أعضاء مجلس الشيوخ يؤدون اليمين الدستورية    رئيس الجلسة الافتتاحية بالشيوخ ومعاوناه يؤدون اليمين الدستورية    عاشور: الذكاء الاصطناعي ضرورة استراتيجية لدعم اقتصاد المعرفة    أسعار الذهب في الصاغة بمنتصف تعاملات اليوم السبت    شعبة الأدوات الكهربائية: استمرار مبادرة دعم الأنشطة الإنتاجية ينعش القطاع الصناعي    محافظ بني سويف: مهرجان النباتات الطبية تتويج لمسار من العمل المتكامل    انتشال جثامين 9 شهداء بحي الزيتون في غزة    من كانتونا حتى ساليبا، فرنسا الأكثر تمثيلا للاعبين في الدوري الإنجليزي    ضبط 114 مخالفة مرورية و62 حالة تعاطي مخدرات خلال 24 ساعة    ضبط 114 ألف مخالفة مرورية و66 حالة تعاطي مخدرات بين السائقين    لليوم الثاني على التوالي.. إطلاق طائرات الباراموتور بمشاركة 100 مغامر أجنبي من 15 دولة بالأقصر    إقبال جماهيري كبير على متحف التحرير لمشاهدة آثار توت عنخ آمون قبل إغلاق قاعته (صور)    محافظ أسوان يفاجئ مخابز ومحلات جزارة بكوم إمبو    تعرف على عقوبة عدم التصويت في الانتخابات البرلمانية    اليونيسف: غزة بحاجة إلى 600 شاحنة مساعدات و50 شاحنة وقود يوميًا لتفادي الكارثة الإنسانية    استقرار نسبي في أسعار الفراخ اليوم السبت 18 اكتوبر 2025فى المنيا    طقس اليوم السبت.. أجواء حارة نهارا وبرودة في الليل    مصرع 3 أشخاص وإصابة 15 شخصا فى حادثى سير بالطريق الصحراوى بالبحيرة    السبت 18 أكتوبر 2025.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع اليوم    ماريان خورى تفتتح فعاليات سينى جونة بمهرجان الجونة السينمائى    بعد نجاتها من حادث سير.. نجوى إبراهيم تكشف تطورات حالتها الصحية (فيديو)    مواقيت الصلاة اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    جولة لمدير الرعاية الصحية بالأقصر بوحدة طب أسرة طيبة لمتابعة خدمات المواطنين    بدء تقديم خدمات كهرباء القلب بمستشفيى بنها ودمنهور التعليميين    نجاح عمليتين دقيقتين لجراحة الوجه والفكين بمستشفى شربين المركزي في الدقهلية    ترامب يدعو أوكرانيا وروسيا إلى وقف الحرب فورا    «الحوض والظهر».. المعد البدني السابق للأهلي يكشف سبب إصابات أشرف داري    فرنسا تواجه كولومبيا على برونزية كأس العالم للشباب الليلة    رئيس صريبا: قمة بوتين وترامب في المجر أهم قمة في القرن 21    طريقة عمل البطاطا الحلوة بالبشاميل، تحلية مغذية ولذيذة    وزير الري: مواصلة إدارة الموقف المائي بصورة ديناميكية وفقا للرصد اللحظي في أعالي النيل والتنبؤات الهيدرولوجية    عبد البصير: موقع المتحف الكبير سيحوّل المنطقة إلى مقصد ثقافي عالمي    لا ترهق نفسك بالتفاصيل غير الضرورية.. خظ برج الجدي اليوم 18 أكتوبر    عبير الشرقاوي مهاجمة نقابة المهن التمثيلية بسبب تجاهل اسم والدها: «خسرت كتير»    ذات يوم.. 18 أكتوبر 2006.. وفاة الكاتب المفكر محمد عودة.. «الفقير» الذى اغتنى بلمة المريدين ومؤلفات ومواقف تحمل أمانة الكلمة وضميرا يقظا لم تخترقه أى إغراءات    أمير الغناء العربي يلتقي جمهوره في أبو ظبي مساء 26 أكتوبر    أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 18 أكتوبر 2025    تشييع جثمان تلميذ الإسماعيلية ضحية زميله اليوم من مسجد المطافي    ترامب يفرض رسوما جمركية جديدة على الشاحنات والحافلات    الموافقة على إنشاء 3 كليات جديدة.. تفاصيل اجتماع مجلس أمناء جامعة بنها الأهلية    نائب وزير الصحة تتفقد وحدة طب أسرة الذراع البحري وتعقد اجتماعًا تنسيقيًا لضبط معدلات الولادات القيصرية في الإسكندرية    مواعيد مباريات اليوم السبت 18 أكتوبر والقنوات الناقلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 18-10-2025 في محافظة قنا    الزمالك يواجه ديكيداها الصومالي في مستهل مشواره بالكونفدرالية الأفريقية    استقرار أسعار اللحوم في المنيا اليوم السبت 18 أكتوبر 2025    الجنائية الدولية ترفض طلب إسرائيل بإلغاء توقيف نتنياهو وجالانت    اليوم.. الحكم على 37 متهما بقضية "خلية التجمع"    الصين توافق على محادثات تجارية جديدة مع الولايات المتحدة في أقرب وقت ممكن    تعادل مثير بين سان جيرمان وستراسبورج في الدوري الفرنسي    المصري هيثم حسن يقود تشكيل ريال أوفييدو أمام إسبانيول في الليجا    انخفاض كبير في عيار 21 الآن بالمصنعية.. سعر الذهب والسبائك اليوم السبت بالصاغة    رسميا.. فوز أسامة أبو زيد برئاسة نادى الشمس للمرة الثالثة على التوالى    حكم التعصب لأحد الأندية الرياضية والسخرية منه.. الإفتاء تُجيب    هل يجوز للمريض ترك الصلاة؟.. الإفتاء تُجيب    شراكة استراتيجية لتعزيز التعاون الأمنى بين «القاهرة» و«نيودلهى»    ِشارك صحافة من وإلى المواطن    القطط فى مصر القديمة.. الرفاق الذين أصبحوا آلهة    العلماء يؤكدون: أحاديث فضل سورة الكهف يوم الجمعة منها الصحيح ومنها الضعيف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خوفا من الدخول فى النفق المظلم
نشر في الأهرام اليومي يوم 07 - 08 - 2017

أتحدث عن نفق مظلم، يبدو أن الجمعيات والمؤسسات الأهلية قد بدأت تدخل إليه، والنفق يحتاج إلى إنارة وبعض نقاط الضوء، التى تخرج بها إلى النور، وتعيد دورها فى تقديم خدماتها للناس، وفى كل ربوع مصر. إن الاقتراب من وضعية الجمعيات والمؤسسات الأهلية فى اللحظة الحالية، وبعد صدور القانون 70 لسنة 2017 ، ينطق بواقع يحتاج إلى التعامل معه، ولا يعود الأمر كله إلى ما أطلق عليه معركة التشريع والتى احتدمت فى السنوات الماضية ، فى محاولة الوصول الى قانون تتوافق حوله الأطراف ، ولكن هناك مجموعة من الأسباب تفسر وصول الجمعيات الأهلية إلى أبواب النفق المظلم.
صحيح أن القانون 70 عقد من وضعية الجمعيات ، خاصة وأنه خرج من البرلمان، وفى غيبة أى حوارات مجتمعية جادة، وعصف بمشروع قانون وزارة التضامن الاجتماعي، وهو قانون معتدل إلى حد كبير توافقت حوله الآراء، واحترم الكل اعتبارات الأمن القومي، إلا أن تهميش البرلمان للقوى المجتمعية والفئات المستهدفة بالقانون من جانب، والإطاحة بكل الجهود السابقة المتراكمة، وإصدار قانون مختلف وبعد جلسة واحدة من النقاش، قد أسهم فى تعميق أزمة عدم الثقة. هذه الأزمة التى اتسمت بها العلاقة بين الجمعيات والمنظمات الأهلية - خاصة المنظمات الحقوقية - والحكومة، امتدت إلى مجمل المنظمات الأهلية والرأى العام، وممثلى الشعب فى البرلمان، ومنظمات أجنبية ودوّل كبرى (أبرزها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي)، وذلك باعتبار القانون المذكور يخرج عن الاتجاهات العالمية للقوانين ويحد من حريات المجتمع المدني.
فى السياق الصعب والمعقد، ارتبكت منظومة القيم وتصاعدت قضايا اجتماعية واقتصادية وقيم سلبية، تفاعلت مع وضعية الجمعيات الأهلية، وهى محصلة البيئة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وهو أمر طبيعى للغاية، فهى ليست كائنا هبط علينا من الفضاء.
لقد شهدت هذه الفترة 2011-2017، تراجعا تدريجيا فيما نطلق عليه القدرة الاستجابية للجمعيات والمؤسسات الأهلية، أى قدرتها على التجاوب مع المطالَب والضغوط الاجتماعية المتزايدة، ويشمل ذلك الخدمات الصحية وقضايا السكان، ويشمل أيضا التعليم وجهود التثقيف والتنوير. ويمتد إلى العمل الحقيقى لصالح تمكين المرأة، وحماية الأطفال وذوى الاحتياجات الخاصة ، وقدرات التعامل مع العنف فى الأسرة وحماية الأسرة من التفكك.
الأكثر من ذلك ان مكافحة الفقر، والتصاعد الشديد فى كل أسعار السلع والخدمات، وجشع قطاع من التجار. هذه وغيرها لم تصاحبها جهود فعالة لحماية المستهلكين، ولا اقترابات جديدة لتمكين الفقراء، ويشهد على ذلك أن الغالبية العظمى من الجمعيات التى تم تسجيلها فى السنوات الست الماضية، كانت جمعيات خيرية تعتمد على علاقة مباشرة بين مانح ومتلق، وغالبيتها فى صعيد مصر الأكثر فقرا، ولها سمة دينية تحرك التبرع ومشاعر العطاء الديني. إذن هيكل الجمعيات والمؤسسات الأهلية لم تتغير ملامحه بعد يناير 2011، بل على العكس تعمقت سماته السلبية، وأهمها: غلبة العمل الخيري، التوزيع الجغرافى غير العادل للجمعيات ، محدودية الابتكار والإبداع للتجاوب مع احتياجات الناس.
ونحن نتحدث عن الخوف من دخول النفق المظلم، قد يكون من المفيد الإشارة الى تراجع عدد الجمعيات الأهلية المسجلة حديثا فى مصر، ونعتمد فيها على البيانات الرسمية للحكومة، وهى تحمل رسالة واضحة للجميع، هى تراجع المشاركة المجتمعية. فى عام 2017 سجلت الإحصاءات الرسمية تسجيل 50 جمعية فقط فى الشهور الستة الأولى ، وقد تصل الى 100 مع نهاية العام. بينما فى عام 2016 تم تسجيل 138، فى 2015 تم تسجيل 311 جمعية جديدة ، وفى عام 2014 كان عدد الجمعيات الجديدة 919 جمعية. وفى السنوات الثلاث بعد ثورة يناير تم تسجيل 8146 جمعية وهو ما مثل طفرة لها مبرراتها فى هذا السياق خاصة إذا علمنا أن أكثر من نصفها كانت تابعة لجماعة الإخوان والسلفيين.
الملاحظة العامة إذن هى الاتجاه التنازلى فى عدد الجمعيات الجديدة المسجلة فى السنوات الأخيرة، ما يكشف عن العزوف عن المشاركة الاجتماعية. وقد عمق من هذا الاتجاه - لا شك - الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التى أثرت على العطاء المجتمعى سلبيا ، وكذلك تراجع التمويل الأجنبي. إلى جانب الشك وعدم اليقين فى المستقبل والتخوفات السائدة من تجريم الفعل التطوعى وسريان الإحباط.
يستلزم ذلك وبسرعة وجدية التحرك لإنعاش هذا القطاع التطوعي، وفى اعتقادى مهم التوقف عن التغنى بأن اجمالى عدد الجمعيات فى مصر، أكثر من 48 ألف جمعية، الأهم هنا الفعالية والنشاط، وليس الأرقام ، خاصة إذا علمنا أن قاعدة بيانات وزارة التضامن الاجتماعى تشير إلى أن 18000 جمعية غير عاملة وغير نشطة ولم يمكن الاستدلال على عناوينها أو مقراتها ولا يتوافر عنها، أى تقارير. إذن حين يكون فى مصر جمعيات وهمية بهذا العدد، يعنى إننا إزاء مشكلة وقد تطول الأمن القومى ، ويعنى غياب قدرة الجهة الإدارية المعنية على المراقبة والمتابعة.
نحن أمام مشهد قاتم لابد من إدراكه والاعتراف به، ثم مواجهته لضخ الدم إلى هذا القطاع، وقد تكون نقطة البداية أمرين. أولهما توسيع مشاركة الجمعيات والمؤسسات الأهلية فى عملية صنع السياسات الاجتماعية والاقتصادية وتوظيف الخبرات المتراكمة لديهم فى التعامل مع القواعد الشعبية، فى الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية والبيئة وتمكين الفئات المهمشة. ثانيهما التوسع فى الشراكات بين الحكومة والقطاع الأهلى والقطاع الخاص، بحيث تستند هذه الشراكات على معايير واضحة ومعلنة وشفافة وتتوزع المسؤوليات بين الأطراف، بحيث يتم توظيف المزايا النسبية لكل طرف ويتم احترام قواعد المساءلة والمحاسبة.
من المهم إعادة ترتيب الأولويات والقضايا ذات الأولوية، ويكون الدعوة لعقد مؤتمر قومى للجمعيات والمؤسسات الأهلية، فرصة جيدة للم الشمل وتبادل الحوار بين مختلف الأطراف. مهم تحريك المياه الراكدة ودعم وتشجيع الجمعيات للعمل معا والتعاون واتخاذ مختلف الإجراءات الميسرة والمحفزة للمبادرات الطوعية، وإلا دخل الجميع فى النفق المظلم.
لمزيد من مقالات د. امانى قنديل;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.