أكد «الفلاح الفصيح» محمد برغش رئيس جمعية السلام التعاونية الزراعية لاستصلاح الأراضى بالبحيرة أن المشاكل المزمنة ظلمت القطن داخليا وخارجيا، مما أدى إلى تراجع هذا المحصول الاستراتيجي، وهو ما اثر على سمعته الدولية وأدى إلى تراجع متوسط انتاجية الفدان لتصل لنحو 5 قناطير، ناهيك عن المشكلات المتراكمة التى تواجه مزارعى القطن منذ عشرات السنين والتجاهل الذى يعانون منه. وقال برغش إن وضع القطن المصرى يستدعى وقفة حاسمة وتكاتف الجهود من جميع الجهات المختصة حتى يسترد عرشه عالميا فزراعة القطن تعانى من عدة أزمات قلصت مساحته المزروعة منذ الثمانينيات، حيث تراجعت المساحة من نحو مليون ونصف المليون فدان فى السبعينيات إلى نحو 120 ألف فدان حاليا، ولم يتم تصدير سوى 32 ألف طن فقط العام الماضى ونتيجة للخسائر الكبيرة التى منيت بها زراعة القطن أحرق الفلاحون محاصيلهم وتحولوا لزراعات أخرى فيما لجأ البعض الآخر لحيلة تأخير موعد زراعة القطن لحين حصاد محصولى القمح والبرسيم مما اثر سلبيا على جودته. وأضاف محمد برغش أنه مع شعور المسئولين عن أزمة القطن تم أخيرا تدشين حملة للنهوض بالمحصول هذا العام لافتا إلى أنها صحوة متأخرة ولكنها محمودة، ولكن لا يمنع وجود أزمة بسبب العقول التى تدير المنظومة والأيادى المرتعشة التى تفتقر شجاعة اتخاذ القرار، موضحا أن المسئولين لم يدركوا حتى الآن أن الزمن تغير تماما فعندما كان الطلب يتزايد على القطن طويل التيلة كانت هناك ملابس خاصة بكل طبقة من طبقات المجتمع أى هناك نوعا خاصا بالأغنياء وآخر للطبقة المتوسطة وثالثة للبسطاء أما الآن فالسواد الأعظم يرتدى ملابس حديثة كالجينز وغيره. وبنبرة حزن وألم، كشف محمد برغش الخبير فى حقوق الفلاح أن التراجع الحاد فى حجم المساحات المنزرعة قطنا فى البحيرة وغيرها يعود إلى تآخر الحكومة فى اعلان أسعار شراء القطن من الفلاحين وعدم وجود تعهدات قوية من الدولة بتسويقه حيث ظل المحصول حائرا بين الفلاح والحكومة والقطاع الخاص لفترات طويلة وهو ما أدى الى القلق وعدم القدرة على تصريف المحصول، مشيرا إلى ان الحكومة أسقطت القطن من حساباتها ولم تعطه أدنى اهتمام كما أن أسعاره انهارت وتسببت فى صدمة كبرى للفلاحين الذين لم يجدوا سوى استخدامه علفا للماشية وهو ما زاد العبء على كاهلهم وضاعف من حجم الكارثة. ولفت إلى أن القضية تحتاج إلى ترتيب الأولويات وتنظيم أوضاع التعامل مع مشكلة القطن فى مراحله المختلفة بدءا من زراعته وحتى وصوله كمنتج فى صورته النهائية إلى المستهلك حتى نتحاشى حجم المشكلات التى تواجه إنتاجه وتلقى بظلالها فى نهاية المطاف على الفلاح، مؤكدا أن الأرقام كشفت عن تجاهل أكثر 95% من المزارعين للمحصول لأول مرة، فلم يتم زراعة سوى 14 ألف فدان العام الماضى و32 ألفا هذا العام فى محافظة البحيرة التى تتخطى رقعتها الزراعية مليون فدان مما يدق ناقوس الخطر ويهدد صناعة الغزل والنسيج وسط تجاهل كبير من أجهزة الدولة، مطالبا الحكومة بإعادة النظر فى السياسة الزراعية حتى لا تتعرض للانهيار تدريجيا وسرعة تحكيم صوت العقل وعدم تجاهل الفلاح. وشدد برغش على ضرورة الاهتمام بقضية أسعار المحاصيل الزراعية خاصة القطن بناء على دراسات دقيقة لتكاليف الزراعة ومستلزمات الإنتاج وتكاليف المعاملات الزراعية وأجور العمالة وقيمة الإيجار ومكافحة الآفات والحصاد ووضع هامش ربح بحيث يحقق للمزارع مردودا مرضيا ويكون المردود أكبر بإمداد المزارع بالتقاوى المنتقاة والمستلزمات الجيدة، والرقابة على المبيدات والأسمدة والتدخل فى أسعارها.