للأسف الشديد تنتشر الخزعبلات والخرافات وقصص السحر الأسود والعفريت أبو ذيل طويل أو أبو ذيل أحمر حتي يومنا هذا فى السنة السابعة عشر من القرن الواحد والعشرين. ولكن أن تخرج هذه الخزعبلات من أشخاص لهم وزنهم وثقلهم مدججون بالعلم والمعرفة والثقافة أو هكذا نعتقد.. فهذا أسف أشد. فقد نشر أحد المواقع يوم السبت الماضي تصريحا لرئيس منطقة أثار قال فيه "إن أعضاء إحدى الفرق الأثرية عثروا على "عمل سُفلي" دفنه أحد السحرة في منطقة أثرية تخضع لعمليات تطوير.. وأوضح أنه أثناء متابعة الفريق الأثري لأعمال تطوير المنطقة الأثرية عُثر على (3 ورقات ملفوفة في كيس، ويربطها خيط سميك ومدفونة على عمق مترين أسفل شجرة الجميز العتيقة).. مضيفًا: "قمنا بفضها واتضح أنها ثلاث ورقات مقصوصة على هيئة عروسة أو بنت وعليها كتابات بالحبر الأزرق وطلاسم غير مفهومة يرجح أنها عمل سحري". والفكاهة أو سخرية القدر منا ومن المسئولين عن أثارنا إن شئنا الدقة لم تتوقف عند ما قاله رئيس منطقة الأثار تلك بل إمتدت أيضًا إلي رد فعله وردة فعل أعضاء الفريق الأثري حيث أكد سعادته أن أحد أعضاء الفريق الأثري تعامل مع الورقات الثلاثة ب "رش الماء والملح، وقراءة آيات من القرآن الكريم، ثم ألقاها في النيل". وبعيدا عن صحة ودقة ما قاله رئيس منطقة الأثار، فالغالب عندى أن هذا حدث لأننا نراه بصورة يومية فى حياتنا العادية. فالخرافة تنتشر بسبب الجهل ونقص التعليم، لقد كان الناس فى عهد المماليك يعتقدون أن أمراضهم ليس سببها الجوع والفقر وإنما العفاريت, فانتشر الدجالون الذين يعالجون بالخزعبلات وبالرقص والزار.. ومن ثم كان طبيعيا مادام هذا حال أهلنا أن تفرز هذه البيئة ثقافة ركيكة.. وجهلا منتشرا. حتي ظهرت فى الأفق عبقرية محمد على الذي لم يفكر كثيرًا فى كيفية الحل!.. ولم يشكل لجانا للدراسة ولا لرفع التقارير.. وإنما كان علاجه واضحًا وناجزًا.. ألا وهو التعليم ثم التعليم. وما فعله رئيس منطقة الأثار، ذكرني بمشهد فى إحدى حلقات مسلسل "عفاريت عدلى علام" للفنان عادل إمام.. هذا المشهد كنت أتمني أن أكتب عنه مرة بعد الأخرى لإظهار خطورته، فقد كان عبارة عن تضحية الناس بجثث من الأطفال لكي يتقربوا بها إلى الجن الأحمر الذى سوف يساعدهم فى معرفة مكان الأثار والذهب المدفون.. وبعد التضحية بإحدي الجثث، ينتهي المشهد بخروج الناس محملين بالذهب والفضة والأثار. مشهد يعمل على انتشار الخرافات والخزعبلات.. ويعكس ما يدور فى الشارع من قلة التعليم وسوء للفهم والإدراك.. وبدلا من القول بطريقة درامية لا لتلك الخرافات وأن هذا لا يليق ولا يجوز.. ظهر المشهد كدليل للعامة على صحة ما يفعلون فى حياتهم الطبيعية. بين كتابات بالحبر الأزرق وطلاسم غير مفهومة رجحها البعض أنها "عمل سحري"، وبين جلب أثار وذهب بدم أطفال وقتل أبرياء.. ابحث عن التعليم فهو العلاج الذي لا علاج غيره. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد سعيد طنطاوى;