الانقسامات الخطيرة التي تشهدها الآن ساحة القضاء المصري تمثل ظاهرة في غاية الخطورة خاصة انها تحولت إلي صراعات سياسية رغم ان القضاء المهنة والرمز والمسئولية تتطلب دائما الابتعاد عن السياسة.. في ساحة القضاء الأن أكثر من تيار سياسي ما بين انحياز للدولة أو إعتراض عليها.. هناك من يساند مؤسسة الرئاسة وهناك من يؤيد المجلس العسكري وهناك من يرفض مجلس الشعب وهناك من يلعب علي كل الإتجاهات.. إن مسئولية القضاء أرفع وأكبر من كل هذه الأدوار.. ان التاريخ يقول لنا ان السياسة قد جنت كثيرا علي القضاء ولنا في مأساة الفقيه الدستوري الكبير السنهوري عبرة لمن يريد ان يستوعب الدرس.. وكانت مذبحة القضاء واحدة من الصفحات السوداء بين القضاء والسياسة.. وعندما قامت مظاهرات القضاة في عام2005 تصدت لها قوات الأمن بكل العنف والقمع.. والآن نحن امام عدة تيارات سياسية جميعها تتحدث باسم القضاة رغم الاختلاف الشديد في المواقف.. هناك نادي القضاة وهو يسعي لانتزاع صفة رسمية كهيئة تمثل قضاة مصر رغم ان الجهة الوحيدة صاحبة هذا الحق هي المجلس الأعلي للقضاء وهناك تيار الاستقلال وهو يضم مجموعة من القضاة المعارضين وهناك ايضا حركة قضاة من اجل مصر هذه الانقسامات والصراعات بين قضاة مصر دخلت بالهيئة القضائية إلي المعترك السياسي خاصة بعد ان شهدت الساحة مؤتمرات صحفية أدت إلي فتح ابواب الصراع بين مؤسسات الدولة بما فيها مؤسسة الرئاسة حيث تعرض شخص رئيس الدولة لانتقادات شديدة من بعض القضاة وبجانب هذا فإن الخلاف في الرأي بين القضاة حول احكام المحكمة الدستورية العليا قد أثار غبارا كثيفا.. لا أتصور ان تتحول منصات العدالة إلي منصات لإطلاق الصراعات بين قضاة مصر فهم آخر حصون العدالة في وطن تتمزق مؤسساته كل دقيقة مطلوب من حكماء القضاة وما اكثرهم ان يعيدوا للساحة القضائية وقارها وتماسكها وهيبتها التي تتراجع امام الصراعات السياسية البغيضة ما يحدث في ساحة القضاء الآن ينذر بكوارث أكبر. [email protected] المزيد من أعمدة فاروق جويدة