أثار ما نشرته تحقيقات الاهرام من مخاوف تهدد الاهرامات وأبو قير نتيجة لارتفاع منسوب المياه الجوفية في المنطقة والتعامل الحالي مع المشكلة بصورة قد تزيد من خطر انهيار المنطقة بما عليها من آثار مصر الشامخة. أثار ذلك اهتمام سريع وجاد من علماء مصر وأساتذة الحياة الجوفية وعلماء الاثار في مبادرات أرسلوها إلي تحقيقات الاهرام تسهم في انقاذ اهرامات مصر مؤكدين ان الخطر لايقف عند الاهرامات فقط, ولكنه عندما يشمل كل آثار مصر.. ويسارع أ.د مغاوري شحاتة استاذ المياه الجوفية ورئيس جامعة المنوفية السابق في شرح أبعاد القضية من واقع تعامل مع المياه الجوفية وأخطارها. تتكون هضبة الاهرام ومحيطها من الحجر الجيري كما أن تمثال أبو الهول منحوت في احدي طبقات الحجر الجيري المكون للهضبة وان طبيعة هذه الصخور الاستجابة للتفاعل مع المياه وثاني اكسيد الكربون( هو أحد مكونات الهواء) وتتعرض لخطر الاذابة اذا اجتمع الماء مع ثاني اكسيد الكربون ولايكون ذلك إلا بارتفاع منسوب المياه الجوفية علي سطح المنطقة وتفاعله مع ثاني اكسيد الكربون. لقد حدث هذا منذ اكثر من خمسة عشر عاما حيث تلاحظ تواجد تجمعات مياه علي سطح الارض في بعض المناطق المنخفضة من الهضبة وكذلك تحت تمثال أبو الهول واتضح ان مصدرها ارتفاع منسوب المياه الجوفية بالمنطقة وعلي الفور آنذاك قامت هيئة الآثار بالتعاون مع وزارة الري في تنفيذ مشروع لانقاذ المنطقة من خطر ارتفاع منسوب المياه وابعاد المياه من الاقتراب من سطح الارض وذلك باستخدام منظومة آبار النقطة. الذي يعمل تلقائيا عند ارتفاع المياه الجوفية إلي عمق 15 م ضمانا لعدم اقتراب المياه الجوفية من سطح الارض, ومازالت هذه المنظومة تعمل حتي الآن لحماية الاهرامات وأبوالهول ويعني ذلك ان المنطقة معرضة للانهيار اذا زاد معدل التغذية للخزان الجوفي عن طاقة سحب آبار المنظومة الحالية لسحب المياه, وهذا أمر محتمل ويجب اتخاذ اجراءات أكثر دقة وحداثة وتطوير الناظم الحالي حتي لاتضعف صخور الحجر الجيري تحت منطقة هضبة الاهرام عموما وكذلك الاهرامات وأبو الهول حيث ان صخور الاساس( الحجر الجيري) يمكن ان تتأثر بعوامل التجربة بين الرطوبة (عند ارتفاع منسوب المياه) والجفاف عند خفض المنسوب بسحب المياه وتكراكر ذلك يجعلها أكثر هشاشة وضعف وأستجابتها للضغط تحت وطأة نقل الاهرامات ذاتها مما قد يؤثر سلبا علي خصائص الصخور وقدرتها علي تحمل ما فوقها ويعرضها للخطر. ان دراسة اتجاه حركة المياه بالمنطقة وتحديد مصادر التغذية والصرف (مناطق الزراعة بنزلة السمان ومحيطها عدم وجود صرف صحي ببعض المناطق حول المنطقة ري حدائق منطقة اسكان جمعية حدائق الاهرام. وغيرها) سوف يساعد علي اتخاذ قرار حماية هذه المنطقة بشكل جذري وذلك باتخاذ الاجراءات التالية.. كما يضيف استاذ المياه الجوفية. مراجعة كفاءة المشروع الحالي لخفض منسوب المياه الجوفية تحت الاهرامات وأبو الهول ومدي نجاحه في سحب المياه ووقف الخطر وهل يحتاج المشروع إلي تطوير أو تحديث من عدمه؟ ومراعاة عدم التفريغ المفاجيء أو الجائر للمياه الجوفية حفاظا علي ميكانيكا التربة. انشاء خنادق وانفاق تقطع مسار حركة المياه الجوفية في اتجاه الاهرامات وابو الهول بما يؤدي إلي جفاف المنابع ووقف تعرض المنطقة للخطر. تشكيل لجنة فنية من أساتذة المياه الجوفية وميكانيكا التربة وخبراء الصرف لتحديد حجم الخطر الحالي واقتراح حلول علمية عملية لحماية منطقة الاهرامات وأبو الهول. ويضيف د. مغاوري أنه ليست منطقة الاهرامات وأبو الهول هي المنطقة الاثرية الوحيدة المعرضة لخطر المياه الجوفية ولكن أغلب تراث مصر الاثري في الصعيد والدلتا والقاهرة والفاطمية معرض لهذا الخطر الداهم وهو ما يستوجب القيام بمشروع قومي لحماية التراث الاثري لمصر بمختلف عصورها من خطر ارتفاع منسوب المياه الجوفية وعلي هيئة الآثار الاستعانة بالمتخصصين واتاحة البيانات امام لجنة قومية متخصصة للدراسة الاشملة واقتراح الحلول والاشراف علي تنفيذها. احتمالية الهبوط الارضي أسفل منطقة الاهرامات وأبو الهول ويؤكد د. كمال عودة استاذ الهيدروجيولوجيا بجامعة قناة السويس أن الهبوط الارضي أحد أهم المخاطر الطبيعية التي تهدد المنشآت والطرق, حيث تنشأ عادة نتيجة للاخلال بحالة التوازن الاستاتيكي للطبقات الارضية, فالسحب الزائد للمياه الجوفية من باطن الارض يؤدي إلي زيادة قوة التحميل أو الاجهاد علي الطبقات التحتية عن طريق ما يعرف( باجهاد الجاذبية) مما يتسبب في حدوث هبوط أرضي يكون في البداية بسيطا يتراوح ما بين 10 إلي 15سم وبعد فترة من الزمن قد يصل في بعض المناطق إلي 9 أمتار. ويناشد د. عودة هيئة المعونة الامريكية التي نفذت مشروع تخفيض مناسيب المياه الجوفية أسفل تمثال أبو الهول ومنطقة الاهرامات اظهار نتائج التقييم النهائي للمشروع, وتوضيح التوصيات الخاصة بضرورة مراقبة مدي تحرك جسم أبو الهول بعد نزح المياه لمدة طويلة من الزمن, حيث انه من المعروف عالميا أن توضع أجهزة مراقبة telemeters للمراقبة علي المدي الزمني الطويل خاصة وأن بداية ظهور الهبوط قد تحتاج فترة زمنية مابين 20 إلي 30 عاما من بداية سحب المياه الجوفية مك الموقع وتقاس في البداية بالمليمترات ثم يكون فجائي وسريع في النهاية مسببا انهيارات علي مساحة كبيرة. ونظرا لان المنطقة مرتفعة عن سطح البحر فان مستوي 155 متر بالنسبة لسطح البحر تؤكد التنبؤ بأه سيتم نزح المياه لعمق نحو 100 متر تحت تمثال أبو الهول في مساحة نحو 1 كم2 خلال العام الاول فقط من النزح, مما قد ينتج عنه حدوث كارثة الهبوط الارضي نتيجة لنزع النداوة الاصلية لصخور الحجر الجيري المعرضة أكثر من غيرها من الصخور لمخاطر الهبوط الارضي أسفل المنطقة الاثرية إذا أخذنا في اعتبارنا الاوزان الهائلة لابو الهول والاهرامات المحيطة. ويضيف د. عودة ان الاوزان الهائلة بالمكان هي في معظمها أوزان منقولة مما توثر علي درجة ثبات الضغط بين المسام وداخل الشقوق بعد سحب المياه الجوفية لذا فانني أكرر ضرورة مراقبة مناسيب المياه الجوفية, وكذلك وضع أجهزة مراقبة لقياس معدل الهبوط الارضي والاستعانة بالخبرة المتوفرة لدي اليونسكو حيث سبق وأن أصدرو دليل ارشادي عام 1984 لدراسة ومراقبة الهبوط الارضي الناتج عن سحب المياه الجوفية, مع ضرورة عرض نتائج تقرير التقييم النهائي للمشروع علي لجنة وطنية من خبراء الهيدروجيولوجيا المصريين.