كان شابا صغيرا عندما جاء من مدينة دمنهور يلتقط صورا للأفراح بحثا عن مصدر رزق شريف.. ولم يكن يعلم انه سوف يصبح واحدا من كوكبة فريدة صنعت تاريخا طويلا للصورة الصحفية.. هذا هو انطون البير مصور الأهرام الشهير وواحد من رموز التصوير الصحفي في مدرسة جمعت محمد يوسف وإميل كرم وتوني فارس ومحمد لطفي ومحمد القيعي وشبابا كثيرا واعدا قدم خبراته وتجاربه للأهرام العريق.. هذا الجيل من المصورين وضع الصورة الصحفية في مقدمة المشهد بعد ان كانت الكلمة هي الأساس انطلق هذا الجيل وقدم إبداعا جديدا بحيث أصبحت الصورة تحتل مكانة تتجاوز أحيانا الكلمات.. وكانت هناك خبطات صحفية خطيرة قامت علي الصورة.. كان انطون البير واحدا من هذه النخبة وانتقل من مصور شاب صاعد حتي اصبح المصور الخاص لأكثر من رئيس دولة عمل مع جميع الرؤساء المصريين كمصور للرئاسة منذ قيام ثورة يوليو وحتي ثورة يناير التي تمني لو صورها من بعيد وهو علي سرير المرض.. وفي مكتبه بالأهرام كنت تشاهد متحفا فنيا رائعا لصوره رموز الفن المصري في عصره الذهبي ام كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم وفاتن حمامة ونادية لطفي وسعاد حسني ومديحة يسري وتجد صور كتابنا الكبار العقاد والحكيم وطه حسين وهيكل ونجيب محفوظ ويوسف إدريس.. لم يكن انطون يتعامل مع الكاميرا بلغة الإحتراف كان دائما يبحث عن الفن ويختار من الزوايا ما يرضي ذوقه الفني قبل أي شئ آخر.. كثيرا ما كان يلتقط الصور لأحد النجوم ثم يكتشف انها لا ترضيه ويلقي بها بعيدا ويبحث عن ميعاد جديد لصورة أخري ترضي جنون الفنان فيه. كثيرا ما كان يقتحم مكتبي ومعه رفاق مشواره من ابناء دمنهور الروائي صبري العسكري والشاعران عبد القادر حميدة وفتحي سعيد ونذهب جميعا إلي الراحل الكبير توفيق الحكيم وهو من ابناء دمنهور.. كان انطون البير دمثا في أخلاقه محبا للجميع وعاش في سكون بروح الفنان وفي هدوء رحل مثل كل الأشياء الجميلة. [email protected] المزيد من أعمدة فاروق جويدة