محافظ أسيوط: إزالة 30 حالة تعدي على أراضي زراعية وبناء مخالف بمركز القوصية    تطبيق حجز السيارات الكهربائية بالعاصمة الإدارية الجديدة 2024    رئيس COP28: العالم أمام فرصة استثنائية هى الأهم منذ الثورة الصناعية الأولى    القاهرة الإخبارية: انقسامات داخل حكومة نتنياهو بسبب اليوم التالي للحرب    الرئيس الصيني: الجامعة العربية ملتزمة منذ فترة بتعزيز وحدة العالم العربي    بوتين : لا توجد خطط حالية للاستيلاء على مدينة خاركيف الأوكرانية    خليفة كلوب يوقع على عقود تدريب ليفربول    رئيس الاتحاد الفلسطيني يكشف تحركاته نحو تعليق مشاركة الكيان الصهيوني دوليًا    صورة وتعليق.. كيف هنأ شريف منير الزعيم عادل إمام بعيد ميلاده؟    المهرجان القومي للمسرح يطلق مسابقة التأليف المسرحي لدورته ال17 باسم الدكتور علاء عبد العزيز    عاجل: المتاحف المصرية تفتح أبوابها مجانًا في يومها العالمي..9 متاحف تفتح أبوابها بالمجان (صور)    وزارة العمل تعلن عن 2772 فُرصة عمل جديدة فى 45 شركة خاصة فى 9 مُحافظات    وزير الأوقاف من مسجد السيدة زينب: أئمتنا على قدر المسئولية في بناء خطاب ديني رشيد    مساندة الخطيب تمنح الثقة    القسام: قنصنا جنديًا إسرائيليًا شرق جباليا    إعلام فلسطيني: شهيدان ومصاب في قصف إسرائيلي استهدف مواطنين بحي الزهور    الإنتهاء من المستوى الأول من وعاء الاحتواء الداخلى لمبنى المفاعل بمحطة الضبعة النووية    تحديث جديد لأسعار الذهب اليوم في منتصف التعاملات.. عيار 21 بكام    مؤتمر أرتيتا عن – حقيقة رسالته إلى مويس لإيقاف سيتي.. وهل يؤمن بفرصة الفوز بالدوري؟    "يمنح الطلاب شهادات مزورة".. ضبط سيدة تُدير كيان تعليمي وهمي في الغربية    موعد عيد الأضحى المبارك 2024.. بدأ العد التنازلي ل وقفة عرفات    «جمارك القاهرة» تحبط محاولة تهريب 4 آلاف قرص مخدر    أوقاف البحيرة تفتتح 3 مساجد جديدة    رئيس جهاز دمياط الجديدة يستقبل لجنة تقييم مسابقة أفضل مدينة بالهيئة للعام الحالي    «تقدر في 10 أيام».. موعد مراجعات الثانوية العامة في مطروح    جوري بكر تعلن انفصالها بعد عام من الزواج: استحملت اللي مفيش جبل يستحمله    أحمد السقا: يوم ما أموت هموت قدام الكاميرا    هشام ماجد ينشر فيديو من كواليس "فاصل من اللحظات اللذيذة".. والجمهور: انت بتتحول؟    الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم: قد نتوجه لكونجرس الكاف بشأن مشاركة إسرائيل في المباريات الدولية    دعاء يوم الجمعة وساعة الاستجابة.. اغتنم تلك الفترة    فريق قسطرة القلب ب«الإسماعيلية الطبي» يحصد المركز الأول في مؤتمر بألمانيا    تناولها أثناء الامتحانات.. 4 مشروبات تساعدك على الحفظ والتركيز    اندلاع حريق هائل داخل مخزن مراتب بالبدرشين    توخيل يعلن نهاية مشواره مع بايرن ميونخ    كولر: الترجي فريق كبير.. وهذا ردي على أن الأهلي المرشح الأكبر    بالصور- التحفظ على 337 أسطوانة بوتاجاز لاستخدامها في غير أغراضها    ضبط سائق بالدقهلية استولى على 3 ملايين جنيه من مواطنين بدعوى توظيفها    ما هو الدين الذي تعهد طارق الشناوي بسداده عندما شعر بقرب نهايته؟    «المرض» يكتب النهاية في حياة المراسل أحمد نوير.. حزن رياضي وإعلامي    المفتي: "حياة كريمة" من خصوصيات مصر.. ويجوز التبرع لكل مؤسسة معتمدة من الدولة    المقاومة الإسلامية في العراق تقصف هدفا إسرائيليا في إيلات بالطيران المسيّر    آخر موعد لتلقي طلبات المنح دراسية لطلاب الثانوية العامة    قافلة دعوية مشتركة بين الأوقاف والإفتاء والأزهر الشريف بمساجد شمال سيناء    كوريا الشمالية ترد على تدريبات جارتها الجنوبية بصاروخ بالستي.. تجاه البحر الشرقي    كيف يمكنك حفظ اللحوم بشكل صحي مع اقتراب عيد الأضحى 2024؟    أوقاف دمياط تنظم 41 ندوة علمية فقهية لشرح مناسك الحج    حركة فتح: نخشى أن يكون الميناء الأمريكي العائم منفذ لتهجير الفلسطينيين قسريا    تفاصيل حادث الفنان جلال الزكي وسبب انقلاب سيارته    الاتحاد العالمي للمواطن المصري: نحن على مسافة واحدة من الكيانات المصرية بالخارج    سعر جرام الذهب في مصر صباح الجمعة 17 مايو 2024    بعد حادثة سيدة "التجمع".. تعرف على عقوبات محاولة الخطف والاغتصاب والتهديد بالقتل    أحمد سليمان: "أشعر أن مصر كلها زملكاوية.. وهذا موقف التذاكر"    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    محمد عبد الجليل: مباراة الأهلي والترجي ستكون مثل لعبة الشطرنج    «الأرصاد»: ارتفاع درجات الحرارة اليوم.. والعظمى في القاهرة 35 مئوية    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف بسمة الفيومي.. طريقة عمل الكرواسون المقلي    لا داع للقلق.. "المصل واللقاح" توجه رسالة عاجلة للمواطنين بشأن متحور FLiRT    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هوامش حرة
حين تغيب الثقة ويسقط الحوار
نشر في الأهرام اليومي يوم 06 - 04 - 2012

منذ قيام ثورة يناير ورحيل رأس النظام السابق وانا أحذر من مأساة الانقسامات في الشارع المصري بين القوي السياسية وغير السياسية‏,‏ وكيف أنها تمثل ظاهرة خطيرة تهدد أمن مصر واستقرارها..في كل يوم كانت دائرة الانقسام تتسع وتحمل معها طوائف جديدة وبقدر ماكان التوحد شيئا رائعا في ايام الثورة بقدر ما فشلت جميع القوي في الاتفاق علي شيء..أي شيء.. ولا يستطيع الإنسان ان يبريء طرفا من الأطراف في هذه الجريمة التي إشترك فيها الجميع في سلطة القرار أو خارجها.. وقد حذرت من البداية ان مخاطر الانقسام سوف تدفع بنا بالضرورة إلي مناطق الصدام وهذا ما حدث وما تأكدت شواهده في الأيام الأخيرة حيث بدا واضحا ان حالة التشرذم التي تشهدها مصر الآن هي أخطر مايراه المراقبون امام وطن يتفكك وشعب فقد القدرة علي إدارة شئونه.
لايوجد طرف في مصر الأن يثق في طرف آخر.. جميع القوي لا تثق في بعضها البعض وأصبح الشك وسوء الظن هو العامل المشترك بين هذه القوي ولا أتصور شعبا يريد بناء وطن جديد والخروج إلي مستقبل أفضل وهو لا يثق فيمن يديرون شئونه ويتحملون مسئولياته..
لا توجد ثقة الآن بين المجلس العسكري وشباب الثورة لأن المجلس وإن كان قد إعترف بدور الشباب إلا أنه فيما يبدو لم يصل إلي اقتناع كامل بأن ما حدث في مصر كان بالفعل ثورة وان علي الشباب ان يقبل الأمر الواقع بعد ان تغير رئيس الدولة وسقط الحزب الوطني واختفت بعض رموز العهد البائد..المجلس العسكري كان يري ان ذلك يكفي بينما كان الشباب يريدون تغييرا شاملا في مؤسسات الدولة لأننا امام ثورة, وهنا كان الإنقسام ثم كان الصدام ثم كان غياب الثقة بين من قاموا بالثورة وشاركوا فيها ومن تحمل مسئولية حمايتها. وحين ارتفعت الهتافات من الشباب في الشارع ضد المجلس العسكري كان رد الفعل الطبيعي فتح بعض الملفات في قضايا التمويل والتدريب والتشويه واتسعت امام هذا كله الفجوة بين شباب الثورة والمجلس العسكري حتي انتهت تماما العلاقة بينهما في ظل غياب كامل للثقة وصدام أصبح واضحا امام الجميع.
في الوقت الذي شاركت فيه جماعة الإخوان المسلمين والسلفيون في الثورة مع قوي الثوار كنا امام نموذج فريد في وحدة الهدف والقضية حتي سقط رأس النظام وبدأت رحلة الانقسامات بين فصائل الثوار, وهنا أخذ الإسلاميون بكل تياراتهم جانبا تاركين التيارات الأخري تواجه قدرها مع أجهزة الأمن في عمليات تصفية معنوية بل ودموية امام اسلوب مختلف في المواجهة.. وهنا أيضا كان غياب القوي الإسلامية عن أحداث ماسبيرو والبالون والسفارة الإسرائيلية ومحمد محمود ومجلس الوزراء, وكانت القطيعة بين التيارات الإسلامية وبقية القوي الشبابية..وظهر الانقسام واضحا في البيان الدستوري والاستفتاءات عليه ثم كانت الانتخابات البرلمانية واكتساح القوي الإسلامية.. وحين أعلن مجلسي الشعب والشوري عن تشكيل لجنة صياغة الدستور كان الانقسام قد وصل إلي درجة الصدام المباشر حتي اتضحت صورة الخديعة في الترشيحات الرئاسية التي عصفت بكل إحتمالات التوافق أوجمع الكلمة مرة أخري.
لم يكن التوافق بين المجلس العسكري وجماعة الإخوان المسلمين بعد الثورة امرا طبيعيا ولكنه كان يثير الكثير من التساؤلات وسوء الظن.. ورغم هذا كله ترك المجلس العسكري التيارات الإسلامية تجتاح الانتخابات البرلمانية وتحصل علي أغلبية غير مسبوقة في تاريخ العمل البرلماني في مصر.. وفي المقابل صمت الإخوان المسلمون والسلفيون علي محاولات قمع الثوار وتهميش دورهم وإخراجهم تماما من معركة التوازنات بين القوي السياسية.. وكان هناك مايشبه الاتفاق بين اطراف اللعبة إلا ان المجلس العسكري إنزعج كثيرا حينما ظهرت الرغبات الشرسة للتيار الإسلامي في السيطرة علي السلطة, وهنا إختفت حالة الثقة المؤقتة وبدأ الحديث عن سحب الثقة من الحكومة والتشكيك في صحة مجلس الشعب ثم كانت معركة لجنة إعداد الدستور وترشيح المهندس خيرت الشاطر للرئاسة رغم عهد قديم من الإخوان بعدم الاقتراب من هذه المنطقة.
عادت البيانات العنيفة المتبادلة وتغيرت لغة الخطاب تماما وأصبح الإنقسام حقيقة مؤكدة, ولم يعد غياب الثقة بين أطراف اللعبة شيئا خافيا وأصبح الطريق إلي صدام مباشر خطرا يهدد امن مصر واستقرارها.
امام الفراغ الرهيب في الشارع السياسي والتجاوز الكبير في الرغبات والتطلعات بدأت بوادر انقسام بين التيارات الإسلامية, وبقدر ما اتفقت مع ايام الثورة الأولي والانتخابات البرلمانية في تقسيم الغنائم بقدر ما اتسعت هوة الخلافات بينها حول الترشح لمنصب رئيس الجمهورية.. بل إن هذه الخلافات اتضحت داخل جلسات مجلسي الشعب والشوري في إختيار اعضاء اللجنة التأسيسية للدستور. وأمام انسحاب القوي الليبرالية والعلمانية من اللجنة بدا واضحا ان التيارات الإسلامية تحاول توحيد كلمتها رغم مابينها من الخلافات وإن بقيت الانتخابات الرئاسية هي اهم واخطر إختبارات صدق النوايا بين هذه التيارات..
في جانب أخر كانت الانقسامات في سلطة القضاء وما شهده نادي القضاة من خلافات وما حدث في قضية المتهمين الأمريكيين الذين تم الإفراج عنهم في قضية التمويل الأجنبي وما تركته هذه القضية من آثار سيئة لدي القضاة انفسهم امام إهتزاز الثقة في سلطة العدالة.
لم يكن غريبا امام كل هذه الظواهر السلبية ان يحدث انقسام حاد بين الأجيال القديمة التي تتحمل المسئولية وبين شباب مصر سواء من ثاروا في ميدان التحرير أو من استشهدوا في بورسعيد,وهنا ايضا دخلت اجيال جديدة من طلاب المدارس ومشجعي كرة القدم ساحة الانقسامات والصدام وإتسعت الفجوة بين ابناء المجتمع الواحد حين فشل الجميع في إيجاد صيغة عاقلة للحوار امام واقع سياسي مرتبك تسوده الفوضي والإنقسام.
وسط هذا المناخ غابت الأحزاب السياسية عن المشهد تماما وتحولت إلي توابع تجري وراء هذا أو ذاك, وفقدت دورها وتأثيرها ومواقعها في الشارع المصري حين لعبت علي كل الحبال واستسلمت امام إغراءات وهمية لقوي أخري.ولم يكن هذا بعيدا عن مواكب الليبراليين والعلمانيين الذين تسربوا ليلا من ميدان التحرير تاركين الثوار يلقون مصيرهم باحثين عن شيء من الغنائم, وللأسف الشديد أنهم لم يحصلوا علي الكثير..
في كل هذه التغيرات الحادة كان الإعلام المصري يبحث عن دور وحين عادت مواكب الفلول إلي الساحة بأموالها الضخمة كان في استقبالها عدد كبير من مهرجي الإعلام وسماسرة الفضائيات وكذابي الزفة وتحولت ابواقهم إلي منصات لإطلاق الأكاذيب وإعلان الحرب علي الثورة والثوار ونشر الفتن بين القوي السياسية بحيث تحملت الثورة كل خطايا المرحلة الإنتقالية وبدأ البكاء علي أطلال الزمن الماضي.
إن الشئ المؤكد ان المشهد الآن يدعو للأسف الشديد حيث تحول الشارع المصري إلي أبواق لإلقاء التهم والتشكيك في كل شيء والبحث عن الغنائم.
لا أحد يعلم هل ما يحدث الأن علي السطح هو الحقيقة ام ان هناك اسرارا خفية وبرامج أخري بين القوي السياسية التي تصورت أنها أخذت كل شيء وهل يمكن ان يسير مجتمع إلي الأمام في ظل هذه الانقسامات التي تهدد بصدام حقيقي قادم.. وكيف يمكن للقوي السياسية ان تتفاوض أو تتحاور في ظل إحساس بعدم الثقة. ومن تري يثق في الآخر والمجتمع كله لم يعد يثق في بعضه ؟..
المجلس العسكري مازال حائرا بين ثورة لم يقتنع بها تماما واشباح حكم رحلت, ولكنها تظهر من حين لآخر وتبدو واضحة في مواقفه.
الإخوان المسلمون حائرون بين مجلس فتح لهم كل الأبواب ويخافون ان ينقلب عليهم في أي لحظة لأن بينهم تاريخا قديما يؤكد ذلك ويفتح ابوابا للشك والإرتياب.
والسلفيون لا يصدقون انفسهم حتي الأن وهم يتصدرون المشهد السياسي الذي لم يحلموا به يوما ولم يكن في حساباتهم الماضية أو المستقبلية..
وشباب الثورة الذي فقد ثقته في الأجيال القديمة والسلطة والإخوان والسلفيين وحتي رفاق الميدان الذين هربوا إلي الغنائم هذا الشباب الذي دفع ثمن الثورة ولم يأخذ شيئا منها تحول في نظر البعض إلي بلطجية يقف الجميع ضدهم الآن.
في ظل هذا كله كيف نتحدث عن عودة الإستقرار والأمن والرغبة في بناء مستقبل جديد لهذا الوطن ونحن لا نثق في بعضنا,والكل يكذب علي الكل وهناك آلاف الأقنعة وآلاف الخناجر ولا أحد يعلم متي يكون الصدام..
كيف تركنا الأشياء تفلت من بين أيدينا وتختفي تماما لغة الحوار ويتحول المجتمع كله إلي أقليات وطوائف وفصائل لا تري بعضها ولا تسمع.. كيف يحدث ذلك في مصر بلد الفكر والحكمة والثقافة, واي لعنه تلك التي حلت بنا
وما بين صراعات القوي التي كانت بالأمس القريب تقف صفا واحدا في الثورة وجدناها الآن وقد تحولت إلي ميليشيات تصفي بعضها بعضا بينما تنظر مواكب الفلول من بعيد تنتظر فرصة الانقضاض علي الجميع ومعها قراصنة العهد البائد العائدين إلي الساحة مرة اخري ليعيد التاريخ دورته في مستنقع فساد جديد..
..ويبقي الشعر
باريس..
الآن أجلس في ربوعك..
دون همس أو كلام
قطعوا لساني
إني فقدت النطق يا باريس من زمن بعيد
قالوا بأن الناس تولد..
ثم تنطق.. ثم تحلم ما تريد
وأنا أعيش وفي فمي قيد عنيد
قطعوا لساني..
قطعوه يوما عندما سمعوه
يصرخ في براءته القديمة
عند أعتاب الكبار
إني أحب.. ولا أحب
صاحوا جميعا..
كيف لا دخلت لقاموس الصغار
صلبوا لساني علقوه علي الجدار
قطعوه في وضح النهار
من يومها وأنا أقول.. ولا أقول
وأري لساني جثة خرساء تنظر في ذهول
وأخاف منه فربما يوما يصيح
ويثور في وجهي القبيح
فلقد رأيت دماءه كالنهر..
تغرق وجه أيامي.. ويسقط كالذبيح
وحشيت من غضب الكبار
مازلت ألمح طيفه الدامي.. علي صدر الجدار
في كل وقت أمضغ الكلمات في جوفي.. وأبلعها
وتنزف بين أعماقي.. وتصرخ في شراييني
ويحملني الدوار.. إلي الدوار
كلماتنا.. جثث تنام بداخلي
فأنا أقول.. ولا أقول
وأنا أموت.. ولا أموت
كلماتنا قتلي..
ودماؤها السوداء في صدري تسيل
لا تعجبي باريس من صمتي
فصوتي بين أعماقي قتيل
باريس..
إني اكتفيت بأن أري عينيك
خلف السين كالعمر الجميل
فالصبح في عيني شئ مستحيل
والحلم في أعناقنا قيد ثقيل
كم كنت أحلم..
أن أجيء إليك مشدود الخطي
لكن قيدا في الضلوع يشدني
وأقوم يجذبني
وأصرخ يحتويني.. ثم أسقط كالحطام
وأري الكلام يسيل من صدري..
وينزف تحت أقدامي..
ويلقيه الزحام.. إلي الزحام
كلماتنا صارت دماء
ودماؤنا صارت كلام
القيد يا باريس علمني الكثير
فالضوء في أيامنا شيء محال
والخبز للأبناء عجز..
أو دموع.. أو خيال
والحلم في نومي ضلال
والصمت أفضل من سراديب السؤال
قالوا: لديك يسافر العشاق..
في حلم طويل لا يموت
والحب في أعماقنا
شبح تغلفه المنايا..
في خيوط العنكبوت
وإذا أتيت إليه يجذبني
فأهرب.. أو أموت
الحب في دمنا يموت
باريس..
إني أحاول أن أقول لديك شيئا..
آه من صمتي القبيح
قطعوا لساني..
ما زلت أخفي بعضه سرا..
وينزف بين أوراقي
أحنطه كتذكار لأيام مضت
لي في ربوعك قبل أن أمضي رجاء
سيجيء ابني ذات يوم
علميه النطق يا باريس
أن يحكي.. ويصرخ
أن يقول كما يشاء
فلقد تركت له لساني
بين أوراقي ذبيح
حتي تظل دماؤه بعدي تصيح
ز1989 س
[email protected]
المزيد من مقالات فاروق جويدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.