استيقظت ألمانيا أمس على بدء الولاية الرابعة للمستشارة أنجيلا ميركل التى حققت على رأس التحالف المحافظ فوزا صعبا فى الانتخابات التشريعية التى جرت أمس الأول، لتشرع بعدها فى مفاوضات شاقة لتشكيل حكومة ائتلافية لا يتوقع إتمامها قبل نهاية العام الحالى. وأكدت ميركل فى أول تصريحات لها بخصوص مفاوضات التحالف الحكومى أنها وحزبها المسيحى الديمقراطى نالا تفويضا لتشكيل الحكومة، وتعهدت بتشكيل حكومة تتسم بالاستقرار لمواجهة ما وصفته بحالة القلق على المستوى الدولي. وأعربت «المستشارة الأم» عن أملها فى إتمام عملية تشكيل التحالف بحلول العام الجديد وأعياد الكريسماس على حد تعبيرها. ويتعذر على ميركل وتحالفها المحافظ والمؤلف من الحزب المسيحى الديمقراطى وحليفه الاتحاد المسيحى الديمقراطى فى بافاريا تشكيل الحكومة بشكل منفرد، وذلك بعد فوزهم ب33% فقط من أصوات الناخبين. وأعلن الحزب الاشتراكى الديمقراطى بزعامة مارتن شولتز والذى حل فى المرتبة الثانية بإجمالى أصوات لم يتجاوز 22% انضمامه إلى صفوف المعارضة وانسحابه من أى مفاوضات لتشكيل الحكومة الائتلافي، وذلك بعد مشاركته ميركل فى الحكم منذ عام 2013. وترجح المؤشرات اتجاه ميركل لتحقيق الأغلبية داخل «البوندستاج» عبر تشكيل تحالف ثلاثى غير مسبوق مع حزب الخضر، الذى حاز على حوالى 9% من الأصوات وأعلن استعداده التفاوض بهذا الشأن، ومع الحزب الديمقراطى الحر الذى حقق حوالى 10٫7% من الأصوات، مع استبعاد التفاوض مع الحزب اليمينى المتطرف الذى يحل فى المرتبة الثالثة بين القوى الحزبية ويدخل البوندستاج لأول مرة بإجمالى أصوات بلغ 13٫5%. وأطلقت الصحافة الألمانية على هذا التحالف المحتمل مسمى تحالف «جامايكا»، فى إشارة إلى توافق الألوان المرتبطة بالكتل الحزبية الثلاث - وهى الأسود والأصفر والأخضر - وألوان علم جامايكا. ومن جانبه، سارع حزب «البديل من أجل ألمانيا» إلى الدفاع عن موقف مرشحيه الفائزين بمقاعد البوندستاج، مؤكدا أن أيا منهم لا يلتزم بمواقف متطرفة، وذلك فى محاولة لتحييد الانتقادات والمخاوف التى تتعلق بالحزب وتوجهاته السياسية. وأظهرت الساعات الأولى اللاحقة على إعلان النتائج انقسامات واضحة داخل حزب البديل، حيث أعلنت زعيمة الحزب فراوكه بيترى أنها لن تشارك فى الكتلة البرلمانية لحزبها، وذلك رغم فوزها بمقعد عن ولاية ساكسونيا شرقى ألمانيا. وأثارت نتائج الانتخابات عددا من ردود الفعل على المستوى الشعبي، حيث خرجت المسيرات الاحتفالية بين أنصار ميركل وتحالفها المحافظ، فيما شهدت مناطق متعددة من العاصمة برلين وعدد من الولايات الألمانية خروج مظاهرات مناوئة لفوز البديل ومنددة بسياسات الحزب اليميني، ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها «البديل ليس بديلا لألمانيا»، وشهدت هذه المظاهرات مشاركة واسعة من جانب المهاجرين والتكتلات المسلمة. كما أعرب عدد من المنظمات المتحدثة باسم اليهود فى ألمانيا وأوروبا مثل المجلس المركزى اليهودى والمؤتمر اليهودى الأوروبى عن قلقهما إزاء نجاح حزب البديل فى الدخول إلى البرلمان الألماني، فيما أعرب بيان صادر عن المؤتمر اليهودى الأوروبى عن الثقة فى قدرة باقى الأحزاب الممثلة داخل البوندستاج على تحجيم تمثيل البديل فى أى ائتلاف مستقبلا. وفيما يتعلق بردود الفعل العالمية، سارع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون بتهنئة المستشارة ميركل بنصرها الانتخابي، مؤكدا مواصلاتهما العمل معا بعزم فى مسيرة التعاون الضرورى بين البلدين، فيما أكد جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية أن الاتحاد الأوروبى بحاجة إلى حكومة مستقرة فى ألمانيا أكثر من أى وقت مضى.