، ونظم اختيار قيادات الجهاز الإدارى للدولة وتطبيق آليات الإدارة بالأهداف على وحداته المختلفة والتعاقد على هذه الأهداف مع القيادات المختارة، إضافة إلى نظم تقييم أداء الأجهزة الحكومية ودور الأجهزة الرقابية، والمشاركة الشعبية فى الإشراف والرقابة على الخدمات المقدمة للمواطنين. ولابد حين نقوم بمحاولة التطوير والتحديث أن نأخذ فى الاعتبار أن فئة الجهاز البيروقراطى للدولة تمثل « ثلث» القوى العاملة فى مصر، وهى مسئولة عن إعالة 15 مليون مصرى، وهذه الفئة هى الأكثر استفادة من الدعم، والأكثر تأثرا بارتفاع الأسعار، وهذه الفئة هى الأكثر اعتقادا بنظريات المؤامرة فى تفسير الأحداث، وهى الأشد تصديا للإصلاحات الاقتصادية بصفة عامة واقتصاديات السوق بصفة خاصة لارتيابها فى أهداف ودور القطاع الخاص، وبناء عليه فإن هذه الاعتبارات تزيد عملية التحديث تعقيدا. تلعب التعاونيات الزراعية في كل أنحاء العالم الدور الأهم في التمويل والتسويق فكيف نعيد الحركة التعاونية فى مصر؟ لابد من تقوية الدور التعاونى بشكل كبير، والتعاونيات الزراعية تأتى فى المقدمة، ولكنها الآن فى حالة موات، وذلك نتيجة فساد وعدم وجود إشراف من المستفيدين، على الرغم من نجاح هذه التعاونيات فى بلاد كثيرة، فالولايات المتحدةالأمريكية قائمة على التعاونيات، وكل هذه التعاونيات فى العالم يشرف عليها مواطنون. سبق وأن تحدثت عن حلول سريعة للأزمة الاقتصادية، ولماذا لا تكون دائمة، مثل وقف الحج والعمرة لمن أدوها، وغلق المحال فى الثامنة مساء؟ قمنا بتوحيد سعر الصرف، وبالتالى التدفقات الدولارية وغيرها من العملات دخلت البنوك المصرية، و زاد الاحتياطى، ولم يتم استهلاك هذا الاحتياطى، وناتجة أيضا من تحويلات المصريين فى الخارج، وذلك نتيجة ارتفاع سعر الفائدة، ولكن كلها أسباب لن تدوم، فلن يستمر رفع سعر الفائدة، ولن يستمر المصريون فى الخارج فى تحويل أموالهم، وبالتالى ينبغى أن نحافظ على النقد الأجنبى الموجود لدينا بالبنوك، وعليه لابد من اتباع خطوات واجبة، ومنها وقف رحلات الحج والعمرة لمن أدوها، وهو ليس ضد الدين، كذلك غلق المحلات التجارية فى الثامنة مساء، ككل دول العالم. ذكرت فى المؤتمر الأخير، أنه نتيجة للتطور التكنولوجى سريع الإيقاع، علينا أن نعد أنفسنا لأنماط اقتصادية جديدة، وكان الاقتصاد التشاركى أحد هذه الأنماط، فكيف نستفيد منه؟ هنا نقطة غاية فى الأهمية ينبغى الالتفات لها بشدة، لدينا شباب مصرى يقوم بعمل برامج السوفت وير والتطبيقات الحديثة، هؤلاء تركوا شركاتهم، وبدأوا العمل الحر « فرى لانسر» وهو بالمناسبة أصبح موقعا معروفا، بجانب مواقع أخرى مثل « آب وورك» وهى منصات عالمية، وبدأ هؤلاء الشباب ببيع منتجاتهم لهذه المنصات، وربحهم شهريا يتراوح بين ألفين وخمسة آلاف دولار شهريا، وحين يفكر فى تحويلهم مصر يتراجع، حيث ستقوم البنوك بسؤاله عن مصدر الربح وما إلى ذلك من أسئلة، وبالتالى وجد هؤلاء الشباب ضالتهم فى شركة أمريكية تفتح حسابا بها، وتعطيه ماستر كارد، ويضع أرباحه بها، ويستطيع تداول أمواله من أى مكان بالعالم، وهنا السؤال المهم، ألا يدعونا ذلك إلى تقنين هذا العمل مثل كل دول العالم فى السوفت وير وغيره، ويكون عملهم شرعيا، ومصادرهم شرعية، وتكون تحويلاتهم من أكبر مصادر العملة الأجنبية فى مصر، فوجب علينا الاعتراف بهؤلاء الفرى لانسر. لماذا لم يتم تطبيق ضريبة الأرباح قصيرة الأجل حتى الآن؟ هذه ضريبة عالمية، اقترحها توبن تانكس، لأن صناديق التحول فى العالم هى التى تقوم بهذه اللعبة، تدخل البورصة وهى منخفضة وتقوم برفعها وبيعها، أليس المضاربة القصيرة هذه مدعاة لفرض ضريبة عليها، فهى استنزاف للعملة والنقد الأجنبى، وكذلك ضريبة التركات وضريبة الثروة، فأين هى إقرارات الثروة. هل تتخوف من تعثر الإصلاح الاقتصادى مرة أخرى؟ نعم، وارد وبشدة، فنحن وضعنا أسسا وسياسات اقتصادية متميزة فيما يتعلق بالسياسات المالية والنقدية، ولكن دون إصلاح الجهاز الإدارى للدولة، ودون بناء القاعدة الإنتاجية المرتبط بمكونات محلية، سنتعثر مرة أخرى. قلت من قبل: حين يكون الاختيار بين نسب للبطالة مقابل التضخم فلا يكون قرارا اقتصاديا بل قرارا سياسيا لا يترك لتكنوقراط البنك المركزي وحدهم، فما المطلوب من البنك المركزى إذن؟ البنك المركزى مسئول عن السياسة النقدية، وهى لها تأثير كبير على حياة المواطن المصرى، وعلى مسار الاقتصاد ككل، ولذا يجب أن يخضع محافظ البنك المركزى للمساءلة دوريا أمام البرلمان، وهو لم يحدث فى فترة مبارك وحتى الآن، وهنا التساؤل، هل من المعقول أن رئيس الدولة المنتخب يخضع للمساءلة، ونرى الحكومة طوال الوقت يتم مساءلتها فى البرلمان، ولا يخضع محافظ البنك المركزى لمثل هذه الإجراءات، ووضع كافة سياساته وشرحها أمام البرلمان، وهو حين يتحدث أمام البرلمان، لا يشرح خطوات عمل البنك، بل يشرح رؤية وسياسات البنك، ومحافظ البنك المركزى الأمريكى تتحدث شهريا أمام الكونجرس الأمريكى. خطوة الإصلاح الاقتصادى والتى تأخرت كثيرا، تراها الحكومة والاقتصاديون خطوة عظيمة، ولكن المواطن الذى يئن يراها وبالا عليه؟ المواطن يرى خطوات الإصلاح الاقتصادى وبالا عليه، لأنها تأخرت كثيرا، وينبغى أن أوضح أمرا مهما، وهو موضوع ارتفاع الأسعار، حيث يربط الكثير بين ارتفاع الأسعار وتحرير سعر الصرف، وهذا ليس صحيحا، فقبل تحرير سعر الصرف كان المستورد أو المصنّع يقوم بالحصول على الدولار من السوق السوداء، وهو بسعر 15 و18 جنيها، فارتفعت الأسعار، وكان على الدولة تقنين هذا الوضع، بأن يكون الدولار بالبنك وليس السوق السوداء، وكانت الأسعار سترتفع أكثر مما هى عليه الآن، والسبب فى رفع الأسعار بعد التحرير كان الدولار الجمركى، وكنت أتمنى أن يبقى الدولار الجمركى ب 10 جنيهات لفترة، أما القول بأن وزارة المالية أرادت دخلا من خلال رفع الدولار الجمركى فمردود عليه، فالمالية قامت بتوفير 50 مليار جنيه لأصحاب البطاقات من 18 إلى 21 إلى 50 جنيها لكل فرد فى الأسرة، فالدولار الجمركى وضريبة القيمة المضافة كانت سببا آخر فى رفع أسعار الدولار. وفى رأيك لماذا لم يشعر المواطن بثمار هذا الإصلاح، وأنه لم ينعكس على التعليم أو الصحة؟ الإصلاح الاقتصادى الحالى هو « فرشة» لعملية تنموية للمستقبل، هذا الاصلاح الاقتصادى، تأثر به فئات عديدة، ليس منها طبقة الأثرياء ككل دول العالم، الطبقة الفقيرة تتأثر ولكن بدرجة معينة، حيث إن 50 % من دخلها يذهب للغذاء، وارتفاعات الغذاء لم تكن كبيرة، بينما الأكثر تأثيرا وضررا هو الطبقة الوسطى، نتيجة التأخر فى الاصلاح، والحل ليس سريعا، وعالميا، الطبقات الوسطى تعانى معاناة شديدة، ولعل من إيجابيات هذا الإصلاح أن المواطن متوسط الدخل بدأ يقوم بعملية ترشيد شديدة، وهذا الترشيد موجود فى دول العالم منذ الحرب العالمية الثانية ولم يكن موجودا لدينا، الآن هو موجود وأضحى ثقافة.