هناك جدل قانونى واسع قد أثير الفترة المنصرمة حول موضوع سحب جنسية بعض المصريين. ونجد أن مشروع القانون الذى وافق عليه مجلس الوزراء بشأن تعديل بعض أحكام قانون الجنسية المصرية قد تضمن العديد من التعديلات، فمن هذه المواد ما يتعلق بإسقاط الجنسية، ومنها ما يتعلق بسحبها ولكن كانت هناك حالة أثارت جدلا واسعا بين مواد مشروع القانون، وهى المادة التى نصت على إسقاط الجنسية عمن يصدر ضده حكم قضائي. وينص التعديل بسحب الجنسية الأصلية «فى حاله صدور حكم قضائى يثبت الانضمام إلى أى جماعة أو جمعية أو جهة أو منظمة أو عصابة أو أى كيان أيا كانت طبيعته أو شكله القانونى أو الفعلي، سواء كان مقرها داخل البلاد أو خارجها تهدف إلى المساس بالنظام العام للدولة أو تقويض النظام الاجتماعى أو الاقتصادى أو السياسى لها بالقوة أو بأى وسيله من الوسائل غير المشروعة» وبالتمعن فى دستور 2014 نجد انه قد خلق وضعا دستوريا مخالفا لما كان عليه دستور 1971 فنجد أن المشرع الدستورى فى دستور 1971، كان يطلق يد المشرع بشأن تنظيم موضوع الجنسية وأنواعها سواء كانت هذه الجنسية مكتسبة أم جنسية أصلية ومن حيث المنح والمنع. أما عن دستور 2014 بشأن الجنسية فنجد انه فى المادة 6 ينص على «الجنسية حق لمن يولد لأب مصرى أو لأم مصرية، والاعتراف القانونى به ومنحه أوراقاً رسمية تثبت بياناته الشخصية، حق يكفله القانون وينظمه» أى أن الدستور قد جعل اكتساب الجنسية المصرية حقا لكل من يولد لأب مصرية أو لام مصريه أى أن حق الجنسية هو حق لصيق لكل شخص يولد لأب مصرى أو أم مصرية ولان الدستور هو قمة الهرم القانونى فى الدولة ولا يجوز للأدنى مخالفة الأعلى بالتالى فلا يجوز أن يخالف التشريع نصا دستوريا مستقرا وصريحا، ولم تتحدث المادة 6 عن تنظيم القانون للجنسية إلا فقط فى الاعتراف القانونى به ومنحه أوراقا رسمية تثبت بياناته الشخصية، أى أن الجنسية هى حق دستورى ولا يجوز تعديله بالقانون ولكن بتغيير الدستور والاستفتاء على التغيير. ويرجع الجدل الأهم حول هذا التعديل بالإضافة إلى عدم دستوريته فاننى لاجد أى هدف واضح من هذا التعديل الغريب، بل اجد انه يضر بالأمن القومى المصرى أكثر من أن يفيده، فالذى قام بارتكاب عملا إرهابيا والقى القبض عليه قد تصل عقوبته إلى الإعدام أو السجن المشدد، ولذلك ما الداعى من وراء إسقاط الجنسية المصرية عنه، بالإضافة إلى قدرة الجهات الأمنية من ملاحقته إن استطاع الهرب وان كان خارج حدود الدولة المصرية، باعتباره مواطنا مصريا خاضعا لاتفاقيه تسليم المجرمين. أما إذا تم إسقاط الجنسية المصرية عنه فيكون نتيجة ذلك سقوط حق الدولة فى المطالبة بتسليمه كنتيجة فعلية وواقعية لإسقاط الجنسية عنه، لأنه فى مثل هذه الحالة لن يكون مواطنا مصريا وليس من حق الجهات الأمنية المصرية المطالبة بتسليمه سواء من الدولة المقيم بها من صدر ضده حكم قضائى أو من الانتربول الدولي. لا يمكن ان تكون جرائم الإرهاب من الأسباب المقبولة لدى المجتمع الدولى لسحب الجنسية، وفى حاله سحب الجنسية عن بعض المصريين مرتكبى هذه الجرائم ينضمون إلى ملايين الأشخاص «عديمى الجنسية» فى العالم والقانون الدولى يعتبر المتسبب فى ذلك مخالفا للقواعد والاتفاقيات الدولية. ولكن السؤال يطرح نفسه هل نسقط الجنسية عنهم لنعاقبهم أم لنكافئهم؟! أعتقد أن الإجابة الأمثل والأولى بالاتباع هى العقاب نظرا لما اقترفه من إثم شنيع فى حق وطنه، ولكننا عندما نسقط عنهم الجنسية فإننا نفلتهم بالقانون من إخضاعهم للعقاب ونمنع بالقانون الجهات الأمنية المصرية من قيامها بملاحقه مثل هؤلاء المجرمين. فنجد أننا قد عاقبناهم بالقانون وكافأناهم وأفلتناهم من العقاب أيضا بالقانون، بالإضافة إلى قدرتهم فى التحرك والانتقال من دولة لاخرى، بدون أى رهبة أو خوف من استيقافهم بإحدى الدول الذين يعبرون منها أو إليها وتسليمهم إلى السلطات الأمنية المصرية، علاوة على اننا سنعطيهم الورقة القانونية لقبول أعطائهم اللجوء السياسي، لدى بعض الدول الاخرى، نظير إسقاط دولتهم الجنسية عنهم. والآن يجب علينا جميعا أن نستفيق وان نتكاتف جميعا أمام هذا الشبح اللعين الذى يهدد أمن وسلامة بلادنا الحبيبة وان نشرع قوانين تحاكم مرتكب هذه الجرائم وتعاقبه بطريقه ناجزة واجزة وان يكون العقاب رادعا لكل من تسول له نفسه أن يضر أمن واستقرار وطننا الحبيب، وان ندعم التعاون الدولى دون مخالفة الدستور وإعطاء مبررات لحماية الإرهابيين الهاربين. ومن ناحية اخرى التوسع فى الإسقاط والسحب للجنسية المصرية فإن المجتمع الدولى قد اتفق على انه لا يجوز ان يستخدم كعقوبة لجرائم جنائية دولية او محلية وإلا اعتبر مخالفة قانونية واضحة للحقوق الاساسية للانسان. لمزيد من مقالات د. نبيل احمد حلمى;