كانت السكة الحديد من مفاخر المصريين طوال عشرات السنين فقد كانت مصر من أقدم الدول التى استخدمت هذه الوسيلة الحديثة فى العصر الحديث..إن الأجيال القديمة من المصريين تتحدث عن مستوى الخدمة والنظافة والانضباط والمواعيد فى هذه المؤسسة العريقة وهى تعتبر من أفخم المشروعات الكبرى فى مصر، ويكفى أنها تنقل يوميا أكثر من 2 مليون مواطن بين كل محافظات مصر..ومنذ تغلغل الفساد فى هذا المرفق الخطير تراجع مستوى الخدمة والأداء ثم زادت الأزمة تعقيدا حين زادت نسبة الحوادث وتم عزل وإعفاء أكثر من وزير بسبب ذلك..والغريب أن الكوارث زادت وأصبحت شيئا عاديا فى حياة المصريين أن يسقط مئات القتلى كل عام بين أشلاء القطارات المتهالكة..إن عزل مسئول أو حتى دخوله السجن ليس حلا أمام أعداد كبيرة من الضحايا خاصة إذا تكررت الحوادث..إن السكة الحديد تعانى منذ زمن بعيد من أكثر من مشكلة..لقد ساءت حالة القطارات وتآكلت مع الزمن وتحولت القضبان إلى حديد خردة ولم تعد قادرة على العمل وقبل هذا كله فإن مستوى الإدارة فى الهيئة قد تراجع فى السنوات الماضية من النواحى الإدارية والفنية..لقد تحولت هيئة السكة الحديد إلى عملية استنزاف للأموال ولم تعد ميزانية الدولة قادرة على أن تلبى مطالبها لشراء القطارات أو الجرارات أو القضبان خاصة عمليات الاستيراد المشبوهة لمعدات كثيرة هذا بجانب كتلة بشرية من العاملين فيها تزيد على 80 ألف موظف ما بين فنى وإداري..وما حدث فى كارثة القطارين من القاهرة وبورسعيد إلى الإسكندرية صورة شاهدناها قبل ذلك أكثر من مرة ثم انتهى كل شىء..إن هيئة السكة الحديد تحتاج إلى عملية تجديد كاملة فى الآلات والمعدات والبشر قبل كل شىء..إنها تدار حتى الآن بعقليات الخمسينات والستينات ونحن لا ندرك أن هناك ثورة فى وسائل المواصلات على مستوى العالم..لقد فكرت الدولة يوما فى شراكة القطاع الخاص أو رأس المال الأجنبى أو إدارة أجنبية ولم يحدث شىء من ذلك كله..مازالت قضايا الفساد والإهمال تحاصرنا فى كل شىء وإذا انتهينا من كارثة وجدنا كارثة أخرى وهيئة السكة الحديد تراث قديم من الإهمال والفساد وسوء الإدارة. [email protected] لمزيد من مقالات فاروق جويدة