◙ المقررات الإلكترونية أحد سبل تطوير منظومة التعليم واستخدام التكنولوجيا فى العملية التعليمية ◙ د. محمد لطفى جاد: ضرورة تفاعل المتعلم مع الوسائط المتعددة.. وأكثر مرونة فى التنقل ويوفر الوقت ◙ د. صفاء شحاتة: الإلكترونى وسيلة لتلبية احتياجات جيل الإنترنت وسهل فى تطويره واستجابته للتغيير السريع والمستمر ◙ د. عبدالعزيز طلبة: أصبح «مقبرة التعليم الجامعى».. وتفعيله له مردوده الإيجابى على تصنيف الجامعات المصرية ◙ د. عادل النجدى: المجلس الأعلى للجامعات يحاول تشجيع النشر الإلكترونى.. لكن لا تزال التجربة ضعيفة
تعد قضية الكتاب الجامعى من القضايا المتشعبة التى لا ينضب الحديث عنها، فهى مشكلة كل عام، وحديث كل أسرة لها أبناء فى التعليم الجامعى، والحديث عن هذه القضية له أكثر من زاوية، فهناك من يتناول تلك القضية من حيث سعر الكتاب الجامعى، أو من حيث شكله، ومواصفاته، ومحتواه، وإخراجه، وجودة طباعته، وهناك من ينظر إلى تلك القضية من حيث أهميته، والحاجة إليه، أو الاستغناء عنه بمصادر أخرى، أو الإبقاء عليه لطلاب المرحلة الجامعية الأولى فقط، فضلا عن الآراء المتباينة لأساتذة الجامعات، أو الطلاب، أو أولياء الأمور حول تلك القضايا بين مؤيد ومعارض لوجود الكتاب الجامعى. فى البداية، يؤكد الدكتور عادل النجدى، أستاذ المناهج وطرق التدريس، عميد كلية التربية بجامعة أسيوط، أن الكتاب الجامعى الإلكترونى أحد سبل تطوير منظومة التعليم الجامعى من خلال استخدام التكنولوجيا فى العملية التعليمية، حيث تتوافر بمصر بنية تكنولوجية جيدة تسمح للجامعات بنشر المقررات الدراسية بطريقة إلكترونية من خلال المكتبة الرقمية بالمجلس الأعلى للجامعات، أو من خلال شبكات المعلومات بمختلف الجامعات، مما يسهم فى تخفيف الكثير من الأعباء عن أبنائنا الطلاب من ناحية، وتشجيعهم على استخدام التكنولوجيا فى الدراسة من ناحية أخرى. ويضيف أن استخدام المؤلف الإلكترونى قد يسهم فى تقديم مادة علمية مفيدة وجيدة للطالب بعيدا عن الحشو الذى تحتويه بعض المقررات الحالية، بغض النظر عن وضع أكبر كم من الصفحات لتحقيق ربح مادى للأستاذ، وهى الظاهرة التى لابد من وضع حلول لعلاجها، سواء من خلال تحسين رواتب أعضاء هيئة التدريس، أو من خلال تشجيعهم على النشر الإلكترونى لمقرراتهم، وبمقابل مادى جيد. ويوضح الدكتور النجدى أن المجلس الأعلى للجامعات يحاول، منذ سنوات، تشجيع النشر الإلكترونى للمقررات الجامعية، من خلال وحدة النشر الإلكترونى، لكن تلك التجربة لا تزال ضعيفة لامتناع معظم أعضاء هيئة التدريس بالجامعات عن المشاركة فيها، وذلك بسبب ضعف المقابل المادى الذى يُدفع للأستاذ، مقابل نشر مقرره إلكترونيا، مقارنة بالكتاب التقليدى. وترى الدكتورة صفاء شحاتة، أستاذ التخطيط والسياسات التعليمية، رئيس قسم أصول التربية بكلية التربية بجامعة عين شمس، أن هناك صورا عديدة للكتاب الإلكترونى الجامعى، منها الصورة التقليدية التى تراه صورة طبق الأصل من الكتاب الورقى بطريقة عرضه، وشكله، ولونه، وغيرها من صفات التطابق، والفرق الوحيد بينهما إمكانية تصفح الكتاب من خلال شاشة إلكترونية. أما الكتاب الإلكترونى الجامعى الحقيقى، فهو لا يعد أفضل فقط من حيث الشكل والتخزين، وسهولة التناول، وقلة التكلفة، وإنما هو يمثل تطورا للكتاب الورقى، يُحسن من أدائه، ويعالج قصوره، بحيث يمكن من خلاله وجود المعلم بين صفحات الكتاب الإلكترونى مع المتعلم شارحا، وموضحا، ومعززا للتعلم، من خلال التقنيات الحديثة. وتشير إلى أن الكتاب الإلكترونى سهل فى تطويره عن الكتاب الورقى، وسريع فى استجابته للتغيير السريع والمستمر فى المعرفة وتطبيقاتها، إلى جانب أنه يعالج الكثير من أوجه القصور فى جامعاتنا، والتى منها مساعدة المعلم على تحقيق مخرجات التعلم مع الأعداد الكبيرة التى تتكدس بها الجامعات، فى ضوء قلة الإمكانات التكنولوجية المتاحة داخل المدرجات والمعامل الدراسية.وتوضح أن الكتاب الإلكترونى يعد وسيلة لتلبية احتياجات جيل الإنترنت الذى يستمتع بكل ما تحمله الثورة التكنولوجية من خبرات تعلم، فهو يحقق بهجة التعلم، ذلك الهدف التربوى الذى يمثل غاية التعلم. ويرى الدكتور محمد لطفى جاد، أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة، أن للتطور العلمى والتكنولوجى- الذى صاحبه تطور فى أجهزة الحاسوب، بالإضافة لظهور الحاسوب اللوحى، والهواتف النقالة المتطورة، والتى من خلالها تعرض جميع أنواع الوسائط المتعددة الرقمية وبوضوحٍ عالٍ، وإمكانية ربط هذه الأجهزة بشبكة الإنترنت العالمية- أثرا واضحا فى التحول من الكتاب الورقى إلى الإلكترونى، مضيفا أنه يعد مرجعا أساسيا يستخدمه الطالب فى تحصيل المعارف والمعلومات، والحقائق والاتجاهات، والقيم الثابتة، والخبرات المتغيرة، فى شكل مكتوب، أو مرسوم، أو مصور، مما يجعله قادراً على بلوغ أهداف المنهج المحددة سلفاً. ويوضح أن الكتاب الإلكترونى يهدف إلى تفاعل المتعلم مع الوسائط المتعددة فى كل صفحة منه، من خلال مشاهدة عدد كبير من الصور ومقاطع الفيديو، والاستماع إلى الأصوات المخزنة المرتبطة بالموضوع، وإضافة التعليقات والملاحظات على هوامش الكتاب. وفى حال اتصال جهاز القراءة بشبكة الإنترنت، يستطيع المتعلم الإجابة على الأنشطة المكلف بها التى توجد فى الكتاب، إذا كان هذا الكتاب يستخدم فى التعليم، وتسليمها للأستاذ عبر البريد الإلكترونى. وعن مميزات الكتاب الإلكترونى، يقول الدكتور جاد إنه أكثر مرونة فى التنقل، ويوفر الوقت، إلى جانب إمكانية ضبط الخط، وأرخص من الكتب الورقية، بينما يتميز الكتاب المطبوع بتنبيه عقل المتعلم عند القراءة فيه، ويدفعه لاختزان معلومات قصيرة عن كل صفحة يقرؤها، ولكن يؤخذ عليه إجهاد عينى المتعلم، والقلق بشأن عمر البطارية الخاصة بالهاتف أو القارئ الإلكترونى. من جانبه، يأسى الدكتور عبدالعزيز طلبة، أستاذ ورئيس قسم تكنولوجيا التعليم بكلية التربية بجامعة المنصورة، على الكتاب الجامعى بصورته الحالية، فهو يعيش مأساة تنعكس آثارها على كل المتعاملين معه، إلى الحد الذى أصبح معه القول إن الكتاب الجامعى «مقبرة التعليم الجامعى»، وتتضح تلك المأساه فى أشكال عديدة، منها: الآلية غير اللائقة فى توزيعه وتسويقه، سواء بالرضا أو بالإجبار، أو المحتوى غير المتجدد، الذى ينعكس على تدنى مستوى الخريج، وسعره الذى أصبح عبئاً على الطالب والأسرة، وإخراجه الذى لا يليق بسمعة ومكانة التعليم الجامعى فى بلادنا، من سوء صياغة، وكتابة، وقلة تأليف، وكثرة التوليف، ومشاكل اختراق الملكية الفكرية. ويضيف أن الاقتصار على الكتاب الورقى المقرر دون تعدد مصادر المعلومات تسبب فى انتشار أساليب الغش والتلخيص المخل، لأن محتوى الامتحان أصبح محددا من خلال الكتاب المقرر، فضلا عن نظام الفصلين الدراسيين الذى انعكس على ضآلة حجم المعلومات التى يتضمنها الكتاب الجامعى، وأصبح الطالب الآن يبحث عن المعلومة من الإنترنت، والملخصات، أو الملازم التى يتم تداولها فى مكاتب رخيصة. ويؤكد الدكتور طلبة أن تفعيل الكتاب الإلكترونى له مردوده الإيجابى على تصنيف الجامعات المصرية ضمن التصنيفات الدولية للجامعات، مشددا على أن تفعيله سيغير من بيئة تعلم الطالب من تقليدية إلى إلكترونية تتطلب إعادة التفكير فى أدوار الأستاذ الجامعى ليتماشى مع مستحدثات العصر بدلاً من الاقتصار على الإلقاء والتلقين داخل قاعات المحاضرات.