شهدت العاصمة الفرنسية باريس قمة أوروبية أفريقية لبحث مواجهة هجرة الأفارقة إلى أوروبا، شارك فيها رؤساء فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، وتشاد والنيجر وليبيا. واقترحت القمة مراقبة حدود تشاد والنيجر مع ليبيا لمنع تدفق المهاجرين الأفارقة، ومحاولة معالجة المشكلة قبل شروعهم فى عبور المتوسط نحو أوروبا، التى أصبحت الهجرة غير الشرعية تؤرق حكوماتها. وفى حقيقة الأمر أن هذه القمة وغيرها من الفعاليات والإجراءات التى تتخذها الدول الأوروبية لن تضع حدا لوقف تدفق هجرات الأفارقة، وإن حدت منها بعض الشىء، وذلك لأن كل هذه الإجراءات تعالج أعراض الظاهرة، وليس أسبابها الحقيقية وجذورها العميقة، المتمثلة فى انتشار الحروب الأهلية والنزاعات المسلحة، وافتقار عدد كبير من دول القارة لأنظمة الحكم الرشيد، وما ترتب عليه من عدم عدالة توزيع الثروة وعدم إرساء مبدأ المواطنة، و إهمال توفير الخدمات العامة وفرص العمل للمواطنين. وغالبية المهاجرين الأفارقة من الشباب، الذين فشلوا فى تحقيق الحد الأدنى من الحياة الكريمة فى بلادهم، فخاطروا وركبوا البحر سعيا عن حياة أفضل. ولن تتوقف موجات الهجرة طالما استمرت مسبباتها الموضوعية، وطالما استشرت مافيا وعصابات الإتجار بالبشر، التى تؤكد التقارير أنهم يعملون فى مئات المليارات من الدولارات. وعلى الدول الغربية أن تدرك أن فى رقابها دينا تاريخيا للشعوب الأفريقية، التى استعمروها واستنزفوا ثرواتها البشرية والمادية عقودا طويلة، وما زال الاستنزاف مستمرا، وعليهم الآن أن يسددوا جزءا من دينهم التاريخى بشراكات اقتصادية عادلة ومشاركات فى التنمية بالدول الأفريقية، وبدعم تطورها نحو الحكم الرشيد، وأيضا بحل الأزمة الليبية حلا عادلا شاملا، وحينئذ ستتوقف طوابير الهجرة الشرعية وغير الشرعية إلى أوروبا. لمزيد من مقالات أسماء الحسينى