وصفتهم الأممالمتحدة بأنهم شعب بلا صديق يرفضهم بلدهم ولا ترغب دول الجوار فى إيوائهم وبأنهم الأقلية الدينية الأكثر تعرضاً للإضطهاد فى العالم.. أرهقهم الفقر ومازالوا يفرون من ديارهم منذ عقود، وقال بابا الفاتيكان فرانسيس إنهم يعانون منذ سنوات ويُعذَّبون ويُقتَّلون لا لشىء إلاَّ أنهم مسلمون يريدون ممارسة معتقداتهم وثقافتهم.. لقد طُردوا وهُجِّروا لأنه لا أحد يريدهم مع أنهم ناس طيبون ومسالمون. إنهم أبناء عرقية الروهينجا الذين يُقدَّر عددهم فى شمال غرب ميانمار (بورما سابقاً) فى شرق آسيا بأكثر من مليون إنسان تصر الحكومة ومعها الأغلبية البوذية على أنهم مهاجرون غير شرعيين ويرفضون منحهم الجنسية ويذيقونهم سوء العذاب لإجبارهم على ترك ديارهم لدرجة أن مفوضية الأممالمتحدة لشئون اللاجئين أعلنت أمس أن 270 ألفا روهينجى فروا إلى بنجلاديش خلال الأسبوعين الأخيرين فقط. كل ذلك وحكومات 57 دولة إسلامية تجمعها منظمة تُدعى التعاون الإسلامى تكتفى ببيانات الشجب والإدانة ومناشدة حكومة ميانمار والمجتمع الدولى التدخل لوقف تلك الجرائم ضد المسلمين دون أن تبادر هى أو أى من أعضائها بخطوة عملية ولو بسحب سفيرها منها أوطرد سفير تلك الدولة أو وقف التصدير والإستيراد معها لإجبار حكومتها على إنهاء الأعتداءات وأحدثها قيام جيرانهم البوذيين بإحدى قرى ولاية أراكان بمحاصرتهم ومنعهم من الذهاب إلى أعمالهم أو جلب طعام أو مياه وفقاً لما ذكره موظفو إغاثة لوكالة رويترز، واعترفت الشرطة بقيام البوذيين بمنعهم من التوجه إلى أعمالهم وبتقييد حركتهم لكنها نفت أنهم يفرضون قيوداً على كميات الطعام. حدث هذا وسط تصعيد لحملة عسكرية وأمنية بدأت فى أكتوبر 2016 ضد الروهينجا رداً على مصرع تسعة شرطيين راح ضحيتها عشرات الأبرياء واضطر نحو 87 ألف روهينجى للفرار إلى بنجلاديش المجاورة وأكثر من 22 ألفاً لترك ديارهم والإقامة فى خيام بالداخل وفقاً لمفوضية الأممالمتحدة لشئون اللاجئين التى وصفت الهجمات بأنها ممنهجة.وقبل أيام أعلنت الحكومة أن 71 شخصاً قُتلوا فى اشتباكات بين قوات الأمن ومسلحين من الروهينجا قالت إنهم هاجموا 24 نقطة للشرطة، وحاولوا اقتحام قاعدة للجيش مما قد يزيد الوضع اشتعالاً. منظمات حقوقية عديدة اتهمت قوات الأمن والجيش بارتكاب أعمال قتل وتعذيب واغتصاب وإحراق ضد الروهينجا ترقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وتطهير عرقى، وقالت إنها وثَّقت حالات اغتصاب جماعى تحت تهديد السلاح لنساء ولفتيات لا تتجاوز أعمارهن 13 عاماً وقتل وحشى بالسكاكين لأطفال تتراوح أعمارهم بين 8 شهور وست سنوات. فيانجى لى مقررة الأممالمتحدة الخاصة لحقوق الإنسان بميانمار أعلنت فى مارس أن جرائم مؤكدة ضد الإنسانية ارتكبها أفراد من الجيش والشرطة وحرس الحدود ومواطنون بحق الروهينجا وأبلغت (بى بى سى)أن الوضع أسوأ بكثير مما كانت تتوقع بعدما استمعت لفارين منهم إلى بنجلاديش عقب رفض السلطات السماح لها بدخول منطقة الصراع. وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش فى ديسمبر إن الجيش أحرق 1500 منزل على الأقل لمسلمى الروهينجا وإن صور الأقمار الصناعية وشهادات الشهود أوضحت أن قوات الجيش هى التى أضرمت النار، وأن الحرائق نُفِّذت فى مناطق أجرت فيها عمليات أمنية مما يدل على أنها عمليات انتقامية. أما جون ماكيسيك المسئول البارز فى مفوضية اللاجئين فقال إن ميانمار تسعى لتطهير عرقى والتخلص من أقلية الروهينجا وإن الجيش والشرطة يشاركان فى عقاب جماعى لهم.كما ذكر تقرير لمفوضية حقوق الإنسان أن أقلية (الكيمين) المسلمة تتعرض أيضاً لاضطهاد وانتهاكات وحرمان من حق المواطنة والاعتراف بهم كقومية وأن نحو 120 ألفاً منهم ومن الروهينجا يعيشون فى خيام ولم يتمكن 30 ألفاً من أطفالهم من الالتحاق بالمدارس. الحكومة ردت على كل الاتهامات بأنها مبالغ فيها لكن زيد بن رعد مفوض حقوق الإنسان قال: إذا لم يكن لدى الحكومة ما تخشاه فلماذا منعت المراقبين من الدخول؟. فالروهينجا الفارون أكدوا أن قوات الأمن أحرقت مئات المنازل والمدارس والمحال والأسواق والمساجد الخاصة بهم وبداخلها أحياناً مسلمون بل وأرغمت بعضهم على دخول منازل تشتعل فيها النيران. وبينما أعلنت بنجلاديش أنها لم يَعُد بوسعها استقبال المزيد منهم وستكتفى بكبار السن والنساء والأطفال وقالت منظمة العفو الدولية إن حكومتها اعتقلت المئات منهم وأجبرتهم على العودة ليلاقوا مصيراً غير واضح لم يعد لهؤلاء المساكين الذين يقولون إنهم من نسل تجار عرب وجماعات أخرى وفدوا إلى المنطقة منذ أجيال مكان يحتمون به. فمنذ استقلال البلد عام 1948 تعرضوا لسلسلة مجازر وتهجير قسرى واعتبرتهم الحكومة بموجب قانون أصدرته عام 1982 مهاجرين غير شرعيين ورفض البرلمان منحهم الجنسية وتم فى التسعينيات إلغاء بطاقات مؤقتة منحتهم حق التصويت. ولأن الدول الغربية تخشى إضعاف قوة أول حكومة منتخبة ديمقراطياً هناك إذا اتخذت ضدها أى إجراء وتعجز الحكومات الإسلامية عن عمل شىء يبدو أن المعاناة لن تنتهى فى المستقبل المنظور.. فعفواً إخواننا فى الدين إن كنا قد احتفلنا بالعيد فى المتنزهات والملاهى وأنتم محاصرون فى البيوت والخيام والمعتقلات. لمزيد من مقالات عطية عيسوى