واصلت السلطات التركية أمس حملة القمع المستمرة منذ الانقلاب الفاشل يوليو العام الماضي، فى الوقت الذى عزز فيه الرئيس رجب طيب أردوغان من سلطاته على جهاز المخابرات الوطنية. وفى مرسومين صدرا بموجب قانون الطوارئ الذى فرضته أنقرة بعد المحاولة الانقلابية، أقالت تركيا أكثر من 900 موظف فى وزارات مختلفة ومؤسسات عامة وفى الجيش، إلى جانب ضرورة أخذ الإذن من أردوغان لاستجواب رئيس جهاز المخابرات الوطنية أو إدلائه بالشهادة. وأقالت تركيا أو أوقفت عن العمل نحو 150 ألف موظف ومسئول منذ الانقلاب الفاشل، كما تلقى القبض على نحو 10 آلاف، انتظارا لمحاكمتهم ومن بينهم جنود وأفراد من الشرطة وموظفون. على صعيد متصل، وفى إطار العلاقات التركية الأوروبية المتوترة بسبب حملة القمع المتواصلة فى أنقرة، أكد زيجمار جابرييل وزير الخارجية الألماني، أن تركيا لن تصبح أبدا عضوا بالاتحاد الأوروبى ما دام يحكمها الرئيس أردوغان، متهما إياه بأنه لا يأخذ محادثات الانضمام للاتحاد على محمل الجد. وقال جابرييل فى تصريحات خاصة لصحيفة «بيلد» واسعة الانتشار «من الواضح أنه فى هذه الحالة، لن تصبح تركيا أبدا عضوا فى الاتحاد الأوروبي». وأضاف «ليس هذا لأننا لا نريدهم وإنما لأن الحكومة التركية وأردوغان يهرولان بعيدا عن كل ما تدافع عنه أوروبا». وانتقد زعماء الاتحاد حملة أردوغان على المعارضة قبل وبعد الانقلاب الفاشل. وتوقفت محادثات الانضمام إلى الاتحاد فعليا برغم أن تركيا ما تزال مرشحة للعضوية. وقد زاد توتر العلاقات مؤخرا بين برلينوأنقرة، بعدما حث أردوغان الألمان من أصل تركى على مقاطعة الأحزاب الرئيسية فى الانتخابات العامة المقررة فى الشهر المقبل. وفى السياق نفسه، حذر وزير الخارجية النمساوى سباستيان كورتس، تركيا بأنها تتجه بعيدا عن عضوية الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن أردوغان «يظهر ملامح ديكتاتورية واضحة». وقال كورتس إن أردوغان يأخذ بلاده فى «اتجاه زائف وخطير» بعيدا عن الشروط اللازمة لعضوية الاتحاد الأوروبي. وأضاف أن تعامل أردوغان مع أصحاب الآراء المختلفة والأقليات غير مقبول على الإطلاق، مشيرا إلى أنه حتى تنضم تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، يتعين عليها أن تظهر احتراما للديمقراطية وحقوق الإنسان. وفى إستوكهولم، استدعت الخارجية السويدية السفير التركى لسؤاله عن سبب قبض أنقرة على اثنين من مواطنيها. وكتبت مارجوت وولستروم وزيرة الخارجية السويدية رسالة نشرت على «فيس بوك»، قالت فيها: «أعضاء الحكومة السويدية وأنا عبرنا منذ وقت طويل بوضوح للمسئولين الأتراك عن رؤيتنا حيال هذه القضايا وكذلك حيال التطورات المقلقة فى تركيا».وأضافت: «شددنا على أن للأحداث الأخيرة تأثيرا مباشرا على علاقتنا وعلى علاقة الاتحاد الأوروبى بتركيا». وأوضحت أن بلادها تريد «التأكد» من عدم استخدام مذكرات الإنتربول فى شكل تعسفى «لغايات سياسية». واعتقل السويدى على غروى المستشار فى تكنولوجيا المعلومات، بينما كان يشارك فى الخامس من يوليو الماضى فى مؤتمر عن حرية الإنترنت قرب إسطنبول، بينما اعتقل الكاتب التركى السويدى حمزة يلجين المعروف بانتقاده نظام أنقرة فى الثالث من أغسطس الحالى فى برشلونة، إنفاذا لمذكرة توقيف دولية أصدرتها تركيا. وتتهم أنقرة مواطنين سويديين ب»دعم منظمات إرهابية»، فى إشارة إلى أنصار الداعية فتح الله جولن المتهم بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة.