لم تكن أزمة مسلمى الروهينجا وليدة اللحظة، فقد سبق لحكومة دولة ميانمار اضطهاد هذه الأقلية على أراضيها وممارسة مختلف أساليب العنف والتعذيب ضدهم منذ سنوات، تحت مسمع ومرئى المجتمع الدولي، إلا أن أحداً لم يحرك ساكناً تجاه التطهير العرقى الممنهج ضد المسلمين، حتى أصبح هذا الصمت الدولى بمثابة مباركة للقيام بمزيد من تلك الأعمال الوحشية ضد أقلية الروهينجا هناك .. “ الأهرام” حاورت سفير دولة بنجلاديش الشعبية بالقاهرة محمد على ساركار كون بلاده الدولة الجارة لميانمار وأوضح جميع جوانب الأزمة وكان هذا الحوار: ما هي الأسباب التاريخية لعداء حكومة ميانمار لمسلمى الروهينجاء وماذا يعنى هذا المصطلح والدوافع وراء التطهير العرقى ؟ يفضل المسلمون الذين يقطنون إقليم راخين فى ميانمار أن يطلق عليهم الروهينجا، وقد أطلق المسلمون الأوائل مصطلح الروهينجا على مملكتهم التى احتلها جيش بورما فى 1785 فى معركتهم مع بريطانيا، وفى عام 1948 تم الاعتراف رسميا بسكان الروهينجا على أنهم مواطنو بورما وتم منحهم هوية المواطنة. خلال الفترة من 1950 إلى 1958وفى ظل حكومة «يو نو»، تم انتخاب بعض الروهينجا لمناصب رفيعة فى الحكومة، وكذا تم انتخاب العديد منهم أعضاء بالبرلمان، غيرأن قوانين المواطنة التمييزية الصادرة عام 1982 جاءت لتغير الوضع ولتحرم الروهينجا من حقوق المواطنة ولم يدرجوا ضمن مجموعات الأقلية الإثنية ال+135. فتحول الوضع ضدهم وبات الروهينجا يعرفون على أنهم أجانب وأصبحوا بلا جنسية، و يتراوح عدد سكان الروهينجا ما بين 1.1 إلى 1.3 مليون نسمة. وعقب هجوم متمردى الروهينجا فى 25 أغسطس الماضي أطلق الجيش عمليات تطهير أسفرت عن مقتل أكثر من 3000 شخص والعديد من الجرحي فضلاً عن تعرض العديد للتعذيب والاغتصاب وتم حرق العديد من القري. هل تضع حكومة بنجلاديش خطة بديلة للتعامل مع الأزمة ؟ مع الأحداث الأخيرة تدفق ما يقرب من نصف مليون مواطن من الروهينجا الى بنجلاديش، ومع إستمرار أعمال العنف التي تشنها قوات ميانمار بلا هوادة حتى بعد أن خلت القرى فى شمال راخين أظن أن فترة إقامتهم ستطول، وأولويات بلادى في إدارة الأزمة أن توفر الطعام والملجأ والخدمات الطبية لذا فلا يمكن أن تكون هناك خطة بديلة غير الضغط على ميانمار لإستعادة مواطنيها ودمجهم فى أراضى أجدادهم. وما دور حكومة بنجلاديش فى إعادة الاستقرار فى البلد الجار ؟ مع الأسف تخطت مشكلة الروهينجا ما وراء حدود ميانمار وأصبحت مسألة إقليمية بالفعل على الرغم من المحاولات التى نقوم بها في بنجلاديش. وأذكر أن حكومة بلادي عرضت على ميانمار القيام بعمليات تفتيش مشتركة للكشف عن الجماعات المسلحة التى تعتبرها ميانمار تهديداً لها. بل إن بنجلاديش على استعداد أيضاً للقيام بعمليات مشتركة لإستعادة الإستقرار. وفى عام 2016، قام حرس الحدود البنجلاديشى بتسليم اثنين من الإرهابيين من المشتبه فيهم الذين خططوا لهجمات إرهابية إلى حكومة ميانمار مثل هذه الإيماءات من شأنها أن ترسخ للثقة لكن ميانمار لاتزال تسعى وراء القمع الممنهج للروهينجا !!. بصفتكم عضوا فى منظمة التعاون الإسلامى كيف تقيمون العلاقات مع حكومة ميانمار فى الوقت الراهن مع تفاقم الأوضاع الإنسانية هناك ؟ أنشأت منظمة المؤتمر الإسلامى «مجموعة اتصال منظمة المؤتمر الإسلامى بشأن الروهينجا» بالقرار الذى اتخذته فى القمة الإسلامية الاستثنائية الرابعة التى عقدت فى مكةالمكرمة خلال أغسطس 2012، وتعمل بنجلاديش-باعتبارها عضو فى المجموعة- عن كثب مع فريق الاتصال التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامى بشأن الروهينجا في ميانمار للتعامل مع الأزمة، ولكن لسوء الحظ، لم يتحقق أى نجاح يذكر حتى الآن. ما هى الأساليب الدبلوماسية التى يجب أن تتبع لمواجهة أو الضغط على حكومة ميانمار الحالية للكف عن ممارستها العنصرية ضد المسلمين؟ لقد اقترحت رئيسة وزراء بنجلاديش فى الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، خمس نقاط لحل دائم للأزمة فى تصورنا أنها بعض الحلول البسيطة لحل الأزمة، من أبرزها توقف مينمار فوراً ودون قيد أو شرط عن ممارسة العنف والتطهير العرقى فى ولاية راخين. كما أنه لابد أن يرسل الأمين العام للأمم المتحدة على الفور بعثة تقصى حقائق إلي هناك وحماية جميع المدنيين وإنشاء «مناطق آمنة» واتخاذ إجراءات فورية لضمان العودة المستقرة لجميع الروهينجا إلى ميانمار وتنفيذ توصيات تقرير لجنة كوفى أعنان من أجل تحقيق واستدامة السلام والاستقرار فى ولاية راخين. كما أنه يتعين على المجتمع الدولى أن يضافر جهوده وأن يمارس ضغوطًا دبلوماسيةً على ميانمار للتحرك صوب إيجاد الحل.