لعله أجمل حوار دار بينى وبين الساحر وهو الاسم الذى كنا ننادى به الكاتب والأديب والصحفى والمفكر وصاحب الكتب التى بلا عدد والرحلات إلى كل بقاع الأرض، والتى هى أيضا بلا عدد.. والذى اسمه أنيس منصور.. ونحن نجلس يحتضننا ضوء القمر على ظهر باخرة سياحية اسمها أوزوريس وهو اسم رب الخير والسلام عند أجدادنا المصريين.. الذين عرفوا الله قبل كل شعوب الأرض.. كما عرفوا أن للإنسان ربا يحميه وأن هناك آخرة سوف يحاسب عليها الإنسان عندما يصعد إلى السماء.. قال: ألا تعرف ياعزيزى أن أوزوريس هذا هو نفسه سيدنا إدريس عليه السلام الذى صعد بأمر إلهى إلى السماء قبل الزمان بزمان.. وأن إخناتون هو أول نبى نزل إلى الناس بديانة التوحيد وهو من الأنبياء الذين لم يذكرهم القرآن الكريم حسب نص الآية القرآنية: «منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك».. ولكن كما تقول الأساطير الإغريقية إن رب الأرباب عندما رأى سيدنا آدم عليه السلام وحيدا فى الجنة.. أرسل إليه من تؤنس وحدته وتدفى فراشه وتملأ عليه حياته.. بوصفه أول من نزل الجنة من مخلوقات الله، ولكن عندما أراد الله أن يخلق المرأة كما تقول الأساطير الهندية. يسألنى ربما لأول مرة: وماذا تقول الأسطورة الهندية عن المرأة التى أنزلها الله لكى تؤنس وحدته وتكون رفيقة له حتى آخر العمر؟ قلت: الأسطورة تقول: إنه عندما أراد الله أن يخلق المرأة... أخذ من القمر استدارة وجهه.. ومن النجوم لمعانها.. ومن الأزهار شذاها وألوانها.. ومن الأغصان رقتها.. ومن الأوراق خفتها.. ومن السحب دموعها.. ومن الشمس إشراقها.. ومن العصفور زقزقته.. ومن المها عيونها.. ومن الحرباء تلونها.. ومن الحية حكمتها.. ومن الثعلب مكره.. ومن العقرب لدغته. ومن الزمن غدره وخيانته.. ومزج كل هذه الأشياء وخلق منها المرأة.. ثم قدمها للرجل. هكذا تقول الأسطورة الهندية فى المرأة.. هذا المخلوق النورانى الذى اسمه المرأة.. والذى خلقه الله من ضلع سيدنا آدم.. فهى إذن لم تخلق من تراب مثله.. ولكن الله خلقها من دم ولحم سيدها ومولاها.. فآدم عليه السلام هو أبوها وهو أمها.. وإن كان سيدنا آدم نفسه بلا أب وبلا أم.. فقد صنعه الله من صلصال كالفخار .. ونفخ فيه من روحه فصار بشرا سويا.. هكذا جاءت المرأة إلى الدنيا كشعاع من نور ربانى أنزله الله فوق بحيرة صافية فى ليلة مقمرة لتخرج إلينا هذه المخلوقة الساحرة القادرة التى لا مقاومة لسحرها. يسألنى هو لأول مرة يريد أن يعرف رأيي: وهل ياعزيزى يمكن أن تتصف المرأة بالجمال والفضيلة معا.. أم أنها كما قال فيها الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه. «فى النساء ثلاث خصال من خصال اليهود.. يحلفن وهن الكاذبات. ويتظلمن وهن الظالمات.. ويتمنعن وهن الراغبات.. فاستعيذوا بالله من شرارهن وكونوا من خيارهن على حذر!». ............... ............... وقبل الزمان بزمان.. كانت المرأة المصرية هى شعاع النور الذى أضاء الطريق أمام رجال مصر لكى يصنعوا أعظم حضارة عرفها الإنسان.. وقد قال حكماء مصر العظام قبل أكثر من أربعين قرنا من الزمان. «قلب المرأة كزهرة اللوتس التى تتفتح عندما يسكنها الحب». «المرأة كالعشب الناعم تنحنى أمام النسيم ولا تنكسر أمام العاصفة». «المرأة كالمسكن، جمال واجهته لايكفى وليس معناه أن داخله مريح». «امرأة بلا ثقافة كسفينة بغير مرشد تسير على غير هدى كما تسوقها الريح أو يجرفها التيار». «المرأة أعقل من الرجل لأنها تعرف أقل.. وتفهم أكثر!». ويقول الحكيم كاجمني: «الزوجة الصالحة هبة من الإله لمن يستحقها». «علموا المرأة يتعلم الرجل.. ويتعلم الشعب». ويقول الحكيم بتاح حتب وهو ينصح ابنه: «المرأة الجميلة.. ليست دائما طيبة.. ولكن المرأة الطيبة دائما جميلة». ............... ............... مازلنا جلوسا على سطح الباخرة السياحية التى تحمل اسم أوزوريس والراسيه على نيل الأقصر والحوار مازال بيننا وبين الساحر الذى اسمه أنيس منصور. وكاتب هذه السطور: قلت اسمح لى ياعزيزى ساحر القلوب والأفكار: الذى قرأته وعلمته أن الإنسان المصرى أنصف المرأة قبل الزمان بزمان.. وقال فيها فيم قال: «لاتنظر إلى زوجة جارك.. إذا أردت أن تصون بيتك وتحافظ على زوجتك». «لاتتكبر ولا تتجبر إذا أقبلت عليك الدنيا وتنس بيتك وزوجتك التى وقفت معك فإن النعمة تزول إذا نسيت أن لك فيها شركاء». ولاتنس ياعزيزى أن الإسلام قد أنصف المرأة كما لم ينصفها دين سماوى من قبل.. عندما قال الحق عز وجل فى كتابه العزيز: «وجعل بينكم مودة ورحمة». ومن النساء من اصطفاهن الله وأجلسهن فى مقعد صدق عند مليك مقتدر.. مثل العذراء مريم أم سيدنا عيسى عليه السلام.. ومثل أمنا حواء.. ومثل يوكابد أم سيدنا موسى التى ألقت بوليدها فى اليم كما أمرها الله.. ومثل آسيا امرأة فرعون المؤمنة التى دعت ربها أن يخلصها من فرعون وقومه وأن يجعل لها بيتا فى الجنة.. وهو يقول : ومن النساء من جلسن على عرش مصر عبر تاريخها الطويل، ولقد جلس على عرش مصر كما يقول المؤرخون تسع عشرة ملكة.. أولاهن مريت نيت أول ملكة جلست على العرش فى الدنيا كلها فى القرن الثالث والثلاثين قبل الميلاد يعنى منذ نحو 5200 سنة وحكمت بمفردها نحو عشرين عاما.. وقد ورثت عرش مصر عن أبيها الملك وادجى رابع ملوك الأسرة الأولي. ولدينا الملكة حتشبسوت عمة الملك تحتمس الثالث.. وأقوى ملكة جلست على عرش مصر.. ومن بعدها جلست كليوباترا فى القرن الأول قبل الميلاد.. ورغم أصولها الإغريقية إلا أنها كانت مصرية مصرية حتى النخاع! وآخر ملكة جلست على عرش مصر هى شجرة الدر التى أنقذت مصر من آخر الحملات الصليبية.. وأخفت خبر موت زوجها السلطان الصالح نجم الدين أيوب عن جنوده.. وقادت جيوش مصر إلى النصر.. وأسرت الملك لويس التاسع ملك فرنسا وحبسته فى دار ابن لقمان فى المنصورة حتى دفع الفدية، وحملته السفن مع ما بقى من جنوده إلى بلاده! ولا فرق بين إمرأة جلست على العرش.. وامرأة تحمل الغداء والماء إلى زوجها الغارق فى عرقه والمصلوب تحت شمس الظهيرة على خطوط الزرع فى حقله.. فالمرأة هى المرأة.. فى كل عصر وكل أوان وفى كل زمان وفى كل مكان.. فالجمال امرأة.. والخير إمرأة.. والشر امرأة.. والرذيلة أيضا امرأة ! فإذا كانت المرأة كما يقول الشاعر ملتون أجمل رذائل الطبيعة.. فإن النساء كما قال على بن أبى طالب شر كلهن.. وشر ما فيهن الحاجة إليهن ! وحيرة الرجل أنه لا يعرف أين يبدأ الملاك، وأين ينتهى الشيطان فى المرأة.. فالله صنع الإنسان ولكن الشيطان صنع المرأة.. وليس هذا كلامي.. ولكنه كلام الروائى الفرنسى العظيم فيكتور هوجو.. وماتريده المرأة يريده الشيطان أحيانا.. وليس هذا كلامى أيضا.. ولكنه كلام الروائى الروسى الكبير ليو تولستوي!.. صاحب ملحمة أنا كارنينا .......... .......... قلت للساحر أنيس منصور وشمس الصباح تشق طريقها خلف النخيل عند نيل الأقصر : دعنى أحكى لك عن امرأة حديثها القرآن.. قال وهو يعتدل فى مجلسه : هات ما عندك يا فقيه الصحافة. قلت: لقد قرأت فى كتاب الكاتب حازم الخولى عن امرأة لاتتحدث إلا بالقرآن.. قال : بينما عبد الله بن المبارك فى طريقه إلى الحج.. وجد عجوزا عربية قد اتخذت مكانا نائيا : فذهب إليها وقال لها : السلام عليكم ورحمة الله.. قالت: (سلام قولا من رب رحيم).. فقال لها: ماذا تصنعين هنا فى هذا القفر؟ فقالت: (من يضلل الله فلا هادى له).. فسألها عن وجهتها : فقالت: (سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصي) فقال لها : وكم لبثت هنا ؟ قالت: (ثلاث ليال سويا..) فقال لها: وأين طعامك؟.. قالت: (هو يطعمنى ويسقين).. فقال لها: وأين ماء الوضوء؟ قالت: (فإن لم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا).. فقدم لها بعض الطعام وقال: هذا طعام حلال فكلي.. قالت: (ثم أتموا الصيام إلى الليل).. فقال لها: ليس هذا شهر رمضان فقالت: (ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم).. فقال لها: ورخصة الإفطار فى السفر؟.. قالت: (وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون).. فقال لها: تكلمى بمثل لهجتي.. قالت: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).. قلت لها: ومن أى القبائل أنت؟.. قالت: (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا).. قال لها: سامحينى فقد أخطأت.. فقالت: (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم).. فقال لها أتدركين قافلتك على ناقتي؟.. قالت: (وما تفعلوا من خير يعلمه الله).. فقال لها اركبي.. قالت: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم).. فقال لها بعد أن أناخ الناقة : هيا.. قالت: (سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين).. ولما أخذ بزمام الناقة وصاح.. قالت: (واقصد فى مشيك واغضض من صوتك).. ولما أخذ يمشى الهوينى يهزج ويحدو قالت: (فاقرأوا ما تيسر من القرآن) قال لها: لقد أوتيت خيرا كثيرا.. قالت: (وما يذكر إلا أولو الألباب).. فقال لها : يا خالة هل لك زوج ؟ قالت: (ياأيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم).. ولما أدركوا القافلة التى ضلت منها.. سألها: هل من ولد أو قريب لك فيها ؟.. فقالت: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا).. ولما سألها أسماء أولادها : قالت: (واتخذ الله إبراهيم خليلا... وكلم الله موسى تكليما... يا يحيى خذ الكتاب بقوة).. ولما نادت عليهم بأسمائهم لبوا مسرعين.. فقالت لهم: (فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه).. ولما جاءوا بالطعام.. قالت لابن المبارك : (كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم فى الأيام الخالية).. ولما استوضح ابن المبارك الأمر من أولادها.. قالوا : إن أمهم هذه لا تتكلم إلا بالقرآن منذ أربعين سنة خوفا من الخطأ واستمساكا بكلام الله ومحبة الله.. .......... .......... أين نحن الآن أيها السادة من هذا الزمان الغابر زمان العظمة والرقى والقرب من المولى تعالى ونحن نعيش أولى أيام سنة هجرية جديدة.. وكل سنة وأنتم طيبون.. { Email:[email protected] صدقونى من فضل الله على الإنسان أن يرزقه زوجة طيبة وولدا صالحا.. ولكن أين هى فى هذا الزمان.. الزوجة الطيبة.. وأين هو الولد الصالح؟ لمزيد من مقالات عزت السعدنى;